رقم 52 لسنة 29
بالمستندات.. أسباب حكم دستورية قانون ضريبة المبيعات: لا يخل بمبدأ العدالة الاجتماعية

أكدت المحكمة الدستورية العليا، دستورية قانون الضريبة العامة على المبيعات، وذلك بالحكم رقم 52 لسنة 29 ق دستورية، والذي صدر برفض طلب الحكم بعدم دستورية بعض مواد قانون الضريبة العامة على المبيعات، برئاسة المستشار بولس فهمي إسكندر، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين الدكتور عادل عمر شريف، ومحمود محمد غنيم، والدكتور عبد العزيز محمد سالمان، وطارق عبد العليم أبو العطا، وصلاح محمد الرويني، ومحمد أيمن سعد الدين عباس، نواب رئيس المحكمة، وحضور المستشار الدكتور عماد طارق البشري، رئيس هيئة المفوضين.
وقالت المحكمة الدستورية العليا في حكمها، إن الدستور الحالي اعتمد بمقتضى نص المادة 4 منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة 53 منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، ولكن ذلك لا يعني وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن تُعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، ومن ثم لا ينطوي على مخالفة لنص المادتين المشار إليهما، ما يعني أن التمييز المنهي عنه بموجبها هو ذلك الذي يكون تحكميا.
وأضافت المحكمة الدستورية أن الضرائب بكل صورها، تمثل في جوهرها عبئا ماليا على المكلفين بها، شأنها في ذلك شأن غيرها من الأعباء التي نظمها نص المادة 38 من الدستور، ويتعين بناءً على ذلك بالنظر إلى وطأتها وخطورة تكلفتها - أن يكون العدل من منظور اجتماعي، مهيمنا عليها بمختلف صورها محددًا الشروط الموضوعية لاقتضائها، مبتعدا عن التمييز بينها دون مسوغ، فذلك وحده ضمان خضوعها لشرط الحماية القانونية المتكافئة التي كفلها الدستور للمواطنين جميعا في شأن الحقوق عينها، فلا تحكمها إلا مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها.
ولفتت إلى أنه من المنطقي أن يلزم الدستور في المادة 38 منه الدولة بالارتقاء بالنظام الضريبي، وتبني النظم الحديثة التي تحقق الكفاءة واليسر والإحكام في تحصيل الضرائب، ونص على أن يحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب والرسوم، وصولا إلى تحديد المال المحمل بعبثها والمتخذ وعاءً لها، والملتزمين بها الذين تتوافر بالنسبة إليهم الواقعة المنشئة للضريبة.
ولفتت المحكمة الدستورية إلى أن الأصل في ضريبة المبيعات بحسبانها من الضرائب غير المباشرة أن يتحمل المستهلك عبئها، ومن ثم كان يتعين تحصيلها منه مباشرة باعتبار أنها في حقيقتها ضريبة على الاستهلاك، غير أنه لتعذر تطبيق ذلك من الناحية العملية، لكثرة المستهلكين، وضخامة عددهم، وصعوبة تحصيل هذه الضريبة منهم، وزيادة نفقاته، كان منطقيًّا أن يتجه المشرع إلى تحديد ملتزم آخر بأدائها؛ لتحقيق سرعة وسهولة ضبط عملية تحصيل الضريبة، وضمان توريدها إلى الخزانة العامة بما يحقق الغرض المقصود منها وهو الحصول على غلتها لمواجهة الإنفاق العام الناتج عن التوسع في المشروعات العامة التي تتصل بالمجالات المختلفة.
تحصيل ضريبة المبيعات
كما أن المشرع في مجال تحديده لوسائل تحصيل ضريبة المبيعات، اتخذ من التسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات وسيلة لحصر المكلفين والسلع والخدمات الخاضعة للضريبة، والرقابة على تحصيلها وتوريدها.
وقالت إن المشرع في إطار سعيه لحصر المجتمع الضريبي، وضمان تحصيل الضريبة وتوريدها في المواعيد المقررة، اتخذ من مراحل تطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات وسيلة لتحقيق هذا الهدف، بعد اتساع دائرة المكلفين بتحصيل الضريبة وتوريدها، لا سيما بعد تطبيق المرحلتين الثانية والثالثة من مراحل تطبيق الضريبة العامة على المبيعات المنصوص عليها في القانون رقم 11 لسنة 1991، وذلك بمراعاة أن التطبيق المرحلي للضريبة العامة على المبيعات بدأ من الفئات الأقدر على التسجيل، انتهاء بالفئات الأقل قدرة، وانضبط التطبيق في جميع مراحله بضابط موضوعي قوامه بلوغ حد التسجيل مقدارًا معينًا من المبيعات أو مقابل الخدمة، وبهذه المثابة يكون المشرع قد حقق مصلحة المسجل، ولم يجاوز موازين القسط والاعتدال وذلك كله بمراعاة أن الضريبة العامة على المبيعات بحسبانها ضريبة غير مباشرة، يقوم المسجل بتوريدها، بعد تحصيلها من المستهلك، الذي يتحمل وحده بعبئها.
وأكدت المحكمة الدستورية أن ما قرره المشرع بالنص المطعون فيه يكون قد التزم - في النطاق المحدد الضوابط الدستورية الحاكمة لسلطته التقديرية في مجال فرض الضريبة، التي أوردتها المادة 38 من الدستور، سواءً ما يتعلق منها بتنمية موارد الدولة المالية أو كفالة العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، ليكون بذلك محققا التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة متخيرًا من بين البدائل المختلفة أنسبها وأكفلها لتحقيق الأغراض التي يتوخاها لحصر المكلفين بتحصيل الضريبة من المستهلكين والإقرار عنها وتوريدها للمصلحة، وأكثرها ملاءمة لمعالجة المشكلات العملية التي تكتنف عمليات تحصيل الضريبة من المستهلكين مباشرة.
وشددت المحكمة الدستورية العليا، على أن الادعاء بإخلال النص المطعون فيه من قانون ضريبة المبيعات، بمبدأ العدالة الاجتماعية التي يؤسس عليها النظام الضريبي على النحو المنصوص عليه في المادة 38 من الدستور في غير محله، وغير متساند إلى أساس سليم، حقيقا بالرفض، كما أن النص المطعون فيه لا يخالف أي حكم آخر من أحكام الدستور؛ فإن القضاء برفض الدعوى المعروضة يكون متعينًا، وتحكم المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.
وكان عزيز تادروس بدروس، تاجر مشغولات ذهبية، قد اختصم في دعوى عدم دستورية قانون الضريبة على المبيعات، كل من رئيس الوزراء ووزير المالية، والتي طلب فيها الحكم بعدم دستورية المواد 1 و18 و44/1 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والذي تم الغاؤه بموجب نص المادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 2016، بإصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة.













