و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

أقر و أعترف أنا كاتب هذه السطور، بأن قدرتي علي فهم و استيعاب مجريات المشهد الانتخابي برمته، باتت محدودة، ان لم تكن معدومة، و من فرط سذاجتي، ظننت، و بالطبع ليس كل الظن اثم، أن الشارع الانتخابى الذي تلقف "فيتو" الرئيس، بقدر هائل من التفاؤل و التطلع إلى حياة نيابية، تعبر تعبيراً صادقاً عن الطموحات المرجوة، سيتصدى لكل محاولات العبث، باعتبار أن ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي، يمثل بالفعل نقطة فاصلة بين ما كان سائداً من مهاترات، لا تليق بسمعة الدولة، و ما سيكون من ترسيخ لقواعد المنافسة الشريفة،ونبذ الممارسات البغيضة، لكن خاب ظني بامتياز ، فالرئيس أرادها نزيهة بكل تفاصيلها، أى شكلاً و مضموناً، سواء من حيث السلوكيات، أو من حيث سلامة الإجراءات التى تضمن صعود المرشح بأصوات ناخبيه بشكل ديمقراطى حر ، أما محترفى الانتخابات من بعض المرشحين و أنصارهم، فغردوا خارج السرب ، و أرادوها  "سيرك " منصوب فى مولد، يتباري علي خشبته الفهلوية و "بتوع حلق حوش" حيث لا توجد معايير أخلاقية، أو قواعد قانونية للمنافسة، فقد شاهدنا ممارسات عبثية، قطعاً لا تليق بنيل شرف تمثيل الأمة، و سمعنا ما لذ وطاب من الشائعات التى تفتح الشهية للنميمة، و قفزت بلا حياء على منصات التواصل الاجتماعى، جميعها يدفع للغثيان، تمثلت فى حملات سلبية، و دعاية سوداء، و اغتيال معنوى و ارهاب نفسي، و.. و.. الخ .

يا سادة .. لا تستهينوا بالشائعة، فهى ليست مجرد كذبة عابرة، سرعان ما تتلاشى، إنما   هى مكائد مشحونة ب الغل، تخرج من مقابر الضمائر الميتة، و تتكاثر فى خرائب النفوس الموبوءة، يروجها خبثاء و يصدقها حمقى، و تجترها ألسنة القطيع، لتنهش معانى الشرف فى زمن أصبح فيه الشرف فريضة غائبة.

خلال الأسابيع الفائتة  بدأ ماراثون الانتخابات النيابية، "إذا جاز لنا تسميتها انتخابات"، و دارت معها ماكينة صناعة الشائعات المقيتة، اما لتشويه بعض المرشحين لصالح آخرين، ليسوا فوق مستوى الشبهات، أو لارهاب الداعمين لهم .

وان كانت هذه الأساليب ليست جديدة على مجتمعاتنا، من الريف إلى الحضر، و من الصعيد إلى بحري، بما يعنى أنها نهج قديم يتجدد فى مولد الانتخابات "ربنا ما يقطعها عادة " علي  السماسرة و الهتيفة، و "الخراتيت"جمع "خرتيت"، ممن يتعلقون مثل الجوارب في أقدام الوجهاء و أصحاب المال و ذوى السلطة، لكن اللافت هذه المرة، أن أساليب الضرب تحت الحزام، تجاوزت سقف المنافسة  الانتخابية و المكايدات السياسية من الأطراف كافة، و تحول الأمر إلى نوع من الإرهاب النفسي  و التهديد المعنوى .

لو أن أطراف اللعبة، لديهم قدرًا  من الكياسة السياسية، و لو أن لديهم فطنة، لانتبهوا إلى أن صنيع القطيع الذين يتبعوهم، سيؤثر سلباً على شعبيتهم، و يفقدهم مصداقيتهم، ان كان لديهم مصداقية، و سيؤدى إلى فتنة و يترك في النفوس ميراث من البغضاء .

لا ينكر أي متابع للمشهد، أن بوادر ما نحذر منه ظهرت جلية في عدد كبير من الدوائر الملتهبة، بما يبعث على الخوف من التداعيات، و منها تمزيق النسيج المجتمعي، من خلال الطعن في رموز  وشخصيات لها باع في ضبط إيقاع الاستقرار ،  و بصريح العبارة ، هذا أسلوب يفوق ما ينسب  للغجر و الهنجرانية، مع كامل الاحترام للغجر و الهنجرانية ، لأننا هنا أمام ظاهرة قطيع لا يجيدون سوى التملق، و وغايتهم الحصول علي صورة مع المرشح، أو النائب بهدف التباهى، و الإيحاء له بالاخلاص، و للجمهور بعمق العلاقة و متانتها، و لو علمت هذه النوعية المحسوبة زوراً على البشرية، ما يقال عنهم من أوصاف و مسميات تليق بهم فى الجلسات على المقاه و المصاطب و دور العمل، ما خرجوا من بيوتهم ، و لو أدركوا أنهم في عيون ذوى الشأن  مجرد "أنفار "  كل طموحهم التباهى  بالحصول على كارت شخصى، أو رقم هاتف المرشح الفلانى أو النائب العلانى لتواروا خجلاً ، لكن مثلهم لا يخجلون.

 و من العجب أننا جميعًا نري أن المرشحين يعانقون بعضهم البعض إذا تقابلوا صدفة، او فى المناسبات، ويمازحون بعضهم البعض، بل و يتواصلون علي الهاتف، ويذهبون للتهنئة حال فوز أحدهم، لكن القطيع لهم رأى آخر، فإذا وجدوا شخصاً يصافح مرشحاً غير مرشحهم، أو يمازحه، على الفور  تخرج القاذورات من أفواههم مشحونة باتهامات تتعلق بالمبادئ ، و كأنهم أصحاب مبادئ، وإذا كان هذا عن القطيع ، فما يفعله المرشحون أنفسهم باستخدام أساليب غير نزيهة، حيث لا منافسة شريفة،بل اتهامات هنا واتهامات هناك وتراشق بأقذع العبارات و يسندون تلك المهام  "للهلافيت."

إن الخطير فى كل ما جري، ليس الفوز أو الهزيمة، بل تفريغ الانتخابات من مضمونها، و هذا سيقود إلى فقدان الثقة بالمؤسسة التشريعية، ناهيك عن تلك الأاساليب ستؤدى الى إقصاء  الكفاءات الوطنية لصالح أصحاب  المصالح .

تم نسخ الرابط