تسببت في استشهاد الفريق عبد المنعم رياض
تداول فيديوهات لنجل الجاسوسة إنشراح موسى تعيد كشف تفاصيل "السقوط في بئر سبع"

"إنشراح موسى" من أبرز أسماء الجاسوسية في الصراع العربي الإسرائيلي، وحتى الآن لا يزال رواد السوشيال ميديا يتداولون قصص الجاسوسية والخيانة التي تمت خلال تلك الحقبة ولعل أبرزها قصة "السقوط في بئر سبع"، والخيانة جريمة لا تسقط بالتقادم، ولا تمحوها السنون، وهو ما يعاني منه أبطال قصة "السقوط في بئر سبع" الحقيقيون حتى الآن، بعدما سقطوا في "بئر الخيانة".
وخلال شهر الانتصارات لا يزال رواد مواقع التواصل الاجتماعي يتداولون فيديوهات لـ رافيل بن ديفيد نجل الجاسوسة الإسرائيلية إنشراح موسى في العاصمة البريطانية لندن، والذي توفي في الساعات الأولى من صباح يوم السبت 22 مايو 2021، بعد صراع مع مرض السرطان.
القصة بدأت بإبراهيم سعيد شاهين الموظف بمديرية العمل بشمال سيناء قرر بعد نكسة 1967 بيع نفسه ووطنه للعدو، والتجسس لصالحه مقابل مكاسب مادية، ومع الوقت احتاج لمساعدة زوجته "إنشراح" التي وافقته وسقطت معه في مستنقع خيانة الوطن، مستغلة أبنائها الصغار "نبيل – محمد – عادل".
و تعرفت إنشراح على أصدقاء صغارها في المدرسة الذين لهم أقارب بالجيش، وأقامت لهم الحفلات والعزائم، حتى تمكنت من الحصول على معلومات مهمة كان أخطرها مواعيد زيارة الفريق عبد المنعم رياض للجبهة خلال حرب الاستنزاف، وإبلاغ إسرائيل به، فكانت السبب الرئيسي في استشهاده بعدما استهدفته إسرائيل أثناء إحدى زياراته للجبهة.
تحركات "شاهين" المريبة، وسفره إلى عدة دول بعينها على فترات لفت إليه أنظار رجال المخابرات، وبعد تتبعه توصلوا إلى حقيقته وقرروا استكمال المباراة مع المخابرات الإسرائيلية، بتحويل "شاهين" وزوجته إلى عملاء مزدوجين.
وبالفعل بعد عدة عمليات وتدريبات تمكنت مصر من الحصول على جهاز إرسال سري متقدم، في أول صفعة للمخابرات الإسرائيلية، ولم تقتصر أهمية هذه العملية على الحصول على الجهاز فحسب، وإنما في كونها أول صفعات المصريين للمخابرات الإسرائيلية التي أعيد تشكيلها بعد انتصار أكتوبر 1973.

بعد الحصول على الجهاز قرر الرئيس الراحل أنور السادات تنفيذ حكم الإعدام في "شاهين"، حتى يقطع الطريق على إسرائيل في المطالبة بتسليمه، وتم الإفراج عن "إنشراح" وأولادها، ووصل الأبناء إلى إسرائيل، وتم تسليم "إنشراح" رسميا إلى إسرائيل في صفقة لم يتم الإعلان عن تفاصيلها.
بمجرد وصول "إنشراح" وأبنائها إسرائيل، تهودوا على يد الحاخام عوفاديا يوسف، وعاشوا بهويات وأسماء يهودية بجنسية إسرائيلية، وبعد سنوات سافر أحد الأبناء إلى البرازيل مع زوجته الإسرائيلية، وبقي الآخران مع والدتهما في إسرائيل، بعدما افتتحوا مطعما للأسماك.
أحد الأخوين "عادل" الذي أصبح اسمه "رافي بن دافيد"، وكان يحلم بالعودة إلى مصر من جديد، وحاول بالفعل الحضور إلى مصر وتم منعه وإعادته من سيناء.
يقول"رافي": لماذا أدفع ثمن خيانة والديّ؟ فقد أخذا عقابهما على ما فعلاه.
ابن الجاسوسة
وكان رافيل بن ديفيد قد ظهر قبل وفاته في تصريحات وفيديوهات يروى فيها تفاصيل تعامل والديه مع إسرائيل أثناء وبعد نكسة 1967.
وكشف رافي بن دافيد، ابن الجاسوسة إنشراح موسى الموجود في إسرائيل، اسم والدته الحقيقي إنشراح علي مرسي، وليس موسى، وهي من مواليد 1937 محافظة المنيا، أما والده فهو إبراهيم شاهين.
وأكد رافيل بن دافيد أو عادل شاهين ابن إنشراح موسى أنه تم تغيير أسماء أشقائه للعبرية بعد خروجهم من مصر والتوجه للإقامة في دولة إسرائيل، واعتناقهم اليهودية، حيث تم تغيير اسم والده إبراهيم شاهين إلى بن ديفيد، وكان اسمه داخل الموساد موسى، واختارت والدته انشراح موسى بعد دخولها إسرائيل اسم دينا بن ديفيد وأصبح اسم شقيقه نبيل يوسي، وتغير اسم شقيقه الثالث محمد إلى حاييم.
وحول رحلة التجسس وتجنيد العائلة من قبل الموساد الإسرائيلي، قال رفائيل بن دافيد ابن إنشراح موسى: "كان أسفل منزلنا في العريش كبينة عسكرية فأبلغ والدي ضابط الموساد الإسرائيلي أبو نعيم بجميع التفاصيل الخاصة بها".

وأضاف "لم نكن أنا وأشقائي نعرف أي شيء عن أمي وأبي لمدة عام ونصف العام، وطوال تلك الفترة كنا نعيش في القاهرة، وتم تجنيد والدي من قبل الموساد الإسرائيلي، وعاد إلى مصر عن طريق الصليب الأحمر من الأردن، لجمع المعلومات الخاصة بأسعار السلع الأساسية والخضروات، حتى يعلم حسن نواياهما".
وكشف عادل ابن الجاسوسة إنشراح موسى أو رفائيل بن دافيد تفاصيل تجنيد والدته في الموساد حيث قال: "سافرت والدتي إلى بئر سبع بصحبة والدي والتقيا ضابط الموساد أبو نعيم حتى يتم تجنيدهما، وتطوير أدائهما، بعدما تيقن أنهما تحت سيطرته تماما، ويريدان التجسس لصالح الموساد الإسرائيلي".
وقال رفائيل بن دافيد: "بدأت معرفتي بقصة التجسس في المرحلة الإعدادية وكان عمري وقتها 11 عاما، ونسكن في حي الأميرية وهي منطقة فقيرة في وقتها، وفي أحد الأيام وتحديدا في مطار قويسنا بطريق مصر الإسكندرية الصحراوي، سمعت أبي يقول لأمي وهو يقود السيارة "يلا يا حبيبتي يا شوشو طلعي الكاميرا وصوري المطار الحربي"، وطالبها بتصوير جميع المناطق العسكرية بالإسكندرية بطول الطريق، وقاما والداي بتصوير كل أنحاء مصر من أجل الحصول على أموال من إسرائيل، وعندما رأيتهما يصوران تلك المواقع المهمة خافا أن ينكشف أمرهما فطلبت أمي من أبي أن يكشف لنا عما يفعلانه حتى لا يفضح أمرهما بين أصدقائنا داخل المدرسة بطريقة غير مقصودة، وذلك في عام 1967 وتحديدا بعد النكسة مباشرة حيث تم تجنيدهما".

وقال عادل إن والديهما أكدا أنهما يعملان مع أصدقاء لهما في إسرائيل، من أجل المساعدة على المعيشة بعد تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد بعد الحرب، فأبي كان دائما يقول لنا إن إسرائيل تجلب لنا العيش وكل ما نحتاجه.
وكشف رفائيل بن دافيد صدمته، عندما علم أن والده يعمل جاسوسا، لكن شقيقيه محمد ونبيل كانا سعيدين جدا، مؤكدا أنه عاشق لمصر، ولا يصح أن يخون أهله وناسه، وما حدث من أبيه وأمه إجرام، وقال لوالده في ذلك الوقت: "إذا استمررت في العمل مع إسرائيل سأبلغ الجهات المصرية بذلك".
جدير بالذكر أن المخابرات العامة المصرية ألقت القبض على الجاسوسة إنشراح موسى، وزوجها إبراهيم سعيد شاهين، لقيامهما بتصوير 72 فيلما لبعض المواقع العسكرية المهمة بعد نكسة 67، وصدر حكم على الزوجين بالإعدام شنقا، إلا أن الحكم لم ينفذ إلا على إبراهيم شاهين فقط، وانتشرت أنباء تفيد بخروج إنشراح موسى وأولادها في صفقة تبادل مع إسرائيل في صفقة لم يتم الإعلان عن تفاصيلها.