مأزق دستوري يضرب الانتخابات
كيف تحولت 19 دائرة لقنبلة تهدد مجلس النواب بأكمله؟ الدكتور نزيه الحكيم يجيب
قال المستشار الدكتور نزيه الحكيم المحامي بالنقض إن قرار الهيئة الوطنية للانتخابات بإلغاء انتخابات مجلس النواب 2025 في 19 دائرة فردية موزعة على 7 محافظات، بما يعادل أكثر من 1800 لجنة وأكثر من مليون ونصف صوت، لم يكن قرارًا إداريًا عابرًا، بل زلزالًا دستوريًا كشف خللاً عميقًا في بنية العملية الانتخابية، خاصة بعد إعلان فوز القائمة الوطنية المطلقة في الوقت ذاته واستبعاد دوائر البطلان من حساب نسبة الـ 5٪.
وقال «الحكيم» لـ «الصفحة الأولى»، إن هناك سؤالا واحدا يهزّ شرعية عملية انتخابات مجلس النواب كاملة، وهو هل تم احتساب أصوات الـ 19 دائرة ضمن نسبة نجاح القائمة، أم تم استبعادها تمامًا، فإذا احتُسبت فهي أصوات باطلة لا يجوز الاعتداد بها، لأن الدائرة الباطلة باطلة بكل محتوياتها: فردي وقائمة.
أما إذا استُبعدت، فقد حُرم الناخب فيها من حقه الدستوري في التصويت على القائمة، وهو ما يستوجب إعادة الاقتراع عليها، وفى الحالتين نحن أمام هدم قانوني متكامل، حسبما يؤكد «الحكيم».
كما طرح سؤالا ثانيا، وهو هل تجرى الإعادة في انتخابات مجلس النواب ببطاقة واحدة أم بطاقتان؟ ويقول إن العوار يظهر هنا بأوضح صوره، وأوضح أن السيناريو الأول، وهو التصويت ببطاقة فردي فقط، يعني حرمان الناخب من التصويت على القائمة، ويجعل صوته ناقصًا، ومخالفًا لمبدأ المساواة بين المواطنين، فكيف يُسمح لمواطن في البحيرة أو مطروح أو الإسكندرية بالتصويت على ورقتين، بينما مواطن في الدوائر الـ 19 يصوت على ورقة واحدة؟ فذلك خرق دستوري مباشر.
التصويت ببطاقتين
أما السيناريو الثاني، فهو التصويت ببطاقتين (قائمة + فردي)، ولكن، كيف يُعاد التصويت على قائمة أعلنت الهيئة فوزها في انتخابات مجلس النواب رسميًا؟ كيف يُعاد الاقتراع على نتيجة صادرة بالفعل؟ هذا إعلان مبكر للنتيجة قبل اكتمال الاقتراع، وهو محظور دستوريًا.
ويشير المستشار الدكتور نزيه الحكيم إلى أن الصوت الواحد لا ينقسم نصفين، فالصوت الذي بُطل في الفردي لا يمكن اعتباره صحيحًا في القائمة، والصوت المستبعد من حساب القائمة لا يجوز أن يكون جزءًا من نتيجة مُعلنة، وأي تجزئة من هذا النوع تفتح الباب لبطلان الاستحقاق بالكامل، لا في دوائر بعينها فقط.
ويؤكد أن النتيجة الحتمية لكل ذلك، بحسب المبادئ الدستورية المستقرة، أن أي بطلان يمس وحدة عملية انتخابات مجلس النواب، يعني بطلان كامل للاستحقاق، والـ 19 دائرة اليوم ليست مجرد طعون، بل عقدة دستورية قد تؤدي إذا عُرضت على القضاء إلى إعادة الاستحقاق الانتخابي كله من جديد.








