و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

اهتم الإسرائيليون بدراسة نتائج الأعمال الفدائية التى قام بها الفلسطينيون وإخوانهم من المتطوعين من أماكن أخرى، وكيف يمكن لمجاهد أن يدخل معركة وجها لوجه مع عدوه بهذه الصراحة ، ويحرز فيها نصرا حتى لو أدى إلى استشهاده في النهاية.
إن قضية الأرض والعرض لا يفهمها إلا أبناء هذه الأرض، فحين تقارن بين العمليات الإرهابية التى بذلتها عصابات الأرجون على يد مناحم بيجن، والهاجاناه الدموية بفروعها اعتمدت على الغدر والخسة وضعة النفس، فبعضها كان لذبح الفلاحين الفلسطينين المسالمين ببساطتهم الذين في أرضهم يزرعون، والأخرى وجهت ضد مؤسسات الإنجليز المحتلين لفلسطين من الأصل، وذلك كي يرحل الإنجليز ويقدموا فلسطين لإسرائيل على طبق من ذهب خالص.
والأريب النبيه يدرك بسهولة نتائج هذه العمليات الإرهابية ضد الفلسطينين المسالمين في حقولهم ومنازلهم، والعمليات الشكلية التى ارتكبوها ضد الإنجليز .. فالحق أن اليهود راعوا الجميل الإنجليزى بعض الشئ، وكرسوا عملياتهم ضد الإنجليز في الجمادات والكيانات المادية مثلما فعلوا عند تفجير فندق الملك داوود إن الفلسطيني في القرية كان يستيقظ فزعاً على عصابة تقتحم بيته وتقتل أطفاله وزوجته وأباه وأمه أمام عينه، ثم تجهز عليه، في حال مأساوية بشعة، والحال يتكرر كل يوم عشرات المرات في عشرات الأسر البسيطة، وعصابات اليهود تعمل هذه المجازر المروعة تحت مسامع ومشاهد الإنجليز الذين صدروا حالة من الطرش واللامبالاة.
وبدأت العمليات الفدائية الفلسطينية -على قدرها وضعفها- تقوم بواجب الدفاع عن الأرض والعرض، وبدأ الخبراء الإنجليز وغيرهم يدرسون طرق العمليات الفدائية ، ولم ينس اليهود دراسة تلك الظاهرة وتوصلوا فيما بينهم أن اليهودى يرتكب مذابحه بشئ من الخسة فالأرض ليست أرضه، بينما الفدائى يقوم بالعملية وتسيل دماؤه على أرضه التى عاش ومات عليها.
إن فيلم "من أنتم" انتهى بمشاهد تسير ضد النتائج التى أظهرت وضاعة وخسة اليهودى، وشرف المقاومة الفلسطينية دفاعا عن الأرض، وبينت في مشاهد الفيلم الأخيرة لقطات من الطائرة تجوب فوق الصحارى الواسعة في المنطقة، لتبدو المدن والقرى الإسرائيلية الحديثة التى أنشاها اليهود في المناطق العربية.. وفوق جثث وأشلاء أصحاب الأرض الحقيقين أنها أكثر نفعا للناس من التخلف العربى الذى طالما أهمل الأرض بجهله.

مسألة الإعمار في الأرض


كان هذا الفيلم التسجيلى المتواضع قد أثار التساؤل حول مسألة الإعمار في الأرض، والذي تقوم به إسرائيل، والتراجع الحديث ووهن التطور الذي يعيشه العرب..لكنه أخمد مسألة غلظة العدوان وبشاعة المجازر التى ارتكبوها حتى تصبح بعد حين كأنها السراب أو دخان سرعان ما يزول ولن يراه القادمون.
وأزعم أن كتاب التاريخ قد أسهموا جهلا أو قهرا أو غفلة من تصوير الحقيقة على وجهها الجلى، في الوقت الذى استغل اليهود السينما كي يمحو أثر الحقائق الدامية ، ويثبتوا بدلا منه تزاوير وأكاذيب تاريخية.
وبعد 1967م وانتصار اليهود بدأوا في عمل سلسة من الأفلام التسجيلية الهادفة فأنتجوا فيلم " عزايت.." وهي كلبة وفية تم تدريبها على حماية خط بارليف من عدوانيات الفدائيين العرب!!، فخط بارليف كان عملا حضاريا راقيا، سعى الفدائيون لتخريبه، وقد دربوا الكلبة" عزايت" تدريباً شاقا، وأمعن الجندى "يورى" في الاستفادة من إخلاصها، حتى انضمت إلى عضوية فرق الكومندوز، وقد صنف النقاد هذا الفيلم للأطفال والشبان، لأن فيه بعض الأمورالتى تخاطب العقلية غير الناضحة.
لكنه في الحقيقة أن الفيلم يشكل وجدان جيل جديد يرى الفدائى شخصاً همجيا عدوانيا يريد أن يدمر كل شئ جميل، وأن الكلبة الوفية تقوم بدر حضارى يستحق التقدير، وبهذا ينشأ الطفل أو الشاب الإسرائيلي مبتوت الصلة مقطوع الأثر عن تاريخ إسرائيل الدموى البغيض.

تم نسخ الرابط