يضم 1400 ناقلة
الاتحاد الأوروبي يعلن خطة مواجهة لأسطول الظل الروسي وأساليب لتجنب الرقابة

يثير ما يُعرف بـ «أسطول الظل الروسي»، الذي تستخدمه موسكو للتحايل على العقوبات المفروضة على صادراتها النفطية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، قلقًا متزايدًا داخل الاتحاد الأوروبي. ويشير هذا المصطلح إلى شبكة من الناقلات البحرية القديمة أو ذات الملكية غير الواضحة، تُسجَّل غالبًا تحت أعلام دول تُسهِّل عمليات الإخفاء، وتستخدم أساليب مختلفة لتجنب الرقابة، مثل نقل النفط بين السفن في عرض البحر، أو إيقاف أنظمة التتبع الآلي (AIS)، أو تغيير العلم والمالك لتضليل الجهات الرقابية. ويهدف الأسطول إلى الحفاظ على تدفقات العائدات النفطية الروسية رغم العقوبات وسقف الأسعار المفروض من مجموعة السبع.
تشير وثيقة عمل أعدّها خبراء الاتحاد الأوروبي لاجتماع وزراء الخارجية في لوكسمبورج إلى أن عدد ناقلات النفط المنضوية تحت هذا الأسطول يتراوح حاليًا بين 600 و1400 سفينة، وهو رقم يعكس نموًا مطردًا رغم القيود المتزايدة. وفي الحزم العقابية السابقة، ارتفع عدد السفن المدرجة تدريجيًا: ففي الحزمة السابعة عشرة أضيفت نحو 189 سفينة، وفي الحزمة الثامنة عشرة وصل العدد إلى 444 سفينة تقريبًا. أما الحزمة التاسعة عشرة، التي يناقشها الاتحاد حاليًا، فتتضمن إدراج أكثر من 560 سفينة ضمن القوائم السوداء.
تحليلات من معهد «بروكينجز» الأميركي تؤكد أن نشاط هذا الأسطول ما يزال يتوسع في سباق مستمر مع العقوبات الغربية، إذ تظهر بيانات حديثة أن موسكو تواصل الاعتماد على هذه السفن كأداة استراتيجية للحفاظ على صادراتها النفطية التي تشكل مصدرًا رئيسيًا لتمويل الحرب.
يحظى هذا الملف باهتمام أوروبي متزايد لأسباب سياسية واقتصادية وأمنية. فمن جهة، يمثل استمرار تدفق النفط الروسي مصدرًا حيويًا لتمويل الاقتصاد الحربي الروسي، ما يقوّض الجهود الغربية الرامية إلى إضعافه ودعم أوكرانيا. ومن جهة أخرى، يشكّل هذا الأسطول ثغرة خطيرة في منظومة العقوبات الغربية، إذ إن استمرار عمله يفرغ القيود من مضمونها ويُبقي على تدفق العائدات الروسية.
مخاطر بيئية
كما حذّرت الوثيقة الأوروبية من مخاطر بيئية جسيمة قد تنجم عن تسربات نفطية أو حوادث بحرية، نظرًا لقدم السفن وسوء حالتها الفنية، مما قد يسبب أضرارًا طويلة الأمد للنظم البيئية الساحلية ومصائد الأسماك. وتشير تقارير إلى أن بعض هذه السفن فقدت القدرة على المناورة أثناء نقل النفط الروسي، مثل حادثة السفينة Eventin قرب بحر البلطيق، وهو ما أعاد المخاوف من وقوع كارثة بيئية واسعة النطاق.
ولم تقتصر التحذيرات على البيئة فقط، بل امتدت إلى الأمن البحري. فقد حذّر خبراء الاتحاد من احتمال استخدام بعض ناقلات “الظل” كمنصات لإطلاق طائرات مسيّرة لأغراض التجسس أو التشويش الإلكتروني، خاصة بعد رصد طائرات مجهولة الهوية فوق الدنمارك تسببت في تعطيل الحركة الجوية مؤقتًا في كوبنهاجن. وفي المقابل، يعمل الاتحاد الأوروبي حاليًا على تطوير إطار قانوني جديد يتيح تفتيش أو توقيف هذه السفن عند دخولها المياه الأوروبية، وتعزيز التعاون الاستخباراتي والبحري مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وتشير تقارير «رويترز» إلى أن شبكة السفن ضمن أسطول الظل توسّعت كلما تشدّدت العقوبات، إذ نقلت بعض السفن الروسية ما يقرب من 24 مليار دولار من النفط والبضائع خلال عام 2025 وحده، وفق تقديرات الحكومة البريطانية. وردًا على ذلك، فرضت لندن في يوليو الماضي عقوبات على 135 ناقلة مرتبطة بالأسطول الروسي، شملت حظرًا على الرسو في الموانئ البريطانية أو تلقي خدمات التأمين والصيانة.
ورغم تصاعد العقوبات، ما تزال تحديات التنفيذ والمتابعة قائمة. فعدد السفن العاملة فعليًا قد يفوق الأرقام الرسمية، بينما تصعّب الهياكل المعقّدة للملكية وتبديل الأعلام عمليات التتبع القانوني. كما يشير محللون إلى أن العقوبات الأميركية ما تزال أكثر فعالية مقارنة بالأوروبية، بفضل ما يُعرف بـ “العقوبات الثانوية” التي تمتد آثارها إلى الأطراف الداعمة والمتعاونة مع موسكو.
وفي المقابل، يرى مراقبون أن توسيع تفويض الاتحاد الأوروبي لتفتيش السفن ومنع خدمات التأمين والتموين عنها سيحدّ تدريجيًا من حرية حركتها ويزيد كلفتها التشغيلية، مما يقلص من فعالية “أسطول الظل” على المدى المتوسط. كما أن الضغط المتزايد على الدول والشركات التي تقدم خدمات التسجيل أو التأمين لهذه السفن قد يؤدي إلى تقويض شبكات الدعم اللوجستي والمالي التي تعتمد عليها موسكو في الحفاظ على هذا الأسطول الغامض.