و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

فكرة ألمانية قديمة من 100 سنة

"مشروع منخفض القطارة" يتجدد بين تنمية الصحراء الغربية و كوابيس تدمير البيئة

موقع الصفحة الأولى

يعد مشروع ربط منخفض القطارة بالبحر الأبيض المتوسط أحد أكثر الأفكار الهندسية طموحاً وإثارة للخلاف في مصر، فبين رؤى تحويل الصحراء الغربية إلى جنة خضراء ومركز للطاقة والسكن، وتحذيرات علمية من كارثة بيئية، يظل المشروع معلقاً بين التأييد والمعارضة منذ عقود طويلة.
فكرة الاستفادة من منخفض القطارة ليست وليدة اليوم، بل تعود جذورها إلى بداية القرن العشرين، وبدأ الاهتمام الجدي بالمشروع على يد المهندسين الألمان في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، حيث طرحوا دراسات للاستفادة من فرق المنسوب بين مستوي البحر والمنخفض الذى يصل إلى 134 متراً تحت سطح البحر في توليد الطاقة الكهرومائية، من خلال حفر قناة تصل بين البحر المتوسط والمنخفض.
ومر المشروع بمراحل عدة من الدراسة والتخطيط، وظهرت مقترحات مختلفة عبر عقود من الزمن، بما في ذلك فكرة استخدام التفجيرات النووية لحفر القناة .
وفي الآونة الأخيرة، عادت الفكرة للظهور بقوة تحت مسمى مشروع منخفض القطارة الأخضر، مدعوماً بدراسات جديدة وآمال في حل مشاكل الطاقة والتكدس السكاني في مصر، وهي الفكرة التى واجهتها محاوف بيئية واقتصادية تضع المشروع على المحك
وعلى الرغم من الدعم الشعبي لرؤى التنمية الواعدة، يواجه المشروع معارضة شديدة من قبل خبراء الري والبيئة، لأسباب كثيرة، تتمثل فى خطورته على الخزان الجوفى وتغيير النظام البيئي.
من جانبه، حذر وزير الري الأسبق الدكتور محمد نصر علام، من مشروع ضخ مياه البحر المتوسط في منخفض القطارة، مؤكدًا أنه يعمل على تدمير مخزون المياه الجوفية في المنطقة، وأشار إلى أن المشروع تم رفضه قبل ذلك عام 1978، كما رفضته وزارة الري منذ سنوات قليلة.

رفض وزارة الري

وعبر الدكتور محمد نصر علام عن رفضه القاطع للفكرة قائلًا: ما يصحش كده واحنا عندنا وزارات عريقة متخصصة، وعلماء مميزين بالجامعات المصرية!؟ طيب استعين بأساتذة جامعات متخصصة أولا.. أو حتى اذهبوا لوزارة الرى لمناقشة مقترحاتكم.. هذا كلام يهين الدولة بمؤسساتها المختلفة ويجب عدم التهاون فيه.
ويخشى المعارضون لمشروع منخفض القطارة من أن يؤدي ضخ كميات هائلة من مياه البحر المالحة إلى تغلغل هذه المياه وتسربها إلى الخزان الجوفي النوبي العظيم، وهو مصدر حيوي للمياه العذبة في المنطقة وواحات مثل سيوة، مؤكدين أن تلوث لهذا المخزون المائي الاستراتيجي كارثة لا يمكن تداركها.
وقد يؤدي إنشاء بحر داخلي ضخم إلى تغييرات مناخية محلية، لكن الخبراء يحذرون أيضاً من عواقب وخيمة محتملة على التوازن البيئي في الساحل الشمالي والدلتا، وتغير في التيارات البحرية قد يسبب تآكلاً للسواحل. كما أن البحيرة المالحة ستتحول بمرور الوقت إلى بحر ميت بسبب التبخر وزيادة الملوحة.
ويبقى مشروع منخفض القطارة حلماً يراود المصريين لتحويل مساحات شاسعة من الصحراء إلى مناطق حيوية على ضفاف بحيرة صناعية في المنخفض لإنتاج الطاقة الكهرومائية. ومع ذلك، فإن غياب دراسات جدوى قاطعة وموحدة تحظى بإجماع علمي، ووجود مخاوف بيئية عميقة، يبقي «مشروع القرن» معلقاً في انتظار إرادة سياسية حاسمة أو حلول هندسية مبتكرة تتجاوز تلك التحديات.

تم نسخ الرابط