و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

رقم 600 لسنة 2023

«النقض» تحيل قرار «هيئة الدواء» لشبهة عدم الدستورية وتعلق الطعن بجناية مخدرات

موقع الصفحة الأولى

قررت محكمة النقض وقف السير في أحد الطعون المعروض عليها، تعليقا لأحد قضايا المخدرات، وقررت إحالته إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في مدى دستورية قرار رئيس هيئة الدواء المصرية رقم 600 لسنة 2023، باعتباره توغلا في حق المشرع.  

ونظرت محكمة النقض الطعن رقم 8535 لسنة 94 قضائية، برئاسة القاضي محمد عبد العال، وعضوية القضاة، صلاح محمد أحمد وأيمن شعيب وشعبان محمود ومحمد فاروق، نواب رئيس المحكمة.  

وجاء في الطعن أن النيابة العامة اتهمت الطاعن في القضية رقم 7652 لسنة 2023 جنايات جرجا، والمُقيدة برقم 2428 السنة 2023 كلي جنوب سوهاج بأنه في يوم 2023/9/27 بدائرة مركز شرطة جرجا محافظة سوهاج، أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (ميثامفيتامين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، كما أحرز سلاحاً نارياً غير مششخن فرد خرطوش بدون ترخيص، وذخائر (طبقتان) مما تستعمل على السلاح الناري حال كونه غير مرخص له بحيازته أو إحرازه، وأحالته إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبته.  

وقضت محكمة جنايات سوهاج والمحكمة حضوريا بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه 50 ألف جنيه عن إحرازه للمواد المخدرة باعتبار إحرازه لها بغير قصد من القصود المسماة في القانون، وبالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه ألف جنيه عن تهمة إحرازه السلاح الناري والذخيرة ومصادرة المواد المخدرة والسلاح والذخيرة، فقرر المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.  

في 15من يناير سنة 2024 عملاً بالمواد،1، 2، 1/38، 1/42 من القانون رقم 182 لسنة 1960، المعدل، والبند رقم (91) من القسم الثاني من الجدول رقم (۱) الملحق به، والمُستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997، والمواد،1/1، 6، 1/26، 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل، والجدول رقم (2) المُلحق به مع إعمال نص المادتين 17، 32من قانون العقوبات للتهمتين الثانية والثالثة.

طعن النيابة

وبني طعن النيابة العامة على مخالفة الحكم المطعون فيه لقرار رئيس هيئة الدواء المصرية رقم 600 لسنة 2023 الصادر باستبدال الجداول الملحقة بقانون مكافحة المخدرات بتوقيع عقوبة تقل عن الحد الأدنى المقرر بنص المادتين 36، 2/38 من القانون182 لسنة 1960بشأن مكافحة المخدرات.  

تضمن ذلك القرار نقل جوهر الميثامفيتامين المخدر من القسم الثاني إلى القسم الأول (ب) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون 182لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل، وهو ما ترتب عليه تشديد العقوبة المقررة لجريمة إحراز تلك المادة بغير قصد من القصود المُسماة في القانون إلى السجن المؤبد، والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه، طبقاً للفقرة الثانية من المادة ۳۸ من القانون سالف الذكر.  

وأيضا، فقد كان مفاد نص المادة 1/29 من القانون رقم 48 لسنة 1979بإنشاء المحكمة الدستورية العليا أنه يجب على المحاكم على اختلاف درجاتها تطبيق القانون على الوجه الصحيح، وهو ما يستلزم من القاضي الجنائي أن يتحرى صحة القانون الصادر بالتجريم والعقاب الذي يقوم بتطبيقه على واقعة الدعوى من حيث مطابقته لمبدأ الشرعية الجنائية، الأمر الذي يتعين معه على هذه المحكمة - محكمة النقض - التعرض لمدى مطابقة قرار رئيس هيئة الدواء المصرية المبدأ الشرعية الجنائية باعتباره السند القانوني لطعن النيابة العامة في المطالبة بتشديد العقوبة  

 كما تنص المادة 95 من الدستور على أن العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون، ومن المقرر بنص المادة 32 من القانون رقم 182لسنة 1960المُعدل أن للوزير المختص بقرار يُصدره أن يُعدل في الجداول الملحقة بهذا القانون بالحذف وبالإضافة أو بتغيير النسب الواردة فيها، وكان من المستقر عليه في قضاء المحكمة الدستورية العليا في تفسير نص المادة 15 من الدستور وهي بصدد الفصل في الطعن بعدم دستورية المادة 32 من قانون مكافحة المخدرات، أنه طبقا للأعمال التحضيرية للمادة 66 من دستور 1923- المقابلة لنص المادة 95 من الدستور الحالي - أنه يجوز للسلطة التنفيذية أن تصدر لوائح لتحديد الجرائم، وتقرير العقوبات إلا أن شرط ذلك أن يتضمن القانون تفويضاً إلى السلطة التنفيذية بإصدار تلك اللوائح، وكانت القرارات التي يُصدرها الوزير المختص في هذا الشأن لا يستند في سلطة إصدارها إلى نص المادة 170من الدستور بشأن اللوائح التنفيذية، وإنما إلى نص المادة 95 من الدستور.  

كما أن القانون رقم 101 لسنة 2019 بإصدار قانون إنشاء هيئة الدواء المصرية، نص على أن تحل هيئة الدواء المصرية محل وزارة الصحة والسكان، ويحل رئيس مجلس إدارتها محل وزير الصحة والسكان"، وقد حصر في المادة الثانية من مواد الإصدار ذلك في الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 127 لسنة 1955في شأن مزاولة مهنة الصيدلة والمتعلقة بتنظيم تسجيل وتداول ورقابة المستحضرات والمستلزمات الخاضعة لأحكام هذا القانون، كما حدد هذا القانون أهداف تلك الهيئة واختصاصاتها التنظيمية والتنفيذية والرقابية، إلا أنه قد خلا من النص على تفويض رئيس هيئة الدواء المصرية في تعديل الجداول الملحقة بقانون المخدرات.  

وأضافت محكمة النقض أنه لا يُغير في ذلك ما نصت عليه المادة 15 من قانون إنشاء هيئة الدواء من أن "تتولى هيئة الدواء المصرية دون غيرها، الاختصاصات المقررة لوزارة الصحة والسكان والهيئة العامة والمصالح الحكومية فيما يخص تنظيم وتسجيل وتداول ورقابة المستحضرات الطبية الوارد تعريفها في المادة (1) من هذا القانون، والمواد الخام التي تدخل في تصنيعها أينما وردت في القوانين واللوائح والقرارات التنظيمية"، لأن هذا النص طبقاً لصريح ألفاظه لا يمكن اعتباره بمثابة تفويض من المشرع لرئيس هيئة الدواء في تعديل الجداول الملحقة بقانون المخدرات.  

قرار هيئة الدواء

وترى محكمة النقض أن قرار رئيس هيئة الدواء المصرية رقم 600 لسنة 2023باستبدال الجداول الملحقة بقانون المخدرات، قد صدر دون تفويض تشريعي بالمخالفة لنص المادتين 5، 95 من الدستور، وهو ما يُثير شبهة عدم الدستورية، ومن ثم تأمر المحكمة بوقف نظر الطعن وإحالة الأوراق - بغير رسوم - إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في هذه المسألة، عملاً بنص المادتين 25/ أولاً، 1/29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.  

ولذلك، حكمت المحكمة بقبول طعني النيابة العامة والمحكوم عليه شكلا، وبوقف نظر الطعن تعليقاً، وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية قرار رئيس هيئة الدواء المصرية رقم 600 لسنة 2023. 

تم نسخ الرابط