قرارت الوطنية للانتخابات والإدارية العليا
صراع "مراكز القوى الحزبية" والنفوذ على المقاعد الفردية يكشف المستور بالدوائر الملغاه
في سابقة لم تحدث من قبل بالانتخابات البرلمانية المصرية، كما قال رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات المستشار حازم بدوي، خلال المؤتمر الصحفي لإعلان نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025، إن ظاهرة بطلان واعادة الانتخابات بهذا العدد الكبير من الدوائر لأول مرة يؤكد حرص الدولة على صيانة إرادة الناخبين.. وما اتخذ من إجراءات هو تصحيح لمسار العملية الانتخابية، مؤكداً أنه لن يأتي عضو تحت قبة البرلمان دون إرادة شعبية حرة".. علماً بأن الإرادة الشعبية الحرة لا تقول قائمة واحدة، بل قوائم متعددة متنافسة، نسبية لا مغلقة، إذا أردنا انتخابات شفافة ونزيهة.
بطلان 70% من دوائر المرحلة الأولى، بعد حكم محكمة القضاء الإداري ببطلانها في 30 دائرة، وإلغاء 19 دائرة بقرار الهيئة الوطنية للانتخابات، ليصل عدد الدوائر إلى 49 من أصل 70 دائرة بالمرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، لا يعني شفافية وانتخابات نزيهة، وشعبية جارفة لأحزاب الأغلبية، بل هي خلافات بين خلفاء الحزب الوطني الحاكم منذ تأسيسه عام 1978 وحتى 2011، فكما قال بعض المراقبون للانتخابات، ومن خلال تصريحات المنشقين عن ما يسمى بأحزاب الأغلبية، فإن خلافاً نشب فيما بين خلفاء الحزب الوطني، بين حزبي حماة وطن، الجبهة الوطنية من جهة، وحزب مستقبل وطن، بشأن عدم إلتزام المستقبل بالحصص المقررة للمقاعد الفردية، والذي حسم لصالحه 176 مقاعد بالمرحلتين ( 121 قائمة و46 فردي) فيما حصل حماة وطن على 69 مقاعد (54 قائمة و15 فردي) والجبهة الوطنية 52 مقعد ( 43 قائمة و9 فردي) والشعب الجمهوري 18 مقاعد ( 15 قائمة و3 فردي) بينما حصل المستقلون على 13 مقاعد ( 8 قائمة و5 فردي) وحزب النور مقعدان فردي، وحزب العدل 9 مقاعد ( 8 قائمة ومقعد فردي) والمصري الديمقراطي 9 مقاعد، و8 مقاعد للإصلاح والتنمية، و8 مقاعد لحزب الوفد،و 4 لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، و 3 مقاعد لحزب المؤتمر، ومقعدان لحزب الحرية، ومقعد لحزب إرادة جيل، ومقعد لحزب المحافظين.. وبالتالي يكون الأمر قد حسم على 365 مقاعد ( 284 قائمة و81 فردي).
من الملاحظ خلال نتائج الانتخابات بالدوائر التي حسم أمرها خلال المرحلتين، حصول مستقبل وطن على 45.8 %، وحماة وطن على 18.9%، والجبهة على 14.3%، والشعب الجمهوري على 4.9% .. وذلك بالنسبة لـ 365 مقاعد التي تم حسم نتائجها من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات.. منها 284 مقعد للقوائم، تصدرها مستقبل وطن بـ 121 مقعد، وحماة وطن 54 مقاعد، والجبهة 43 مقاعد، والشعب الجمهوري 15 مقاعد، أي أن الأحزاب الأربعة حصلوا 233 مقاعد فيما ترك 51 مقعدا لتسعة أحزاب والمستقلين الذين حصلوا على 8 مقاعد ضمن القائمة.. ومن الملاحظ أيضاً أن الأحزاب التاريخية وهي الوفد والتجمع قد حصلا على 12 مقعداً عن طريق القوائم، مما يعني أن هذه الأحزاب تم ذبحها في الطريق العام ولم يعد لها وجود شعبي، فلعبت بالمضمون نجاحه ألا وهي القائمة.
أما المقاعد الفردية التي حسم أمرها بالمرحلتين، وعددها 81 مقعد، أكتسحها مستقبل وطن بـ 46 مقاعد، وحماة وطن بـ 15 مقاعد، والجبهة الوطنية بـ 9 مقاعد، والشعب الجمهوري 3 مقاعد.. فيما تمكن المستقلون من حجز 5 مقاعد، وحزب النور مقعدين ومقعد لحزب العدل.. أي 8 مقاعد لحزبين والمستقلين و73 مقاعد للأحزاب الأربعة خلفاء الحزب الوطني الحاكم سابقاً.
صراع الكبار يلغي الدوائر
ترجع كثير من المصادر والمتابعين والمقربين لسير الانتخابات البرلمانية إلغاء الانتخابات في 19 لجنة بسبع محافظات، وتنفيذ أحكام هيئة القضاء الإداري ببطلان الانتخابات في 30 دائرة بالمرحلة الأولى، لم يكن أمراً متعلقا بالشفافية والديمقراطية بقدر ماهو متعلق بالخلاف على توزيع المقاعد الفردية والتي أستحوذ عليها حزب مستقبل وطن بنسبة 56.8% من الـ 81 مقعد التي حسم أمرها بالمرحلتين، ونية الحزب الاستحواذ على 70% من المقاعد الفردية البالغ عددها 284 مقاعد، بدفع مرشحيه على المقاعد الفردية بكافة الدوائر، سواء تحت لافتة الحزب أو مستقلين ينتمون له، وهو بذلك يعيد سيناريو انتخابات مجلس الشعب 2010، حيث دفع الحزب الوطني الحاكم بأكثر من مرشح على المقعد الواحد بكافة الدوائر، لضمان الفوز بأغلبية ساحقة دون مراعاة للتفاهمات مع أحزاب المعارضة.. وهو ما فعله مستقبل وطن بعدم الإلتزام بالتنسيق الحزبي المبرم مع الجبهة والحماة والشعب الجمهوري،بشأن المقاعد الفردية، مما أدى لتنافس غير منسق، وتداخل الدعاية، لينتهي الأمر بتبادل الطعون، التي بلغ عددها 559 طعون، منها 259 طعون بالمرحلة الأولى شملت 30 دائرة بـ 11 محافظة من أصل 14 محافظة، بخروج محافظتي مطروح والبحر الأحمر من سباق الطعون والإلغاء بـ 19 دائرة في 7 محافظات.. فيما شملت طعون المرحلة الثانية والبالغة 300 طعن، 10 محافظات من أصل 13 محافظة بخروج بورسعيد وجنوب سيناء والسويس من سباق الطعون.
الطعون الـ 559، كشفت أيضاً عمق الصراع بين الأحزاب الأربعة، فوفقا لتسريبات وإحصائيات وتحليلات غير رسمية لعدم صدور إعلان رسمي دقيق من المحكمة الإدارية، فإن مستقبل وطن تصدر الطعون بـ 170طعناً في 25 محافظة، يليه حماة وطن 110 طعون، وحل الجبهة ثالثاً بـ 80 طعناً، ثم الشعب الجمهوري بـ 50 طعنا، وأحزاب الوفد، المصري الديمقراطي، الإصلاح والتنميةبـ 60 طعنًا، وأخيراً المستقلين بـ 89 طعون.
إذن هي معركة النفوذ على المقاعد الفردية بمجلس النواب، التي يرغب المستقبل في الاستحواذ عليها، بينما يطالب حماة وطن والجبهة الوطنية بتقليص نفوذه، بسبب ماوصفوه بالأداء السيء في البرلمان السابق، بتمرير قوانين مثيرة للغضب، كذلك قيام حزب مستقبل وطن، عبر الجهاز الأمني الراعي له بممارسة الضغوط لإقصاء معارضين أو مستقلين لهم نفوذهم الانتخابي للانسحاب أو الترشح تحت دعم معين، كما أتهم حزبي الجبهة وحماة وطن نظيرهم مستقبل وطن وجهازه الأمني بالتدخل للسيطرة على مجريات الاقتراع، بتوزيع بطاقات ودفع الأموال للناخبين، وتزوير النتائج ومنع وكلاء المرشحين من حضور جلسات فرز الأصوات، وهي ممارسات يجيدها الجهاز التابع له مستقبل وطن ونوابه خريجي الحزب الوطني الحاكم سابقاً.

لقد ذهبت كثير من التحليلات غير الرسمية، إلى أن إلغاء 19 دائرة بسبع محافظات من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات، وتنفيذ حكم القضاء الإداري ببطلان الانتخابات في 30 دائرة انتخابية بإحدى عشر محافظة، وهي المرة الأولى التي ينفذ فيها حكم قضائي خاص بشرعية الانتخابات، إذ كان قبل ذلك لا ينفذ تحت شعار "المجلس سيد قراره".. جاء نتيجة لتدخل القيادة السياسية في سير العملية الانتخابية، لتجنيب البلاد صدامات أمنية، بعد أن قدمت الأجهزة السيادية الراعية لحزبي "حماة وطن والجبهة الوطنية" تقارير تفيد بتجاوزات الجهاز الأمني الراعي لحزب مستقبل وطن، مما يشوه الشرعية الانتخابية، وصورة الديمقراطية المصرية، وهو ما تأكد من التصريحات الإعلامية للمدير التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات أحمد البنداري بقوله "إن مطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي للهيئة بالنظر في الطعون والتظلمات أتاح للهيئة مزيداً من الأريحية وأكد صحة قراراتهاً"، لافتاً إلى التعامل مع أي شكاوى بشكل سريع وفوري، لضمان سلامة الانتخابات والتصدي لأي محاولات تهدف إلى التأثير على نزاهتها.








