و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

شرط تجريم الحفر عن الآثار

«النقض»: عرض الرشوة على الموظف بجدية سبب كاف لثبوت الجريمة ولو لم يقبلها

موقع الصفحة الأولى

أرست محكمة النقض مبدأ قانونيا وقضائيا مهما، وهو أنه يكفي لقيام جريمة عرض الرشوة مجرد العرض الجدي على موظف عام ولو لم يقبلها، كما كشفت مبدأ قانونيا آخر، وهو أن الحفر بقصد البحث عن آثار لا يُجرَّم إلا إذا تم داخل منطقة أو أرض اعتبرها القانون أو قرارات الوزراء منطقة أثرية وفقًا لأحكام قانون حماية الآثار.

وجاء في أسباب حكم محكمة النقض رقم 1827 لسنة 80 قضائية، أن النيابة العامة اتهمت الطاعن بجريمتين وهما: عرض رشوة على موظف عام (ملازم أول نقيب شرط) بقصد دفعه لارتكاب فعلٍ من شأنه تأمين مصالح الراشي، والحفر والتنقيب عن آثار دون ترخيص من الجهات المختصة، وأحالته النيابة إلى محكمة جنايات شبين الكوم.

كما حكمت محكمة الموضوع بجلسة 3 نوفمبر 2009، بإدانة الطاعن بجريمة عرض رشوة عملا بالمادة 109 مكرر/1 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات، مع سجن وعقوبة وغرامة، وبرّأت باقي المتهمين من التهمة الأثرية، وطعن المحكوم عليه بطريق النقض، كما طعنت النيابة العامة على الحكم في جزء البراءة من التهمة الأثرية.

واستند الطاعن في طعنه إلى وجود قصور في تسبيب الحكم، وفساد في الاستدلال، وإخلال بحق الدفاع، وبطلان إجراءات البحث والتحريات وأذون الضبط والتفتيش والقبض لعدم جدية التحريات أو لصدور الإذن عن غير المختص، وكذلك عدم الاستجابة لطلبه بإدراج تقرير التحقيق الإداري والتحقيقات الداخلية من وزارة الداخلية، وطلب تحريز المكالمات والهواتف وغيرها. كما طعن في أن شهادة النقيب لم تتصل بواقعة عرض الرشوة.

أما طعن النيابة العامة على براءة الطاعن من تهمة إجراء حفر أثري دون ترخيص، فاستندت إلى أن المنطقة يُمكن اعتبارها منطقة أثرية أو على الأقل تدخل ضمن النطاق الذي تسري عليه أحكام حماية الآثار، وأن القانون يجيز تطبيق العقوبة حتى على الأراضي التي يثبت احتمال وجود آثار فيها.

وقالت محكمة النقض في حكمها، إنها قرأت الأوراق وخلصت إلى أن واقعة عرض الرشوة قد بيّنتها أدلة كافية في الحكم الابتدائي، وأن ما أورده الحكم من مذكرات التحريات وأقوال الشهود، لا سيما أقوال الشاهد الأول "ملازم أول"، يكفي لقيام عنصر «العرض» في جريمة الرشوة، إذ أن الجريمة تقوم بمجرد العرض عندما يكون جادًّا في ظاهره وموجّهًا إلى صاحب ذات صفة أو من في حكمه، فلا يشترط قبول الرشوة لإقامة الجريمة.

دفوع المحكمة

وأضافت النقض أن معارضة الطاعن بطلبات مثل طلب إدراج التحقيق الإداري أو تحريز المكالمات لم تُقدَّم أو لم تُطلب أمام محكمة الموضوع أثناء الجلسات بطريقة توجب إعادة إجراءات أو تَنَفّذًا لازماً، والمحكمة لا تلزم نفسها بالرد على دفوع ظاهرية من هذا النوع إذا كانت واضحة البطلان.

ولفتت إلى أنه بالنسبة لبطلان أذون القبض والتفتيش لكونها مستندة إلى تحريات «غير جدية» أو «مستقبلية» أو صدورها من غير مختص، فمحكمة النقض تؤكد أن أحكام القانون في المادة 206 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية بعد التعديل، تُعطي أعضاء النيابة العامة ذوي الدرجة المناسبة صلاحيات تحقيقيّة مُعيّنة، وعليه فلا قَبول لدفع الطاعن بخصوص «عدم اختصاص» أو «بطلان الإذن» إذا كانت الأذون بحسب المدون ومطابقة للصلاحيات المقررة قانونًا.

ولذلك، ترى محكمة النقض أن الطاعن لم يثبت إخلالًا جوهريًا بحق الدفاع أو بطلانًا في إجراءات البحث يطعن في سلامة الإدانة، وأن نعيه على حساب صدقية الشاهد أو «عدم جديته في قبول الرشوة» لا يَثْني عن قيام الجريمة مادام العرض متحقّقًا وجادًا.

أما عن طعن النيابة العامة على براءة المتهم في تهمة الحفر الأثري، فقالت محكمة النقض، إن وقائع المحاكمة وأقوال الشهود، وتقرير الخبير أو ما ورد بالمحاضر، نبين أنّ المنطقة لم يُصدر بشأنها قرار باعتبارها أرضًا أثرية، وأنها ليست أرضًا مملوكة للدولة مصنفة أثرية، ولا تقع ضمن نطاقات المناطق المتاخمة أو المحاذية أو الصحراوية أو مناطق محاجر مخصصة، أي أن عناصر تَوَقُّع الجريمة الأثرية (بحسب نصوص القانون) لم تُثبت. كما أن ثبوت إجراء دراسات أثرية في المنطقة عام 1984 لم يَرُقَ إلى مستوى القرار الإداري الذي يجعل المكان أرضًا أثرية يخضع تلقائيًا لحظر الحفر دون ترخيص.

لذلك اعتبرت محكمة النقض أن قيام «الجريمة الأثرية» (الحفر والتنقيب دون تصريح) غير متوافر الأركان في ضوء النص القانوني وتطبيقه على الحالة الثابتة بالأوراق، وترفض المحكمة طعن النيابة في جزء المطالبة بإدانة الحفر، أي تأييد براءة المتهم من هذه التهمة، وحكمت المحكمة بقبول طعن المحكوم عليه شكلاً، وفي الموضوع برفضه أي تأييد قرار الإدانة بجريمة عرض رشوة كما صدر عن محكمة الموضوع، وقبول طعن النيابة العامة شكلاً، وفي الموضوع برفضه، أي رفض طعن النيابة على براءة الطاعن من التهمة الأثرية، وبقاء حكم البراءة على ما هو عليه.

تم نسخ الرابط