قائد المقاومة فى غزة
إسرائيل تنشر اخر صوره للسنوار في ذكرى استشهاد أيقونة طوفان الاقصى

عام يمر على اغتيال قائد حماس يحيى السنوار، الذي تطلق عليه إسرائيل بأنه المخطط الرئيسي لعملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، لكن إسرائيل لم ترغب أن يمضي ذكرى اغتيالة دون التشفي في مقتله، حيث نشر الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، صور جديدة لـ يحيى السنوار، قال إنها التُقطت في الموقع الذي قُتل فيه قبل نحو عام في مدينة رفح بقطاع غزة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عبر حسابه على منصة "إكس"، "عام على تحرير البشرية من صاحب طوفان الشر، عام على تخليص الإنسانية من مجرم صاح به الشيطان"، على حد تعبيره.
وأضاف أدرعي في منشور أرفق به صورة السنوار: "في قلب هذا المشهد، وقف الجيش سدا منيعا أمام الظلام، حمل راية الإنسانية، ودافع عن الأرض والإنسان، قاتل من أجل أن يبقى النور مشتعلاً في وجه الحقد، ومن أجل أن يعيش الأبرياء في أمان وسلام"، وفق قوله.
يحيى السنوار من مواليد 19 أكتوبر 1962 في مخيم خانيونس للاجئين بعد أن هجّر الاحتلال أهله من مدينة المجدل عام 1948، حيث شكّل المخيم وعيه الوطني المبكر.
درس في مدارس خانيونس، وأكمل دراسته في الجامعة الإسلامية بغزة حيث حصل على بكالوريوس اللغة العربية، هناك قاد العمل الطلابي، حيث ترأس مجلس الطلبة، وقاد الكتلة الإسلامية.
دخل يحيى السنوار السجون أول مرة عام 1982، ثم اعتقل عام 1988 وحُكم بأربعة مؤبدات، قضى منها 23 عامًا متواصلة، تحوّل السجن إلى جامعة، ترأس فيها الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس، وأدار مع رفاقه إضرابات كبرى عن الطعام في أعوام (1992، و1996، و2000، و2004)، وأتقن العبرية، وترجم من العبرية كتبًا مهمة، وله مؤلفات في السياسة والأمن والأدب، بينها روايته “الشوك والقرنفل” التي جسدت التجربة الفلسطينية بعد النكسة.
شارك السنوار في تأسيس أول جهاز أمني للحركة، ثم ساهم في العام 1986 في تأسيس جهاز “مجد” الأمني، الذي شكّل نواة التجربة الأمنية لحماس.
صارت كتاباته وأدبياته التي وثقها داخل السجن لاحقًا مرجعًا للحركة، ورسّخت صورته كرجل التنظيم الصارم القادر على صياغة منظومات فكرية وأمنية متكاملة.
بعد الإفراج عنه في صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011، تزوج ورُزق بثلاثة أبناء، وتسلّم ملفات أمنية وعسكرية في قيادة الحركة، وانتُخب رئيسًا لمكتبها السياسي في غزة عام 2017.
نجح السنوار في معالجة العديد من الملفات على الصعيد الوطني وغيره، وأسهم في التخفيف من أزمات غزة، وبذل مع حركة فتح جهودًا حثيثة لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية على أساس برنامج المقاومة.
أشكال المقاومة
وفي مسيرته، جمع السنوار بين أشكال متعددة من المقاومة، حيث قاد مسيرات العودة كأداة للمقاومة الشعبية السلمية انطلاقا من العام 2017، وأدار معارك عسكرية متكررة ضد الاحتلال وجولات مواجهة هز فيها عقيدة الردع الصهيونية، كانت أبرزها معركة سيف القدس عام 2021، كما حمل على عاتقه مهمة تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال باعتبارها أولوية وطنية وأخلاقية.
وفي 7 أكتوبر 2023، برز السنوار كأحد العقول المدبرة لعملية “طوفان الأقصى”، التي اعتُبرت أخطر وأكبر وأنجح هجوم فلسطيني عسكري ضد الاحتلال منذ عقود.
كان ذلك اليوم توقيعًا على صفحة جديدة من الصراع، حيث تحوّل أبو إبراهيم في الوعي الفلسطيني والعالمي إلى رمز لقائدٍ يخرج من تحت الحصار ويقلب معادلات الأمن الإسرائيلي رأسًا على عقب.
وبعد اغتيال إسماعيل هنية في يوليو 2024، انتُخب السنوار قائدًا عامًا لحركة حماس، فانتقل من موقع قيادة غزة إلى زعامة الحركة، كخطوة تحدٍ للاحتلال وتأكيد على أنه رجل المرحلة الذي يجمع بين تجربة الأسر والتنظيم والسياسة والميدان.
وفي 16 أكتوبر 2024، جاء الخبر الذي كذّب كل دعاية الاحتلال المستمرة على مدار شهور الحرب باختباء القادة بالأنفاق، ليفاجأ الجيش بأن جنوده يخوضون اشتباكاً مسلحًا مع أبي إبراهيم، ليرتقي على إثره شهيدا، مخضبًا بدمائه الزكية تراب تل السلطان في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وسيطر على مخيلة الملايين المشهد الذي بثه جيش الاحتلال للسنوار من كاميرا طائرة مسيرة: مقاتل جريح يواجه الدرون بعصا. كان جالسًا ملَثِّمًا وجهه المتعب بكوفية فلسطينية، وبعد تقدم المسيّرة نحوه قذفها بعصاه في لحظة جسّدت فلسفته: “المقاومة حتى الرمق الأخير”.

