مبدأ قضائي لـ«النقض»
بائع العقار مسؤول جنائيا ومدنيا إذا خدع المشتري طبقا لقانون حماية المستهلك
أرست محكمة النقض، مبدأ قانونيا وقضائيا مهما، وهو أنه إذا ارتكب مورد العقار سلوكًا خادعًا يتعلق بخصائص الوحدة العقارية، أو شروط التعاقد، أو الترخيص المتعلق بها، فيجوز تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك ومساءلته جنائيًا عن ذلك إلى جانب المسؤولية المدنية، ولا يخرج النزاع تلقائيًا عن دائرة التجريم لمجرد ورود عناصره في نزاع مدني.
وأكدت محكمة النقض، في مبدأها الوارد بالحكم رقم 18424 لسنة 93 قضائية بتاريخ 7 أبريل 2025، أن الوحدات العقارية تعد «منتجات»، والخاضعون لعقود بيعها «مستهلكين» أو «موردين» ضمن تعريفات قانون حماية المستهلك، فإذا انصبّ سلوك المورد أو البائع على صفات العقار الجوهرية أو شروط التعاقد أو إجراءات الترخيص بحيث ينتج عنه نقص في قيمة أو منفعة المنتج أو يحرم المستهلك من الاستفادة المقصودة، يكوّن ذلك سلوكًا خادعًا قابلًا للمساءلة الجنائية طبقًا لأحكام قانون حماية المستهلك.
ولفتت محكمة النقض إلى أن ثنائية المسار المدني والجنائي، تعني أن إقامة النزاع كدعوى مدنية لا تستبعد تلقائيًا إمكانية قيام المسؤولية الجنائية إذا توفرت أركان الجريمة النصية في قانون حماية المستهلك، كما أنه عند ثبوت سلوك خادع جسّده عدم الحصول على تراخيص البناء أو وجود مخالفات جوهرية فيما يُعلن عنه، أو عدم مطابقة الصفات المعلنة للواقع بحيث يؤثر ذلك في قيمة المنتج أو منفعاته، تجوز معاقبة المرتكب بالغرامة والنشر وغيرها مما نص عليه القانون.
وتلخصت وقائع الدعوى في أن المدّعِي أقام دعوى جنائية مباشرة أمام محكمة جنح مصر الجديدة ضد المطعون ضده لاتهامه بسلوك خادع في بيع وحدة (فيلا) بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ في 27 يونيو 2020، بزعم وقوع تضليل يتعلق بصفة العقار وترخيص البناء ومنع استغلال جزء وهو الحديقة والمساحات المشتركة خلافًا للرسومات والرخص، فأصدرت محكمة جنح مصر الجديدة حكمًا ببراءة المتهم لعدم توافر صفة المستهلك أو المورد لدى الأطراف، ثم توالى سير القضية على درجات التقاضي، استئناف ومحاكم اقتصادية، إلى أن أحالت النيابة الطعن أمام محكمة النقض.
حماية المستهلك
وفي حيثيات حكمها، استعرضت محكمة النقض نصوص قانون حماية المستهلك من تعاريف المستهلك، المنتج، المورد، والسلوك الخادع، ونص المادة 15 التي تحظر الإعلان أو التعاقد على وحدات عقارية قبل الحصول على ترخيص البناء، ونص المادة 9 الذي يحظر السلوك الخادع. وأفادت بأن النصوص تضبط التعامل في سوق العقارات وتُعدّ الوحدات العقارية منتجات خاضعة لأحكام القانون.
كما أشارت محكمة النقض، إلى أن إخلال البائع أو المورد بالتزاماته المتعلقة بصفات العقار الجوهرية أو إجراءات الترخيص يؤدي إلى نقص في قيمة أو منفعة المنتج بما يحرم المستهلك من الاستفادة المقصودة، فتتحقق عناصر «السلوك الخادع» المقررة قانونًا.
ورأت المحكمة أن قصر النظر على أن النزاع «مدني» والمضيّ معه دون بحث طبيعة السلوك المادي الذي وقع، خطأ في التطبيق والتأويل، لأن المشرّع قصَد أن يجرّم ويعاقب هذا النوع من السلوك لحماية السوق والمستهلكين، واستندت المحكمة أيضًا إلى أن ما آلت إليه درجات التقاضي السابقة وقرار إضافة نصوص قانون حماية المستهلك ضمن مواد الاتهام يؤهل لإلزام المتهم بالعقوبة المنصوص عليها قانونًا.
ولذلك، حكمت محكمة النقض بقبول طعن النيابة العامة شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المُطعن فيه، ومعاقبة المطعون ضده غرامة مالية مقدارها مائة ألف جنيه، مع نشر الحكم على نفقة المطعون ضده في جريدة «الأهرام» والمواقع الإلكترونية واسعة الانتشار، وإلزامه بالمصاريف الجنائية.








