و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

حذر من مبدأ «الفاتورة أولا»

سؤال برلماني: مئات الحالات تعاني من عدم تنفيذ قرار مجانية العلاج بأقسام الطوارئ

موقع الصفحة الأولى

قدمت النائبة الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب، حول بيان الوزارة الأخير بشأن أليات تنفيذ قرار مجانية العلاج بأقسام الطوارئ في جميع المستشفيات بمختلف المحافظات، سؤالا برلمانيا موجه إلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان.

وقالت عضو مجلس النواب، عن الحزب المصري الديمقراطي، لـ الصفحة الأولى، إن الدستور نص في المادة 18على أن لكل مواطن الحق في الصحة والرعاية الصحية المتكاملةً، طبقا لمعايير الجودة، فالدولة ملزمة بالحفاظ على مرافق الخدمات الصحية ودعمها وتطويرها، مع تجريم الامتناع عن تقديم العلاج لكل مواطن خاصة في حالة الطوارئ، وهو ما يعني أن المواطن المصري لا يطلب منحة، ولكنه حقا أصيلا لا يقبل التفاوض أو التسويف.

وأوضحت مها عبد الناصر، أنه في عام 2014 صدر قرار مجلس الوزراء رقم 1063 الذي ألزم جميع المستشفيات سواء الحكومية أو الخاصة، بتقديم العلاج المجاني في حالات الطوارئ خلال 48 ساعة من دخول المريض، كما تتحمل الحكومة تكلفة ذلك العلاج من خلال التأمين الصحي ونفقة الدولة، وهو ما يؤكده وزير الصحة دائما من أن حق المواطن في العلاج الفوري مقدس، وأن أي مستشفى يرفض استقبال مريض طارئ أو يشترط دفع مبالغ مالية سيتعرض للإغلاق الفوري والإحالة للتحقيق.

ولفتت عضو مجلس النواب إلى أنه رغم وضوح النصوص القانونية والقرارات الحكومية، وتكرار التصريحات، ولكن الواقع اليومي يكشف عن مأساة متكررة، فالمستشفيات الخاصة، وهي جزء رئيسي في المنظومة الصحية، كثيرا ما تتحجج بعدم وجود آلية واضحة أو سريعة لتعويضها عن تكاليف العلاج، فترفض استقبال المرضى إلا بعد دفع مقدم مالي أو توقيع شيكات ضمان، والنتيجة المباشرة لذلك هي ضياع الوقت الثمين، الذي يساوي حياة إنسان.

وضربت مثالا بواقعة وفاة الإعلامية عبير الأباصيري، والتي جاءت تلك الحادثة المؤسفة لتجسّد هذه الأزمة بكل أبعادها، فهي مريضة في حالة خطيرة تحتاج إلى تدخل عاجل وطاريء، ولكن المستشفيات المترددة تتعامل بمنطق "الفاتورة أولاً".

وهاجمت مها عبد الناصر وزارة الصحة، قائلة إنها تؤكد في الإعلام أن العلاج مجاني لكن دون أن تضع أو توضح آلية تنفيذية سريعة وفعالة، وأسرة مكلومة تفقد عزيز لديها كان من الممكن إنقاذه، وأن هذه الواقعة ليست مجرد حالة فردية، بل صورة صارخة لمئات الحالات اليومية التي لا تصل للرأي العام.

وتابعت عضو مجلس النواب: يقال إن علاج الطوارئ مكلف، وهذا صحيح، فالطب الطارئ يحتاج إلى تجهيزات متقدمة وأطقم طبية مدربة وأدوية مرتفعة الثمن في معظم الأحيان، كما تكشف التقديرات عن أن تكلفة علاج مريض الطوارئ في مصر قد يصل إلى ألاف الجنيهات للزيارة الواحدة، لكن السؤال الجوهري، هل يجوز أن نترك المواطن يموت لأنه لا يملك هذا المبلغ؟

وشددت مها عبد الناصر على أن مبدأ العدالة الاجتماعية يقضي بأن تتحمل الدولة التكلفة عبر التأمين الصحي ونفقة الدولة، وأن يتم سدادها بسرعة وشفافية، حتى لا يُترك المريض رهينة تفاوض مالي على باب المستشفى، فما قيمة التصريحات الحكومية إذا لم تُترجم إلى إجراءات عملية واضحة وسريعة تحمي أرواح الناس؟ كما أن ما حدث لعبير الأُباصيري يجب أن يكون جرس إنذار للجميع، البرلمان، الحكومة، والمجتمع، لأن أي تأخير في التدخل أو أي جدل حول الفواتير لا يعني سوى المخاطرة بحياة المريض.

حق المواطن

وقالت إن حق المواطن في العلاج الطارئ ليس ترفاً ولا شعاراً سياسياً، ولكنه مسألة حياة أو موت، ولذلك يجب أن تضع الحكومة أمام مسؤولياتها بوضوح، فلا يجوز أن يُعفى المواطن من دفع تكلفة الطوارئ ثم تُلقى هذه التكلفة على عاتق مستشفى خاص دون سداد فوري، فيضيع المريض بين الطرفين، فالدولة ممثلة في الحكومة هي الجهة الوحيدة الملزمة دستورياً بتحمل التكلفة كاملة وضمان التطبيق الفوري لهذا الحق.

وحذرت من أنه إذا لم يتحول قرار مجانية علاج الطوارئ إلى آلية واضحة التنفيذ، بتمويل عادل ورقابة صارمة، فسيترك المرضى يعانون على أبواب المستشفيات.

وطالبت عضو مجلس النواب الحكومة بالإجابة عن أسئلة حول من يتحمل القيمة الفعلية لمصاريف علاج حالات الطوارئ خلال أول 48 ساعة؟ وهل تتحملها الدولة بالكامل عبر التأمين الصحي ونفقة الدولة، أم أن المستشفيات الخاصة تُترك عملياً لمواجهة التكلفة وحدها، بما يؤدي إلى رفض استقبال المرضى؟ وما هي الآليات المالية والإدارية التي أعدتها الوزارة لضمان سداد فواتير علاج الطوارئ للمستشفيات الخاصة في الوقت المناسب؟ وهل هناك موازنة مخصصة لهذا الغرض أم تظل مجرد وعود غير قابلة للتنفيذ السريع؟

وسألت مها عبد الناصر الحكومة حول كيف تضمن الوزارة أن المواطن لن يتحول إلى ضحية لمساومة مالية وهو في حالة طوارئ؟ هل هناك رقابة مباشرة على مداخل المستشفيات لمنع اشتراط أي مبالغ أو ضمانات قبل تقديم الخدمة؟ وما هو الإجراء العملي الذي يجب أن يقوم به المواطن أو ذويه في حالة رفض أي مستشفى استقبال المريض؟ وهل الاتصال على الخط الساخن (105) الذي نوهت عنه وزارة الصحة في بيانها الأخير كافٍ لضمان التدخل الفوري، أم يلزم أن يقوم المواطن بتحرير محضر رسمي في قسم الشرطة لضمان حقه؟

كما تساءلت عن عدد الشكاوى التي تلقتها الوزارة منذ 2014 بشأن رفض علاج مرضى طوارئ؟ وكم عدد المستشفيات التي أُغلقت فعلياً أو أُحيلت للتحقيق؟ ولماذا لا تُعلن هذه البيانات بشفافية أمام الرأي العام؟ وما هي المدة الزمنية المحددة لتدخل الوزارة بعد تلقي شكوى مواطن؟ وكيف تضمن أن هذا التدخل يتم خلال دقائق معدودة وليس بعد أن يكون المريض قد فارق الحياة؟ وما هو دور التأمين الصحي الشامل في هذه المنظومة؟ وهل لدى الحكومة خطة واضحة لتوسيع تغطية التأمين بحيث يشمل فوراً وبدون استثناء جميع تكاليف الطوارئ في أي مستشفى داخل مصر؟ وما هي الإجراءات التي تتخذها الوزارة لضمان تدريب العاملين بالخط الساخن (105) للتعامل مع بلاغات الطوارئ بالجدية والسرعة المطلوبة، بحيث يكون التدخل فعلياً وليس مجرد تسجيل بيانات؟ 

تم نسخ الرابط