الخاضع للقانون المدني
حكم تاريخي لمحكمة النقض بتخفيض مدة الإيجار الجديد من «مدى الحياة» لشهر

أصدرت محكمة النقض حكما تاريخيا، باعتبار عدم النص على مدة عقد الإيجار الخاضع للقانون المدني "بالقانون 4 لسنة 1996"، يمثل اتفاقا على أن العقد مدته شهر واحد فقط، حتى وإن كتب في العقد أن مدته مدى الحياة، ولا يجوز اعتبارها 59 عاما، كما تنص بعض الأحكام الابتدائية.
وجاء حكم محكمة النقض، الدائرة المدنية، برئاسة القاضي محمد عباس منيعم، نائب رئيس المحكمة، وعضوية القضاة علي مصطفى معوض، وصالح مصطفى عبد الرحيم، ومجدي محمد عبدالرحيم، نواب رئيس المحكمة، حكمها في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 14108 لسنة 92 ق.
وقالت محكمة النقض في حكمها: إنه في يوم 20 يونيو 2022، طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 24 أبريل 2022، في الاستئناف رقم 4810 لسنة 25 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
وتمثلت وقائع الدعوى في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 2838 لسنة 2020 إيجارات كلي شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 3 أغسطس 1997 من العين المؤجرة والتسليم وقال إنه بموجب ذلك العقد استأجر المدعى عليه، من المدعي، الشقة محل النزاع، وكانت مدة العقد غير محددة، ثم أنذره برغبته في إنهاء العقد، ولكن الساكن لم يمتثل، فقرر المالك رفع دعوى إخلاء.
وبالفعل، حكمت المحكمة بانتهاء عقد الإيجار والإخلاء والتسليم، ولكن المدعى عليه استأنف هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة مأمورية شمال القاهرة بالاستئناف رقم 4810 لسنة 25 ق بتاريخ 24 ابريل 2022، وقضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.
وبعدها طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وعرض الطعن على محكمة النقض في غرفة مشورة، وحددت جلسة لنظره، وفيها تمسكت النيابة برأيها.
وقال دفاع الطاعن إن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، لأنه أقام قضاءه برفض الدعوى باعتبار أن مدة الإيجار تسع وخمسون سنة، وهي أطول مدة يجيزها القانون على سند من أن مدة الإيجار الواردة في العقد مدى الحياة، في حين أنه كان يتعين عليه إعمال نص المادة 563 من القانون المدني باعتبار أن العقد غير محدد المدة ويكون بذلك منعقد للفترة المحددة لدفع الأجرة وهي شهر، وبالتنبيه تنفصم تلك العلاقة الإيجارية، ولكن الحكم المطعون فيه قد انحرف في تفسيره بنود عقد الإيجار وحدده مدة العقد بتسعة وخمسين عاما بالمخالفة لأحكام مواد القانون المدني، وهو ما يعيبه ويوجب نقضه.
قضاء النقض
وأضافت محكمة النقض في حكمها، أن ما استقر عليه قضاءها، ونص المادة 558 من القانون المدني أن الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يُمكن المستأجر من الانتفاع ع بشيئ معين مدة معينة، والمادة 563 من نفس القانون، تنص على أن إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة وينتهي بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد الآتي بيانها، كما انتهت الهيئة العامة للمواد المدنية لمحكمة النقض، على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار واعتبر المدة ركناً فيه، وأنه إذاعقد ذلك العقد دون اتفاق على موعد ينتهي فيه الإيجار، أو تعذر إثبات المدة المدعاة أو عقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإجارة على وجه التحديد، كان ربط انتهائها بأمر مستقبل غير محقق الوقوع تعين اعتبار العقد منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة، ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص المادة 563 سالفة البيان.
ولفتت محكمة النقض إلى أنه لا يسوغ استبعاد نص المادة 563 المشار إليها ولا محل للقول بوجوب تدخل القاضي لتحديد مدة العقد تبعاً لظروف وملابسات التعاقد، أو انتهاء العقد بانقضاء ستين عاماً قياساً على حق الحكر، ذلك أن الأصل أنه يمتنع على القاضي إعمالاً لنص المادة 147 من القانون المدني التدخل لتعديل إرادة المتعاقدين، إلا لسبب يقره القانون، ولو ارتأى المشرع أن يتدخل القاضي لتحديد مدة العقد أو تحديد حد أقصى للمدة في عقد الإيجار - كما في حق الحكر - لنص على ذلك صراحة ومن ثم فلا محل للقياس أو الاجتهاد.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن عقد الإيجار سند الدعوى المؤرخ 3 أغسطس 1997، خاضع لأحكام القانون المدني طبقاً لنصوص القانون رقم 4 لسنة 1996، وقد نص في عقد الايجار سند الدعوى أن مدة العقد مدى الحياة ومن ثم يكون من العقود غير محددة المدة ويعتبر منعقدا للمدة المعينة لدفع الأجرة وهي "شهر" ويكون لأي من المتعاقدين الحق في إنهائه إذا نبه على المتعاقد الآخر إعمالاً لنص المادة 563 آنفة البيان، وإذ كان الطاعن قد نبه على المطعون ضده بالإنذار رقم 6705، المعلن إليه في 12 سبتمبر 2020، حسبما ورد في أوراق الحكم الابتدائي بانهاء ومن ثم فإن العلاقة الإيجارية تكون قد انتهت بهذا التنبيه، وبذلك يكون الحكم المطعون المنظمون مخالفا لهذا النظر واعتبر العقد ممتداً إلى أقصى مدة ممكنة قانوناً وهي تسعة وخمسون عاما ورفض الدعوى، فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
لذلك حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات ومبلغ مائتي جنية مقابل أتعاب المحاماة وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 4810 لسنة 25 ق مأمورية شمال القاهرة برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.




