و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

الدستور هو عبارة عن عقد اجتماعي كما قال جان جاك روسو بمقتضاه يتنازل كل فرد من افراد الشعب عن جزء من حريته في سبيل النظام والأمن الذي يعتبر الركيزة الأساسية لقيام الدولة ، والدستور هو الذي يحدد السلطات الثلاث في الدولة ، السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وعلاقة كل سلطة بباقي السلطات.

واذا نظرنا الي تعريف الدولة فإنها مجموعة من البشر تقيم على مساحة من الارض وهناك سلطة تنظم علاقة الناس بعضهم ببعض ، إذاً ناس وأرض وسيادة تساوي دولة ،وخلال تاريخ الانسان على الارض تطورت فكرة السيادة فمن السلطة الأبوية الي سلطة كبير العائلة ثم شيخ القبيلة فالأمير ثم الملك حتى تم ابتداع النظام الجمهوري ، وبعدما كانت تتجمع كل السلطات في يد الاب داخل الاسرة وشيخ القبيلة ثم الملك والذي كان عملياً يملك الارض ومن عليها بدأ كثير من المفكرين يضعون لنا قواعد لتنظيم السلطة فاصبحت الدول جمهوريات او ملكيات دستورية يملك فيها الملك ولكن لا يحكم ، وقد اثبتت التجارب ان اجتماع السلطة في يد فرد معنها دكتاتورية مطلقة ، والسلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة ، لذلك تم تقسيم السلطة الي عدة سلطات اولها سلطة سن القوانين واصطلح على تسميتها (السلطة التشريعية) ، وسلطة تنفيذ هذه القوانين واصطلح على تسميتها (السلطة التنفيذية) واخيراً سلطة مراقبة التزام الناس بالقانون ومراقبة السلطة التنفيذية ومدى التزامها بتنفيذ ما عهد اليها واصطلح على تسميتها (السلطة القضائية) ، وكما ذكر جان جاك روسو هذه السلطات الثلاث تفصيليا فأن مونتسكيو اوضح بان الفصل بين هذه السلطات هو حجر الزاوية لاي نظام ديموقراطي ، ولا يتم هذا الفصل الا بمراقبة شديدة وواضحة بين السلطات الثلاث ، وان التعاون بين هذه السلطات لا يكون إلا في حدود التزام كل سلطة منهم بصحيح القانون ، لان اي خضوع للسلطة القضائية او التشريعية للسلطة التنفيذية تحت اي مسمي هو جنوح شديد نحو الديكتاتورية والشمولية.

ولأن السلطة التشريعية هي التي تقوم بسن القوانين وكذلك يحق لرأس السلطة التنفيذية اصدار لوائح وقرارات ، وجب وجود قانون أساسي ينظم علاقة السلطات الثلاث ، وهذا القانون الأساسي هو الدستور او العقد الاجتماعي الذي تكلمنا عنه ، لذلك فانه القانون الوحيد الذي لا تصدره السلطة التشريعية ولكن له اجراءات اصدار او تعديل في غاية الصرامة للحفاظ على كيان الدولة ، فهو القانون الذي تصدره جمعية تأسيسية تختار خصيصاً من ممثلين عن كل طوائف الشعب تنتخب من الشخصيات العامة ويمثل فيها رجال القانون ورؤساء الطوائف المختلفة في الدولة حتى تكون معبرة عن كل طوائف المجتمع، ويجب ان يتعهد اعضاء الجمعية التأسيسية على عدم شغل اي منصب عام طبقاً للدستور الذي سيقومون باقراره لمنع اي شبهة امتيازات يقررونها لأنفسهم.

المهم انه يجب على الجمعية التأسيسية اختيار اساس لنظرية السيادة التي سيقوم عليها الدستور ، هل هي (سيادة الامة) ام هي (سيادة الشعب) والفرق لو تعلمون عظيم ، لان في الاولى لو السيادة للأمة فان الدستور يفترض شخصية اعتبارية للامة يمثلها رأس السلطة التنفيذية، ويكون لها أهلية اداء وأهلية وجوب مستقلة عن أهليات الشعب المكون للدولة ويكون عضوٍ المجلس التشريعي ممثل لكل الدولة وليس لأبناء دائرته فقط ، فلو تعارضت مصلحة ابناء دائرته مع مصلحة الدولة فانه مطالب بالدفاع عن مصلحة الدولة ، اما في نظرية سيادة الشعب فان الدولة ليس لها شخصية اعتبارية مستقله ولكن شخصيتها الاعتبارية تتكون من مجموع الشخصيات الطبيعية للأفراد الموجودين بالدولة ورأس السلطة التنفيذية يمثل الشخصية الاعتبارية لسلطته هو وليس للدولة ككل ، والنائب في المجلس التشريعي يمثل أهل دائرته فقط وليس كل الدولة واذا تعارضت مصلحة اهل دائرته مع المصلحة العامة فعليه الدفاع عن مصلحتهم. 

وقد استقر التطبيق التاريخي ان الدساتير الشمولية والديكتاتوريات يختارون دائما نظرية سيادة الامة والتي تمكنهم من تمثيل الدولة ، ولكن هناك دساتير اخذت بهذه النظرية في دول ديمقراطية واهم هذه الدساتير الدستور الفرنسي والذي اعتمد نظرية سيادة الامة كأساس اما الدستور الانجليزي ومعظم دساتير الدول الأنجلوساكسونية فقد اخذت بنظرية سيادة الشعب .

لقد جالت هذه الخواطر الدستورية بعقلي اثناء العرس الانتخابي لمجلس الشعب المصري برجاء ان يقرأ نواب الشعب هذه الأسس الدستورية والتي حاولت شرحها بشكل بسيط ليكونوا خير معبر عن الشعب داعياً المولى عزوجل ان يوفقهم في تمثيلهم للشعب ، حفظ الله مصر.

تم نسخ الرابط