التسويق السياسي الرقمي
انتخابات إلكترونية .. 87% من الناخبين يختارون مرشحيهم عبر «السوشيال ميديا»
كشفت دراسة حديثة نشرت في عام 2024 في المجلة العلمية لبحوث العلاقات العامة والإعلان أن 87.6٪ من الناخبين في مصر يتابعون محتوى الحملات الانتخابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويتفاعلون معه بالضغط على زر "أعجبني" أو من خلال المشاركة والتعليق بنسبة 75.6٪، ما يوضح حجم التحول الكبير في سلوك الناخبين نحو الدعاية الرقمية خلال انتخابات مجلس الشيوخ والنواب 2025.
وشهدت الدعاية الانتخابية في مصر تحولًا جذريًا خلال العقدين الأخيرين. فبعد أن كانت الحملات تعتمد بشكل رئيسي على اللافتات الورقية، المؤتمرات الشعبية، والزيارات الميدانية، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي اليوم هي الساحة الرئيسية للتنافس السياسي. ومع انتشار الإنترنت وتزايد استخدام الهواتف الذكية، بدأت الحملات الانتخابية منذ انتخابات 2014 و2018 تتجه تدريجيًا نحو الفضاء الرقمي، وصولًا إلى انتخابات مجلس الشيوخ والنواب في عام 2025 التي رسخت هذا التحول.
كما شهدت انتخابات مجلس الشيوخ 2025 تنافسًا واضحًا بين أدوات الدعاية التقليدية والمنصات الرقمية المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي. فقد نجحت وسائل التواصل الاجتماعي في الوصول إلى شريحة واسعة من الناخبين، بينما واصلت المؤتمرات الجماهيرية والجولات الميدانية واللافتات لعب دور مؤثر في كسب التأييد، لكن بدرجة أقل مقارنة بالمنصات الرقمية.
وأصبحت السوشيال ميديا عنصرًا أساسيًا في الحملات الانتخابية، حيث يمكن للمرشحين نشر رسائلهم بسرعة، والمشاركة في حوارات مباشرة مع الناخبين، وتحقيق تفاعل فوري مع جمهورهم. وفي انتخابات مجلس النواب 2025، تحولت المنصات الرقمية إلى الساحة الرئيسية للحملات، ولم تعد المؤتمرات والجولات الميدانية وحدها كافية للوصول إلى الناخبين، حتى في الاستحقاقات الرئاسية، مع التركيز على الظهور الإعلامي المكثف عبر الفضائيات ومنصات التواصل الاجتماعي.
كما شملت الحملات استخدامًا متزايدًا لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، مع اهتمام خاص بالدعاية الإلكترونية المستهدفة للجمهور بعناية. على سبيل المثال، نظمت حملة الرئيس عبد الفتاح السيسي عدة مؤتمرات عبر الأحزاب والتيارات الداعمة له، بينما اقتصرت بعض الحملات الأخرى على عدد محدود من المؤتمرات لأسباب مالية أو تنظيمية، مع الاعتماد على اللقاءات التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى الناخبين.
وأكد أحمد بدرة، مساعد رئيس حزب العدل، أن الحزب وضع خطة دعائية مدروسة لمرشحيه في انتخابات مجلس الشيوخ 2025 تعتمد على مزيج من المؤتمرات الجماهيرية والسوشيال ميديا، مع اهتمام خاص بفهم الواقع المجتمعي، وهو دور يتولاه الشباب في الحزب. وأضاف أن 70% من أعضاء الحزب شباب، ما مكّن الحزب من بناء قدرات كبيرة في التسويق السياسي الرقمي، مع التركيز على تبسيط الرسالة للمواطن وتحسين حياته اليومية، بما يعكس هدف الحزب في الوصول إلى الناخبين بشكل فعال وواضح.
وفي السنوات الأخيرة، بدأت بعض الحملات في مصر استخدام أدوات تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي الانتخابي للتعرف على اهتمامات الناخبين واستهدافهم بإعلانات مخصصة. كما اتجهت فرق الحملات إلى تحليل مشاعر المستخدمين على شبكات التواصل لرصد اتجاهات الرأي العام في الوقت الفعلي، في خطوة تُعد نقلة نوعية في إدارة الحملات الانتخابية.
التحول الرقمي للانتخابات
وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات التزامها الواضح بـ “مواكبة التحول الرقمي” كجزء أساسي من تحضيراتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025، في خطوة تعكس إدراكًا رسميًا لأهمية الرقمنة في تعزيز الاتصال بالمواطنين. ومن مظاهر هذا التوجه تطوير تطبيق إلكتروني جديد يمكّن الناخبين من معرفة مواقع لجانهم الانتخابية بسهولة، مع معلومات جغرافية دقيقة. كما أصبحت منصات التواصل الاجتماعي ضمن قنوات التواصل الرسمية للهيئة، بما يعكس دمجًا منهجيًا للمنصات الرقمية ضمن استراتيجيات التوعية والشفافية.
كما أطلقت نقابة الإعلاميين غرفة عمليات مخصصة لتيسير التغطية الإعلامية للانتخابات، ضمن إطار من القواعد المنظمة التي تحكم الإعلام الانتخابي. ويعكس هذا التنسيق نهجًا منظمًا لضمان تدفق المعلومات بشكل متوازن خلال الفترة الانتخابية.
ورغم الفوائد الكبيرة لاستخدام السوشيال ميديا، ظهرت تحديات تتعلق بالإنفاق المفرط على الدعاية. فقد رصدت تقارير تجاوزات في الإنفاق، ما أثار انتقادات من المواطنين الذين طالبوا بتوجيه الأموال لدعم الفقراء. وضعت الهيئة الوطنية للانتخابات ضوابط لضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين، من بينها تحديد سقف للإنفاق الدعائي في الانتخابات الرئاسية: 20 مليون جنيه للجولة الأولى و5 ملايين جنيه في حال الإعادة.
كما تعمل الهيئة بالتعاون مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام على مراقبة المحتوى الانتخابي المنشور عبر الإنترنت، للحد من الأخبار المضللة وحملات التشويه، خاصة مع تصاعد نشاط الحسابات الوهمية والذباب الإلكتروني، وهو أحد أبرز التحديات التي تواجه الحملات الرقمية.
ولا يزال بعض المرشحين يعتمدون على الدعاية التقليدية مثل اللافتات والطرق على الأبواب، بينما تميزت حملة الرئيس السيسي بالاستعانة بفريق متخصص لإدارة الدعاية الرقمية، ما أتاح له حضورًا واسعًا عبر صفحات ومنصات الدعم غير الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، في انعكاس واضح للتحول الكبير في أساليب الدعاية الانتخابية.
وتشهد الطرق أيضًا تزايدًا كبيرًا في الإعلانات الرقمية الوامضة، إذ ارتفع عدد اللوحات الإعلانية من نحو 2500 لوحة في عام 2019 إلى حوالي 6300 لوحة في عام 2025، ما يعكس التوسع في استخدام الإعلانات الرقمية كأداة دعائية مؤثرة.








