و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

جريمة في حق المريض والمهنة

نقابة الأطباء تنتقد التوسع العشوائي بإنشاء كليات الطب وتطالب بمراجعة قواعد القبول

موقع الصفحة الأولى

انتقد كبار الأطباء، التوسع العشوائي في إنشاء كليات الطب بوصفه يمثل خطرا حقيقيا على جودة التعليم الطبي ومستقبل المهنة في مصر، مشددين على أن فتح كليات جديدة دون توافر المقومات الأساسية، وعلى رأسها المستشفيات الجامعية لتدريب الأطباء، يعد خطأ فادحًا يهدد مستوى تأهيل الأطباء ويؤثر سلبا على سمعة الطب المصري.
وحذر الاطباء، فى ورشة عمل بالنقابة، من تدني الحد الأدنى للقبول في كليات الطب، معتبرين أن هذا الأمر ينعكس بصورة مباشرة على كفاءة الطبيب المصري ومستقبل رعاية المريض، في وقت تحتاج فيه المنظومة الصحية إلى دعم الجودة لا إلى التوسع الكمي غير المدروس.
كما شدد المشاركون على أن قبول الطلاب في كليات الطب يجب أن يرتبط بعدد فرص التدريب المتاحة بعد التخرج، مؤكدين أن الطبيب الذي لا تتاح له فرصة تدريب أو تعليم عملي كافٍ لا يمكن اعتباره طبيبا مؤهلا ولا يجب قبوله من الأساس، وأن أي توسع في القبول دون ضمان تلك الفرص يمثل خطرًا على المريض وعلى سمعة المهنة بأكملها.
وأكد المشاركون على ضرورة الوقف الفوري لمنح تراخيص إنشاء أي كليات طب جديدة، داعين إلى إعادة تقييم الكليات القائمة للتأكد من استيفائها لمعايير الجودة والاعتماد الأكاديمي، ولا سيّما في ظل ما تشهده المنظومة من توسع غير مدروس يهدد مستوى التعليم الطبي ويؤثر في كفاءة الخريجين.
من جهته، أكد الدكتور أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء، ضرورة ربط أعداد المقبولين في كليات الطب بقدرة النظام الصحي على توفير فرص التدريب بعد التخرج، وليس فقط باحتياجات سوق العمل أو سد العجز في الأطباء.
وأوضح أن توفير الوظائف التدريبية هو الأساس في بناء طبيب كفء وقادر على أداء دوره المهني والإنساني بكفاءة، لافتا إلى أن قبول طلاب جدد دون ضمان فرص تدريب حقيقية يمثل خطرًا على جودة التعليم الطبي وعلى مستقبل المهنة نفسها، معتبراً أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من وضع منظومة قبول عادلة ومنضبطة تربط الأعداد المقبولة بالطاقة الاستيعابية للتدريب في المستشفيات بعد تخرجهم.
وأشار نقيب الأطباء، إلى أن عدداً من كليات الطب القائمة قامت خلال السنوات الأخيرة بزيادة أعداد المقبولين إلى أضعاف ما كانت عليه سابقًا، دون أن يصاحب ذلك توسع مماثل في أعداد الأسرة أو أماكن التدريب والتعليم الإكلينيكي، موضحًا أن الكلية التي كانت تستوعب ألف طالب أصبحت تقبل ثلاثة آلاف أو أكثر، دون زيادة حقيقية في أماكن التدريب والتعليم، وهو ما يستوجب إعادة النظر في سياسات القبول بما يضمن جودة التعليم والتدريب قبل التوسع الكمي في الأعداد.
ومن جانبه قال الدكتور أسامة حمدي، أستاذ الغدد الصماء والسكر بجامعة هارفارد، إن الطبيب عند تخرجه يحتاج إلى ثلاثة عناصر أساسية ليتمكن من أداء رسالته بكفاءة، وهي: راتب مجزٍ، وفرصة تدريب وتعليم حقيقية، وبيئة عمل صحية وآمنة، مؤكدًا أنه دون توافر هذه المقومات لا يجوز قبول طلاب جدد في كليات الطب.
وأوضح أن وظيفة الطبيب المقيم هي وظيفة تدريبية أساسية وليست عملاً تطوعيًا أو مدفوع الأجر من قِبل الطبيب نفسه، مشيرًا إلى أن الطبيب المقيم يؤدي دورًا مزدوجًا، فهو يتعلم ويكتسب الخبرة العملية، وفي الوقت نفسه يقدم له مهامه العملية لوظيفة طبيب مقيم ومساعد الأخصائيين والاستشاريين في علاج المرضى.
وشدد على ضرورة حصول الطبيب المقيم على راتب عادل يكفل له حياة كريمة، باعتبار أن عمله في المستشفى الجامعي أو الحكومي هو جزء من المنظومة الصحية الوطنية، موضحًا أن ضعف رواتب الأطباء المتدربين يدفع بعضهم للبحث عن عمل إضافي بعد ساعات التدريب، ما يؤثر سلبًا على تركيزهم ودراستهم وتطورهم المهني.

توفير فرص التدريب

فيما طالب فتحي خضير، عميد كلية الطب بجامعة القاهرة الأسبق، ورئيس لجنة التنمية المهنية المستدامة بالمجلس الصحي المصري، بتشكيل تحالف عاجل يضم نقابة الأطباء والمجلس الصحي المصري والمجلس الأعلى للجامعات، لوضع خطة وطنية متكاملة لمواجهة هذه الأزمة، تضمن تنظيم أعداد القبول، وتوفير فرص التدريب، ورفع كفاءة التعليم الطبي، حفاظًا على مكانة الطبيب المصري ومستقبل الرعاية الصحية في البلاد.
وأكد الدكتور عبدالفتاح سعود، نائب رئيس جامعة عين شمس الأسبق لشؤون التعليم والتدريب، أهمية الإشراف الكامل على كليات الطب الخاصة ومتابعة أدائها الأكاديمي والتدريبي، مشددًا على وجوب إصلاح مسار أي كلية لا تلتزم بالقواعد العامة للتدريب والتعليم، أو إلغاء ترخيصها إذا لم تلتزم بالقواعد العامة للتدريب والتعليم.
وأشار الدكتور أحمد مخلوف، عميد كلية الطب بجامعة أسيوط الأسبق، إلى ضرورة إجراء دراسة عاجلة لتحديد الفجوات في منظومة التعليم الطبي والتدريب الإكلينيكي، ووضع خطة واضحة لسد تلك الفجوات بما يضمن تحسين جودة تأهيل الأطباء.
ولفت إلى أهمية تحديد الجهة المسؤولة عن اعتماد المؤسسات التعليمية الطبية، وضرورة تضمين مهام التدريب والإشراف على تعليم شباب الأطباء ضمن مسوغات الترقية للأساتذة والأساتذة المساعدين بالجامعات، بما يتكامل مع دور هذه المؤسسات في إعداد الكوادر الطبية.
من جانبه دعا الدكتور ياسر حلمي عضو مجلس النقابة العامة للأطباء ومقرر لجنة التنمية المهنية المستدامة بالمجلس الصحي المصري، إلى أن تقود نقابة أطباء مصر، إعداد مقترح وطني متكامل، واقعي في تفاصيله وقابل للتنفيذ، يُرفع إلى القيادة العليا، ويتضمن حلولًا عملية قابلة للتطبيق تحقق مكاسب حقيقية على المستويات كافة.
وأشار إلى أن المقترح يرتكز على توحيد التشريعات وإزالة تضارب الاختصاصات بين الجهات المختلفة، مع منح المجلس الصحي المصري الصلاحيات التنظيمية الواضحة على غرار المجلس الطبي العام البريطاني (GMC)، وإن تطلب ذلك تعديلًا تشريعيًا، وتحديد معايير موحدة للقبول والتدريب في جميع كليات الطب الحكومية والأهلية والخاصة، لضمان العدالة وتكافؤ الفرص بين الطلاب، وتفعيل منظومة الاعتماد وعدالة وتوحيد التدريب المهني للتخصصات الإكلينيكية وربطها ببرامج تدريب وطنية موحدة.
من جهته، قال الدكتور مصطفى سليم، أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية طب قصر العيني، إنه يجب أن يكون هناك حد أدنى موحد للقبول في كليات الطب الخاصة لا يقل عن 5 إلى 10% فقط أقل من نظيره في الكليات الحكومية، حفاظًا على مستوى القبول الأكاديمي وجودة المخرجات التعليمية.
وأوضح أن دراسة الطب تعد من أكثر الدراسات صعوبةً وإرهاقًا وتتطلب جهدًا متواصلًا واستعدادًا كبيرًا لتحمل المسؤولية، مشيراً إلى أن أولياء الأمور يظلمون أبناءهم حين يدفعونهم إلى دراسة الطب رغم عدم امتلاكهم القدرات أو الرغبة الحقيقية لذلك، داعيًا إلى تحكيم الكفاءة والاستعداد العلمي والنفسي قبل اتخاذ قرار الالتحاق بكليات الطب.
كما أكد أنه لا يجوز لأي كلية طب خاصة أو أهلية أو فرع لجامعة دولية أن تضع قواعد قبول مستقلة بمعزل عن القواعد التي تقرها الدولة المصرية، موضحاً أن بعض الفروع الجامعية الأجنبية تقبل الطلاب بمجاميع منخفضة تصل إلى 50% بحجة إجراء اختبارات قدرات، مؤكدًا أن هذا الأسلوب لا يمكن قبوله داخل مصر بأي حال من الأحوال، لأنه يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل خريجي تلك الكليات ومدى أهليتهم لممارسة المهنة بعد التخرج.
وطالب بإعادة النظر في معايير القبول بكليات الطب الخاصة والأهلية والفروع الدولية، ووضع ضوابط واضحة تضمن الحد الأدنى من الكفاءة العلمية للطلاب المقبولين.
كما أكدت الأستاذة الدكتورة إيمان الشال، وكيلة كلية الطب بنات بجامعة الأزهر، على أهمية الاعتماد الأكاديمي والتدريبي الدوري، وإنشاء بنك أسئلة وطني موحد لتوحيد معايير التقييم بين الجامعات المصرية.

تم نسخ الرابط