و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

إذا تناقض متساويان تساقطا

«النقض»: الحكمان المتناقضان تسقط حجيتهما ولا تتقيد بهما المحكمة الأصلية

موقع الصفحة الأولى

أرست محكمة النقض، مبدأ قانونيا وقضائيا مهما، وهو: إذا صدر حكمان متناقضان بين ذات الخصوم وفي ذات النزاع، زالت حجية كل منهما وتساقطا، ويتعين على محكمة الموضوع أن تعيد بحث النزاع بكامل سلطتها دون التقيد بأي من الحكمين، تحقيقا للعدالة ومنعا لتضارب الأحكام.  

وجاء في المبدأ القضائي، الصادر في الطعنين رقم 5511، و5896 لسنة 91 ق بتاريخ 23 فبراير 2025، أنه إذا صدر حكمان متناقضان بين الخصوم أنفسهم في ذات النزاع، فإن كلا منهما يسقط حجية الآخر، وتسترد محكمة الموضوع كامل سلطتها في بحث الدعوى والفصل فيها على ضوء الأدلة المطروحة دون التقيد بأي من الحكمين، إذ لا حجية مع التناقض تحقيقا للعدالة واستقرار النظام القضائي.  

وتمثلت وقائع الطعنان المرفوعان أمام محكمة النقض، في أن الطاعن الدعوى رقم 249 لسنة 2008 مدني كلي مأمورية المحلة الكبرى، بطلب إلزام الجهتين المطعون ضدهما بصفتيهما بتعويضه عن أطيان زراعية استولت عليها الدولة، مستندا إلى حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية الأسس التحكيمية لتقدير التعويض.  

وقضت محكمة أول درجة بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بمبلغ 23٬710٬416٫67 جنيها، 23 مليون و710 ألف جنيه، فاستأنف الخصوم الأحكام أمام محكمة استئناف طنطا في الاستئنافات أرقام 941، 999، 1083 لسنة 8 ق، فقضت الأخيرة بتعديل المبلغ المقضي به وإلغاء الحكم بالنسبة لإحدى الهيئات لرفع الدعوى على غير ذي صفة.  

ولكن الطاعن طعن بالنقض مرتين في ذات النزاع، فأصدرت محكمة النقض في الطعن الأول (9417 لسنة 87 ق) قرارا بعدم القبول، وفي الطعن الثاني (11247 لسنة 87 ق) حكما بالنقض والإحالة لتقدير التعويض وفق القيمة الفعلية للأرض حتى تاريخ الحكم.  

وبعد الإحالة، قضت محكمة الاستئناف بعدم جواز نظر الاستئناف لسابقة الفصل فيه، فطعن الطرفان بالنقض في الحكمين الماثلين (5511، 5896 لسنة 91 ق).  

حجية الأحكام

وقررت محكمة النقض أن حجية الأحكام تقوم حماية للنظام القضائي ومنعا لتضارب الأحكام، غير أنه إذا صدر حكمان متناقضان في ذات النزاع وبين الخصوم أنفسهم، فإن كلا منهما يسقط حجية الآخر، وتستعيد محكمة الموضوع سلطتها الكاملة في نظر الدعوى.  

وأوضحت أن المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات وللقانون المدني أكدت أن القضاة “تعوزهم العصمة”، وأن القرينة المفترضة بصحة الحكم ليست مطلقة، فإذا فات الغرض من الحجية بتعارض الأحكام، وجب الرجوع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية التي تقضي بأنه “إذا تناقض متساويان تساقطا”، ويعود القاضي إلى الأصل وهو تحري وجه الحق في النزاع بالأدلة. 

ولما كان الحكمان الصادران في الطعنين 9417 و11247 لسنة 87 ق قد تناقضا في تقدير التعويض عن الأطيان محل النزاع، وكانا بين الخصوم أنفسهم وفي ذات المسألة الجوهرية، فإن كلا الحكمين يسقط حجية الآخر، وإذ عول الحكم المطعون فيه على أحدهما دون الآخر، فقد أخطأ في تطبيق القانون وأخل بمبدأ استقرار القضاء.  

ولذلك حكمت محكمة النقض، بنقض الحكم المطعون فيه في الطعنين رقمي 5511 و5896 لسنة 91 ق، وبإحالة إحالة القضية إلى محكمة استئناف طنطا «مأمورية استئناف المحلة الكبرى» للفصل فيها من جديد، وإلزام المطعون ضده بصفته بالمناسب من المصاريف عن كل طعن. 

تم نسخ الرابط