تساؤلات عن فواتير الوزارات والهيئات
قانون الكهرباء يفجر الخلاف في مجلس الشيوخ.. نائبة: خلل في العدالة العقابية
مناقشات حادة شهدها مجلس الشيوخ حول مشروع تعديل بعض أحكام قانون الكهرباء، خاصة بين العديد من النواب وممثلي الحكومة كوزير الشؤن النيابية وممثلي وزارة الكهرباء، لكن عدد من النواب أعربوا عن رفضهم لعدة مقترحات خاصة ببنود القانون خاصة فيما يخص تغليظ العقوبة والمساواة بين المواطن البسيط والأنشطة التجارية السارقة للكهرباء.
فمن جانبه أعلن النائب أيمن الصفتي، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، رفضه لمشروع تعديل بعض أحكام قانون الكهرباء، مؤكدا أن عددا من المواد المقترحة تحتاج إلى مراجعة دقيقة ومتأنية قبل إقرارها، لما لها من تأثير مباشر على قطاع حيوي يمس حياة المواطنين.
وأوضح الصفتي أن الاعتماد على تشديد العقوبات وحده لا يمثل حلا جذريا للمشكلات القائمة في قطاع الكهرباء، مشددا على ضرورة إقرار آليات رقابية واضحة وفعالة تضمن المحاسبة العادلة للمخالفين دون الإضرار بالعاملين الملتزمين بالقانون.
وأشار إلى أن الحد الأدنى الحالي للغرامات، والبالغ 100 ألف جنيه، كاف لتحقيق الردع، معتبرًا أن مقترح تخفيض الغرامة إلى 50 ألف جنيه لا يحقق الهدف المرجو من التعديل ولا يسهم في الحد من المخالفات.
وأكد النائب أيمن الصفتي أهمية التوازن بين حماية المرفق العام وضمان حقوق المواطنين، مع ضرورة رفع مستوى الوعي القانوني لدى العاملين بقطاع الكهرباء، بما يضمن استمرارية الخدمة بصورة قانونية وآمنة تحقق الصالح العام.
خلل في العدالة العقابية
ومن جانبها قالت النائبة أميرة صابر ، عضو مجلس الشيوخ ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إنها أعلنت اعتراضها الكامل خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ في مفتتح الفصل التشريعي على مشروع القانون الخاص بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر بالقانون رقم 87 لسنة 2015، وهو الاعتراض الذي سبق أن أبدته خلال مناقشات اللجنة المختصة.
وأوضحت النائبة أن اعتراضها لا يستهدف حماية المرفق العام، بل ينطلق من الدفاع عن جوهر التشريع الرشيد الذي يجب أن يقوم على العدالة العقابية ومبدأ التناسب، وألا يعتمد على الانفعال أو الإطلاق في تغليظ العقوبات في قانون الكهرباء دون تسبيب موضوعي يستند إلى بيانات ومعلومات دقيقة توضح الضرورة وتبرر التشديد.
وأكدت أميرة صابر أن الاعتماد على تغليظ العقوبات ورفع الغرامات المالية بشكل كبير في جرائم الاستيلاء على الكهرباء دون وجود قاعدة بيانات واضحة أو تحليل حقيقي لأسباب الظاهرة، ودون طرح بدائل وقائية تقنية فعالة، يؤدي إلى تشريع عقابي غير محكم، قد يتحول من أداة تنظيم وحماية إلى عبء اجتماعي لا يحقق الهدف المرجو منه.
واستندت في اعتراضها إلى ما قرره الفقيه القانوني أهرينج من أن القانون ليس غاية في ذاته، بل أداة اجتماعية لتحقيق المقاصد وحماية المصالح، وأن جودة النص التشريعي لا تقاس بقسوة العقوبة، وإنما بقدرته على تحقيق الغاية العملية التي شُرع من أجلها.
وشددت على أن التغليظ العقابي إذا جاء مجردا من تحليل للواقع، وغير مقترن بأدوات فعالة للمنع والرقابة، فإنه قد يقع عبؤه على الفئات الأضعف دون أن يغلق منابع الظاهرة، وهو ما يتعارض مع العدالة ويقوض الثقة في التشريع.
وأشارت النائبة إلى التجارب الدولية المقارنة، موضحة أن التجربة البرازيلية انتهت إلى أن مواجهة الخسائر غير الفنية في قطاع الكهرباء تتطلب حزمة متكاملة من الحلول تشمل التنسيق بين الجهات واستخدام أدوات القياس والرقابة، وليس الاعتماد على العقوبة وحدها.
كما أوضحت أن التجربة الهندية رغم النصوص العقابية المشددة، شهدت استمرار ارتفاع الخسائر التجارية، ما دفع الدولة إلى التوسع في العدادات الذكية مسبقة الدفع وتحسين منظومة التحصيل بدلاً من التشديد العقابي.

ولخصت النائبة أميرة صابر أسباب اعتراضها في عدة محاور، أبرزها غياب الأساس المعلوماتي للتشديد، حيث تساءلت عن أماكن تركز وقائع الاستيلاء وأسبابها، وطالبت الحكومة بتقديم خريطة جغرافية دقيقة توضح المناطق الأعلى في معدلات الاستيلاء، وتحليل شامل للأسباب الاقتصادية والاجتماعية والتقنية والرقابية المرتبطة بالظاهرة.
أسباب تغليظ العقوبة
أما ممثلي الحكومة، فقد أكد المستشار محمود فوزى، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أن تغليط العقوبات علي سارقي التيار الكهربائي في مشروع القانون المقدم من الحكومة ليست الهدف في حذ ذاته، بل الهدف هو حماية المواطن الملتزم الذي يدفع فواتيره بانتظام من الفاقد الناتج عن سرقة التيار من قبل غير الملتزمين.
وأضاف فوزي أن فلسفة التصالح في القانون الجديد تهدف لتعويض قيمة التيار المستهلك دون وجه حق فقط، وهي جزء من النهج الجنائي الحديث الذي يوازن بين العدالة وحماية المال العام، دون تحميل المواطنين الملتزمين أعباء الآخرين.
كما أكد وزير الشئون النيابية على أن التوسع في التصالح من أغراض الفلسفة الجنائية الحديثة، مشيرا إلى أن الدولة أنفقت خلال السنوات العشر الماضية مليارات الجنيهات لتطوير البنية التحتية للكهرباء، مؤكدا أن تقليل الفاقد الكهربائي يحمي ميزانية الدولة ويضمن استمرارية الخدمة، وأن ما رأيناه الصيف الماضي من عدم انقطاع التيار الكهرباء الأمر الذي كبد الدولة مبالغ طائله مما يؤكد أهمية ضبط الفاقد، لتجنب تحميل الموازنة العامة أعباء إضافية.

وفي سياق تعقيبه على التساؤلات حول احتكار الحكومة لخدمات الكهرباء، أكد فوزي أن الدولة هي المنتج للخدمة، وأن الهدف ليس تحقيق منافع خاصة، بل ضمان استفادة المواطنين واستدامة القطاع، قائلا: “ذلك السياق ليس معمول في مصر فقط إنما معظم دول العالم، والاحتكار هنا ليس تجاري وإنما لصالح المواطن”.
كما نبه الوزير فوزي إلي أن تقديم الدولة الخدمة ليس احتكار إذا تكلمنا من الناحية القانونية، حيث أن قانون منع الممارسات الاحتكارية لا يعتبر تقديم الدوله للخدمة احتكار، لاسيما أن الغرض من ذلك تحقيق منافع اقتصاديه واجتماعية لجموع المواطنين.
وخلال مداخلتها، نوهت المهندسة صباح مشالي، نائبة وزير الكهرباء والطاقة المتجددة إلى أن مشروع القانون الجديد لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة متابعة دقيقة للممارسات الميدانية الضارة بالشبكة القومية، وأن الوزارة تدير منظومة ضخمة تضم 43 مليون مشترك وصلات رسمية، إلا أن الأزمة تكمن في الانتشار الواسع للوصلات غير القانونية التي تلتهم حقوق الدولة والمواطنين الملتزمين.
وأشارت إلى أن حجم الفاقد في الطاقة يصل إلى قرابة 20% من إجمالي الطاقة المنتجة، موضحة أن هذا الفاقد ينقسم إلى جزء فني طبيعي، وجزء ناتج عن السرقات يتخطى تأثيره المالي حاجز الـ 22 مليار جنيه.
وأكد منصور عبد الغني، المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أن تغليظ عقوبات الاستيلاء على التيار الكهربائي في مشروع قانون الكهرباء هدفه صالح المواطن، لتحسين الخدمات المقدمة له واستقرارها وكفاءتها، قائلا: “بنواجه التعدي غير القانوني على التيار الكهربائي عشان خاطر المواطن. لدينا 12 مليار جنيه سرقة كهرباء، يضاف إليها 3.5 مليار جنيه قيمة استهلاك لنحو 2 مليون عداد كودي على مدار عام، بإجمالي 15.5 مليار جنيه قيمة محاضر سرقة كهرباء إضافة لاستهلاك عدادات كودية”.
وأوضح عبد الغني، أنه في النهاية الهدف هو الارتقاء بجودة الخدمات واستدامتها، والاستدامة المالية لقطاع الكهرباء، قائلا: “من ضمن أهم بنود خطة العمل الخاصة بالاستراتيجية الوطنية للطاقة لقطاع الكهرباء، وهي تعتمد في أساسها على الطاقات الجديدة والمتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود، ونجحنا في تقليل الاعتماد على الوقود”.
وأضاف: الحكومة بتدفع الكهرباء اللي عليها الوزارات والهيئات لأن كل وزارة مدينة لأخرى؟ أجاب المتحدث باسم وزارة الكهرباء، قائلا: “بتدفع عبر نظام يسمى المقاصة، وفيه تنسيق بين الوزارات، وهناك نظام سداد يتم اتباعه بين جهات الدولة المختلفة”








