و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

 دبرت إسرائيل إجراءات الإشتراك فى مهرجان "كان" السينمائى وبدأتها بنشر كتيبات فى القدس لعدد ستة عشر فيلما سوف يتم الاختيار من بينهم، وهى جملة أفلام تم انتاجها بعد يونيو 1967 وعدد أخر تم انتاجه فى 72،73 وتم توزيع هذا الكتيب فى تل أبيب أيضا،لأن إشتراك إسرائيل فى مهرجان "كان" يعتبر الحدث المهم الذى يعرض تطور أفكارهم على العالم بعد نصرهم.
وعلى صعيد فرنسا فقد أسرع فريق الدعاية الإسرائيلى بالنزول إليها مبكرا ليبدأوا عملهم، وشقوا طريقهم وسط حالة من الإنزعاج المرفوض، فقد اقتحموا بفجاجة شديدة فندق "كارليتون" على نهر الريفيرا ليوزعوا كتيبات لعدد من أفلامهم ، ولم يكن هناك أدنى تنسيق مع إدارة المهرجان على هذه الهمجية.
وقد أشارات لجان النقد السينمائى الخاص بتصفية الأفلام المعروضة إلى الفيلم الإسرائيلى "المنزل شارع شيلوش" وهو من إخراج  "موشى مزراحى" وتدور أحداثه عام 1946 أثناء فترة الانتداب البريطانى على فلسطين.
والقصة تركز على شخصية سامى اليهودى الذى هاجر من الأسكندرية إلى إسرائيل وانضم لمنظمة "أرجون زفائى لؤومى" الإرهابية التى ارتكبت أبشع المجازر، وأحبت أمه رجلا روسيا يهوديا ، وشاهدهما سامى فى غير مكان بصورة أحزنته فترك المنزل .. وانضم للعصابة  الإرهابية دفاعا عن الوجود اليهودى فى فلسطين. وقد تعرض الفيلم للنقد الشديد، لأن الفيلم قد نسج قصة عاطفية من أجل أن يذكر أفعال عصابة الأرجون الإرهابية ضد الإنجليز والفلسطينين ، ولم تكن هناك علاقة بين القصة العاطفية والأحداث الإرهابية.
لكن المحللين السياسية تنبهوا إلى أن إسرائيل من خلال الفيلم قد أشارت إلى شرعية الأعمال الإرهابية من أجل تحقيق أهدافها ، وغيرت المصطلحات المرادفة للعنف حتى تبدو عصابة الأرجون كأنها مجموعة نضالية مكافحة عملت لصالح إسرائيل منذ 1948، وكان من هذه العصابة مناحم بيجن الذى تولى رياسة حزب اللكود وكان رئيسا للوزراء من 1977 –1983.

 الهروب إلى الشمس

وأما الفيلم الثانى فهو " الهروب إلى الشمس" وهو فيلم إسرائيلى ألمانى فرنسى مشترك، من إخراج المخرج الإسرائيلى الشهير "مناحم جولان "وبطولة "لورنس هارفى" الإنجليزى و"جوزفين شبلن" ابنة الانجليزى الأشهر "شارل شبلن" والعديد من رواد السينما العالمية وقتئذ.
والفيلم يناقش قضية من قضايا حقوق الإنسان ، لأنه تعرض لمسألة الهجرة اليهودية، وعن طريقها أرسل الفيلم إشارة إلى أن من حق كل إنسان أن يمنح نفسه الحرية الكاملة للسفر إلى أى مكان فى العالم ، ومن حقه أن يختار من يحيا بينهم ، وأن مسألة الحدود التى ترسم المساحات الجغرافية للدول هى أمور شكلية ، وجدت لحماية صناعة البلد.. أى بلد من البلاد، ولكى تحميها من الاعتداءات المحتملة على هذه البلد فى المستقبل.
وقصة الفيلم تبين أن ثمانية من الروس اليهود أرادوا الهجرة هروبا من الاضطهاد الشديد فى الإتحاد السوفيتى ، وأخيرا نجحوا فى الهروب إلى بلد تسطع فيه الشمس، الأمر الذى يجعل المشاهد يتعاطف معهم دون النظر لما أحدثوه من مخالفات فى وطنهم الأصلى.
وبعيدا عن النقد الفنى، فإن المحللين السياسين تنبهوا إلى أن رؤية إسرائيل لمسألة الحدود مشوهة، وهى رؤية مؤقته تخدم مسألة الهجرة إلى إسرائيل ، وتخدم مسألة احتلالها لفلسطين .. وسوف تتغير فيما بعد حين تستتب أمور اليهود فى إقامة دولتهم.
والغريب أن يهود الدونمة الذين أسهموا فى إسقاط الدولة العثمانية كانوا يؤيدون مسألة تخطيط حدود الدول، ليسهل أمر تفتيت الدولة العثمانية وتمزيق كيانها ، مع مواكبة نشر فكرة القوميات الطورانية الخاصة بالجنس التركى ، وكذا قوميات بابل وآشور فى العراق وسوريا ، وإحياء الفرعونية فى مصر، وهكذا حتى تكون هذه القوميات داعمة لمسألة الإنفصال عن الدولة العثمانية، وترسم الحدود الجديدة وفق قواعد هذا التمزيق، وحينئذ تكون كل دولة مسؤلة عن شعبها لا دخل لها بأخرى حتى ولو دهمها احتلال خسيس.

 

 

تم نسخ الرابط