
لا شك أن الأفلام الإسرائيلية الصريحة فى توجهها نحو أهداف الصهيونية باتت مكشوفة لا قيمة لها فى موازين الأفلام السينمائية الكبرى ، ولا بين الأفلام التسجيلية ... وعدد أوراق النقد الذى وجههه النقاد لهذه الأفلام يفوق الكتابات التى زكت هذه الأعمال بألوف الأوراق ، الأمر الذى جعل العديد من النقاد لا يعترف بوجود الأفلام الصهيونية ، ولا يقر بتواجد السينما الإسرائيلية ، ولا يرى لها قيمة تذكر.
وسبب هذا الحكم هو طبيعة الموضوعات التى تنتجها السينما الإسرائيلية ، فمثلا فى هذه الفترة السبعينية من القرن الماضى ظهر فيلم "كاتز، وكارازو" وهو من إخراج مناحم جولان .. وقصته أن كاتزو كارازو هما موظفان يعملان فى شركة تأمين واحدة. أحدهما من دولة إشتراكية والثانى من بلد شرقى، ويتنافسان بشدة فى العمل وبرعا معا ، لكن بينهما عداء أوكراهية بسبب الحسد فى تفوقهما.. فكلاهما يرجو لصاحبه الفشل ، وكانز له بنتان، وكارازو له ولدان .. الولدان أحبا البنتين فتقارب الجميع .. وهدف الفيلم هو الدعوة لتقارب اليهود معا بكل الوسائل فى المجتمع اليهودى الجديد .. لكن بالتركيز فى تفاصيل الفيلم ندرك على الفور مدى تمزق المجتمع اليهودى المتعدد الجنسيات من غرب وشرق، " تحسبهم جميعا ، وقلوبهم شتى" وهذا الهدف لا يفيد السينما العالمية فى شئ ،ولايعنى الإنسانية فى شئ، زاد من هذا الهبوط أن الفيلم جاء فى إطار كوميدى.
فيلم أحبك يا روزا
ومن أشهر الأفلام الإسرائيلية فيلم "أحبك يا روزا" وهو انتاج 1972، وسعت إسرائيل بكل وسعها إلى إدارجه ضمن أفلام الأوسكار ، وتبين القصة الحياة القاسية فى المنطقة التى يسكنها اليهود ، وأنهم يمرون بمشتقات تستلزم كسب تعاطف الأخرين ، وأنهم يسعون وفق أهدافهم إلى إقامة دولة كبرى من شأنها أن تحقق كل أمنيات الصهيونية واليهودية ، ولا مانع من الزج بقصة حب بين الأحداث، كوضع التوابل فى الطعام ليسهل استطعامه، لكن هذه النوعيات أيضا لم تلق القبول ، وهناك عدد من الأفلام الذى تم انتاجه فى تلك الفترة ، والتى لم تلق القبول لأن النقاد حكموا بتفاهتها، كما أن توجهات الصهيونية كانت محل نقد سياسى واجتماعى .
لكن تاريخ الأفلام المصرية فى هذا التوقيت أفتقد إلى التوجه الإيجابى، ربما أظهر فيلم أغنية على الممر بعض التوجهات المهمة، وهو يبين بسالة الجنود المصريين فى حرب الاستنزاف بعد 1976، فى مقابل أفلام " أضواء المدينة " ، و" أعظم طفل فى العالم " و"أنف وثلاث عيون" و" خلى بالك من زوزو" و"العصفور" و "الخيط الرفيع" وغيرهم .. وهنا يمكن للقارئ أن يقارن بين الانتاج هنا وهناك ، ليقف على التوجه الفكرى الموجه الذى من شأنه تشكيل الوجدان ، فضلا عن تبليغ رسالة للعالم عبر القوى الناعمة.
ربما كانت تقع مسؤلية كبرى على مصر باعتبارها الدولة الكبرى بالنسبة للعرب جميعا، حيث تشكيل الوجدان ودعم القومية العربية وجمعها تحت توجه واحد .. لكن هذا الهدف فى حد ذاته ربما نجحت فيه السياسة أكثر مما نجح فيه التوجه الثقافى متمثلا فى إنتاج الأفلام فى تلك الفترة، بيد أن بعض اتجاهات النقد رأت أن هذه الأفلام قد عرضت فى بعض البلاد العربية فكانت تجذب المشاهد إليها الأمر الذى يسهل بعدها توجيه المشاهد العربى إلى الأهداف المرجوة .. وكلها وجهات نظر.