هزيمة أخلاقية وفضائح تاريخية
صحيفة الحالة الجنائية لتنظيم الإخوان بالخارج.. 10 وقائع نصب و2 سرقة تبرعات
تواجه جماعة الإخوان المسلمين في تركيا أزمة وجودية، ليست وليدة اليوم بفعل صراعات داخلية فضحت وقائع فساد مالي وإداري خطيرة، حيث كشفت الحقائق عن تحول مسار بعض قيادات الجماعة من العمل السياسي إلى ممارسة أنشطة غير مشروعة تتراوح بين النصب المنظم واستغلال أموال التبرعات، وصولاً إلى الضلوع في بيع الجنسية التركية.
كشفت التسريبات الصوتية والتحقيقات التي طفت على السطح خلال السنوات القليلة الماضية عن صورة قاتمة لوضع التنظيم داخل الأراضي التركية.
وشكلت التسجيلات الصوتية المسربة في عام 2019 نقطة تحول كبرى، حيث وثقت خلافات حادة بين القيادات حول مصير ملايين الدولارات التي تم جمعها كتبرعات لدعم القضايا الإسلامية والأسر المحتاجة.
وأشارت التسريبات بوضوح إلى قيام بعض القيادات مستغلين مناصبهم، باختلاس مبالغ طائلة واستثمارها في مشاريع شخصية، وشراء عقارات وسيارات فارهة في مناطق راقية بإسطنبول. هذه الفضائح أدت إلى انقسام عميق داخل الصفوف، بين من يطالب بالشفافية ومن يدافع عن رموزالجماعة المتهمين بالفساد، مما أفقد الجماعة الكثير من مصداقيتها أمام عناصرها .
التطور الأخطر يتمثل في فتح الأجهزة الأمنية التركية تحقيقات موسعة حول تورط عناصر وقيادات إخوانية في تشكيل «مافيا عقارية»، حيث استغل الاخوان برنامج الحكومة التركية لمنح الجنسية مقابل الاستثمار العقاري لجني الأرباح بطرق غير مشروعة.
وقامت هذه الشبكات بالاحتيال على أعضاء آخرين في التنظيم أو تسهيل حصول سوريين وجنسيات أخرى على جوازات سفر تركية عبر تلاعب في قيمة العقارات وإجراءات التملك، مقابل عمولات ضخمة ومبالغ مالية غير مسجلة رسميًا، هذه الأنشطة لم تقتصر على النصب، بل امتدت لتشمل شبهات حول عمليات غسل أموال واسعة النطاق.
مافيا بيع الجنسية
لم تتوقف الاتهامات عند الفساد المالي المنظم، بل شملت حالات نصب فردية موثقة، حيث وجهت اتهامات مباشرة ضد سلامة عبد القوي بالاستيلاء على مبلغ 200 ألف دولار أمريكي من أفراد داخل التنظيم، مما دفع الضحايا إلى اللجوء للقضاء التركي.
كشف عدد من النشطاء فى تركيا عن شبكة لبيع الجنسيات التركية بين أعضاء تنظيم الإخوان، يتزعمها حمزة زوبع الذى وصف بأنه المتحكم بشكل رئيسى فى منح الجنسية التركية للعاملين فى قنوات الإخوان قبل عام 2020.
وقال ناشط إخوانى يدعى سمير زكى أن زوبع كان يبيع الجنسية التركية مقابل آلاف الدولارات قبل ينكشف أمره لدي السلطات التركية .
وجاءت واقعة سحب الجنسية من محمود حسين المرشد العام للجماعة فى تركيا و46 آخرين من عناصر من التنظيم فى ديسمبر عام 2023، بسبب مافيا للتلاعب في العقارات، وتمكنت السلطات التركية وقتها من حصر وضبط عناصر هذه المافيا التي تضم مصريين وسوريين من أعضاء التنظيم.
وكان مرشد الإخوان قد حصل على ما يسمى بـ«الجنسية العقارية»، والتي تنص على إمكانية الحصول على الجنسية التركية من خلال شراء عقار بمبلغ معين، ويظل مملوكاً لطالب الجنسية لمدة لا تقل عن 3 سنوات، مع عدم البيع مستقبلاً إلا لمواطن تركي الجنسية.
إلا أن محمود حسين باع العقار عدة مرات لمصريين وسوريين للحصول على الجنسية، وهو نفس النهج الذى اتبعه عدد من أعضاء الجماعة للتربح.
النصب على سوداني
فى يونيو 2024، تم القبض على الإعلامي الإخواني عماد البحيري وعرضه أمام دائرة الهجرة الخاصة بشئون الأجانب في اسطنبول، علي خلفية اتهامه من قبل مواطن سوداني بالنصب عليه في معاملات مالية.
وحصل وقتها عماد البحيري المذيع بقناة الشرق الإخوانية، على مبلغ من المال من مواطن سوداني في تركيا مقابل تسهيل حصول المواطن السوداني علي الإقامة في اسطنبول، إلا أن البحيري عاد وتهرب منه، وهو ما دعاه لتقديم بلاغ ضده لدي السلطات المختصة.
وزعمت جماعة الإخوان وقتها ان التوقيف جاء بتدخل من أجهزة الأمن المصرية، وهو ما نفاه أيمن نور مالك قناة الشرق وزوجته دعاء حسن زميلة البحيري في القناة.
وقالت دعاء حسن، إنه لا صحة مطلقًا لوجود أي أبعاد سياسية، وأكدت في برنامجها علي قناة الشرق، المملوكة لزوجها أيمن نور، أن عملية القبض علي عماد البحيري في تركيا تمت على خلفية تخلفه عن الحضور أمام الجهات العدلية للتحقيق في شكوى مقدمة من شخص سوداني تتعلق بمعاملات مالية بينهما.
وواجه البحيري عدة تهم أولها النصب علي مواطن سوداني، والثانية التهرب الضريبي، اما الثالثة بحسب تقارير إعلامية فهي أن السلطات التركية ألقت القبض عليه بتهمة الاعتداء على رجل أمن تركي، وقررت النيابة العامة حبسه على ذمة التحقيقات.
استمرار سرقة التبرعات
كانت أشهر قضايا سرقة التبرعات، بعد فضيحة مرشد الجماعة فى تركيا، ما عرف بقضية«وقف الأمة»، حيث اتهمت حركة حماس عدد من أعضاء التنظيم الدولى للإخوان فى تركيا باختلاس تبرعات لإغاثة قطاع غزة وصلت إلى نحو 500 مليون دولار تم جمعها من مختلف دول العالم منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة فى أكتوبر 2023.
الفضيحة الاخلاقية تورط فيها عدد من قادة التنظيم الدولي للإخوان وحلفاؤهم في تركيا والأردن وقطر، بعد جمع ما يقارب نصف مليار دولار تحت اسم «وقف الأمة» لدعم وإغاثة أهل غزة.
وأصدرت حركة حماس، بيانًا رسميًا رفعت فيه الغطاء بالكامل عن جمعية «وقف الأمة» والقائمين عليها، مؤكدة أن حملة جمع التبرعات لا تمثلها، وأن الأموال التى تم جمعها تحت مزاعم إغاثة أهل غزو، جرى التصرف فيها خارج غزة وخارج أهداف الإغاثة. وشدد بيان حماس على أن تنظيم الإخوان استخدم مؤسسة وقف الأمة لجمع الأموال باسم القدس وغزة واستولى عليها.
وفي يناير 2024 أصدرت حركة حماس كذلك بياناً، أعلنت فيه تبرؤها من ثلاث مؤسسات وهي مؤسسة « وقف الأمة»، ومؤسسة «منبر الأقصى»، ومؤسسة «كلنا مريم »، ومسئولى هذه المؤسسات؛ سعيد أبو العبد، وفؤاد الزبيدي، وعبدالله سمير، وخلدون حجازي، وأحمد العمري، وزيد العيص.
وأكدت أن هذه المؤسسات باتت تعمل بعيداً عنها، بعد أن استولى عليها خارجون عن الصف الذين يستخدمون تزكيات قديمة لجمع التبرعات بشكل يضر بأهل غزة والقدس.
وبحسب الموقع الإلكترونى لـ وقف الأمة؛ فهي مؤسسة خيرية تعمل من تركيا منذ عام 2013، وتحظي بدعم عدد كبير من الشخصيات المحسوبة على تنظيم الإخوان الدولى، وعلى رأسهم «على قرة داغي» الأمين العام لما يسمي اتحاد علماء المسلمين.
حفيد حسن البنا
وفى سبتمبر 2024 أصدرت محكمة استئناف سويسرية، حكما بالسجن ثلاث سنوات علي الباحث الإخواني طارق رمضان حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، بتهمتي الاغتصاب والإكراه على إقامة علاقة جنسية، بعد تبرئته في المحكمة الابتدائية.
وذكرت محكمة العدل في جنيف أن دائرة الاستئناف الجنائية "أبطلت قرار محكمة الجنايات الصادر في 24 مايو 2023 مع الإقرار بإدانة طارق رمضان حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، بتهمة الاغتصاب والإكراه الجنسي في غالبية الوقائع المبلغ عنها.
وبعد هذه البراءة، استأنفت صاحبة الشكوى على الفور الحكم، والتي أطلقت على نفسها اسم "بريجيت" لحماية نفسها من التهديدات، وأضافت محكمة العدل أن دائرة الاستئناف الجنائية حكمت على طارق رمضان بالسجن ثلاث سنوات بينها عام مع النفاذ.
وأوضحت المحكمة أن هذه الوقائع حدثت في جنيف ليلة 29 أكتوبر 2008، وهو التاريخ الذي تعرضت فيه المدعية للاغتصاب وممارسة الجنس بالإكراه. يذكر أن رمضان حوكم بتهمة الاغتصاب كذلك فى فرنسا وتمت تبرئته من التهمة فى الاستئناف بعد إدانته بحكم أول درجة.








