
هناك مرتكزات وقيم تربوية تمسك بها العنصر اليهودى على أرض فلسطين ، فنلاحظ فى كل مناهج التعليم الإسرائيلية استخدام مصطلح " العودة"، فيفهم الجيل المهاجر إلى أرض فلسطين أن الكيان الصهيونى كان موجودا من قبل، ثم عاد إلى أرضه القديمة وهذا المصطلح وحده يحمل آليات التزوير الفكرى عبر العقود الزمنية المتعاقبة ، ولأن الفلسطنيين أهملوا أرض إسرائيل فكان القدر حاكما بحتمية عودة الكيان مرة أخرى ، وليغلب العنصر اليهودى بغية تهويد كامل للتراب الفلسطينى ...، وهذا تصور خطير تم الزج به فى مناهج التعليم ، وليدرك كل جيل أت هذه الفكرة المزورة ، والتى تشكل وجدان العقلية الصهيونية الناشئة.
الأمر الثانى اعتبار فلسطين والهضبة السورية (الجولان) أرض يهودية ، وكل الأقطار العربية المحيطة بها دولا أجنبية لا علاقة لها بفلسطين قوميا وعقائديا وتاريخيا ، وهو فكر تمزيقى خطير ، من شأنه أن يخلق جيلا لا يعترف بالحقوق المشروعة للعرب فى كل بقاع حول فلسطين.
الأمر الثالث : تعمد إغفال التاريخ العربى الإسلامى فى فلسطين على مر العصور ، وكأنها لم تكن فى صفحات التاريخ من قبل.
رابعا : اعتبار العرب أصحاب الأرض الأصليين الشرعيين قد احتلوا وطنهم!!، فى واحدة من مواقف البجاحة فى الحياة الفكرية والسياسية على السواء ، وكذلك أدمجوا فى مناهج التعليم أن الفتح الإسلامى احتلال !!، واعتبروه غزوا تاريخيا للأرض التى اعتبرها اليهود ملكا لهم ..، الأمر الذى يخلق جيلا فلسطينيا مبتوت الصلة بحقيقة تاريخه ، أولئك الذين اختاروا أن يتعلموا فى مدارس الكيان الصهيونى.
ومما يؤسف أن هناك قوما عربا من البله السذج يرددون مثل هذا العبث ، ويثرثرون به عبر الأجهزة المرئية والمسموعة ، بل والمقروءة.
خامسا :
التركيز فى المناهج على أن سكان فلسطين الأصليين من العرب بأنهم قبائل بدوية ضالة ، لا وطن لها ولا مقر ، وأنهم قد دأبوا على الترحال والتنقل وقد وصلت إلى فلسطين عبر الصحراء، ولا تمت لأرض فلسطين بصلة ، ومن ثم ليس لهم أية تواريخ تربطهم بالمنطقة.
سادسا: كما تضمنت المناهج الصهيونية معلومات مؤكدة بالأكاذيب أن لليهود ممتلكات خارج حدود فلسطين، هى من حقهم، مترامية فى حوران ، وجنوب الجولان ، وفى الأردن .
سابعا: التركيز على أهمية إقامة المستوطنات، وتلقينها الأجيال المتعاقبة بهدف تعزيز الدفاع عن الكيان الإسرائيلى ، خاصة بعد حرب يونيو 1967 ، وأكتوبر 1973. وأن بناء هذه المستوطنات يحول دون تفكير الفلسطنين لإحتلال هذه الأماكن . ولعلنا ندرك خطورة ذلك فى مقابل منع المصريين تعمير سيناء ووجود مجتمعات سكنية من شأنها بث الرعب فى نفوس المحتل .
ثامنا: التركيز على مدى شجاعة الجندى اليهودى وصلابة فنيات القتال عنده ، ومدى تفوقه على المقاتل العربى المحدود فكريا وفنيا، المشلول أمام التطور وإحراز النصر ، ويتم استعراض الهزائم التى منى بها العرب على يد إسرائيل، وكذا عرض العدوانيات الغادرة على أراضى العرب بأنها بطولات عظمى قام بها اليهود.
تاسعا : تحميل العالم كله مسؤلية ما تعرض له اليهود عبر تاريخهم فى حالة من المسكنة والتذلل .
والأخطر من ذلك ترويج هذه الأفكار ليحملها بعض التنويريين محدودى التفكير ليرددوا بعض هذه الأفكار ، والذين يرصدون هذا التاريخ يسألون أنفسهم ماذا فعل العرب فى مناهجهم حتى يصدوا هذا العدوان الثقافى؟