و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

بعد حرب يونيو 1967 والخسائر التى لحقت بالعرب، تحركت السينما الإسرائيلية بقوة لتواكب انتصارهم وتلاحقه، وتحدثت السينما الإسرائيلية بانتاج روايات عديدة تبرز حالة الغطرسة التى صاحبت نصرهم وسعت هذه الأفلام إلى تمجيد نصرهم، وبيان أهميته، مع بيان قوة إسرائيل التى لا تقهر. وبلغت العالم الثقافى بمؤلفات ومقالات عن النصر الذى أحرزوه على العرب، ونجحوا فى جذب الخبرات السينمائية الأجنبية من ممثلين ومخرجين ومنتجين، وبالأحرى انضم إليهم السينمائيون اليهود المعروفون بالميول الصهيونية.
وكرست إسرائيل فى هذه الفترة جهودها الإعلامية إلى توجيه الرأى العام العالمى بكم رهيب من الأكاذيب والتزويرات ، ومغالطات أخرى لتوجيه الرأى العام الداخلى فى إسرائيل، وصنعت وهميات الجندى الإسرائيلى الذى لايقهر، الجندى الفولاذى الذى حقق المعجزات الخارقة فى حرب 1967 ضد العرب.
ولامجال للإنكار إذ نجحت إسرائيل فى تشكيل عقلية رجل الشارع الإسرائيلى بهذا الانتصار، ومنحته الثقة العظمى فى دولته وجيشه، فى المقابل أظهروا حالة الخيبة التى ظهر بها العرب،وصوروا حالات الأنهيار التى ظهرت على إعلام العرب، وضخموا حجم الأحزان لديهم حتى يتشفى المواطن الإسرائيلى فيهم.

عظمة إسرائيل 


وقد قامت السينما الإسرائيلية بالدور الأكبر فى نشر هذا التصور،بما تملكه من أساليب ناعمة وهادئة فى إدخال وهم عظمة إسرائيل وقوتها الخارقة فى نفوس العوام ولمع فى هذا الميدان فيلم "ملف أورشليم" وهو إنتاج إسرائيلى أمريكى مشترك، عبر شركة "مترو إسبرطة" واشترك فى إخراجه فنيون من أمريكا وفرنسا وإنجلترا وإسرائيل، وطاقم ممثلين عالمين طالما جمعوا بين النجومية والشهرة.
والفيلم تدور أحداثه فى القدس بعيد حرب 1967 مباشرة، حيث التقى "ديفيد آرمسترونج" الطالب الدراس للآثار مع صديقه العربى "راشد" وتعاونا معا فى الدراسة، وقد تعرضا يوما لطلقات نارية من سيارة تخص الفدائيين، وتم نقل ديفيد للمستشفى .. وبعد التحقيق قرر بينه وبين نفسه ترك إسرائيل لفقدان الأمن على حياته، وقبل رحيله تعرف على "باراك" الطالب الإسرائيلى الذى عقد ندوة ضمت طلابا من اليهود والعرب جميعا، أولئك الذين يؤمنون بفكرة التعايش معا، ويرفضون فكرة الحرب والعمليات الإرهابية (الفدائية).
وفى الفيلم ظهرت جملة من العمليات التى قام بها العرب وراح ضحيتها العرب واليهود على السواء، وأن هذه الجرائم يقوم بها العرب لمنع هذه الندوات المشتركة الداعية إلى السلام والغريب أن هذا الفيلم لقى نقدا مؤثرا من مجموعة بريطانية معنية بالأعمال الفنية، والسبب أن الفيلم أسس فكرته على همجية العرب، وأن نصر إسرائيل فى 1967 لا يعنى نهاية العرب، وكذلك انتقد عدم صدق الحياد الإسرائيلى مع عرب المنطقة فى فلسطين مبينا أن هذه العمليات الفدائية بالتأكيد لها دوافع جديرة بالمعرفة الصادقة، وكان على الفيلم مناقشتها بموضوعية وواقعية.
وأبرز الناقد الإنجليزى "ديفيد ويلسون" سلبيات إسرائيل فى محاولتها الفاشلة فى تصوير حاصل ليس واقعيا .. فالواقع أن هناك صراعا بين العرب وإسرائيل ، والفيلم ألقى بالكيروسين على اللهب المشتعل، وأن مشاهد الطلاب العرب واليهود المؤيدين للتعايش معا هى رؤية مثالية غير واقعية تماما، وليست الأهداف والغايات التى تهدف إليها إسرائيل لا تتحقق بمثل هذه الأعمال الوهمية وشدد فى انتقاد السيناريو الذى كتبه "تروى كندى مارتن" أنه يحمل تناقضا كبيرا بين ماجاء فى الفيلم، وبين واقع السياسة الإسرائيلية التى تستهدف القيام بالمجازر الرهيبة بين الفلسطينين فى القرى المسالمة !!. واقترح الناقد أن تبعد السينما الإسرائيلية عن السياسة نهائيا لأنها تزور التاريخ، وبالرغم من ذلك فهى لا تصل إلى مبتغاها التى زورت التاريخ من أجله
 

تم نسخ الرابط