و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

طالبات يتكفلن بمصاريفهن وعرائس يتجهز للكفن

كفر السنابسة تتشح بالسواد.. قصص دامية خلف شهيدات لقمة العيش في المنوفية

موقع الصفحة الأولى

خرجت قرى المنوفية عن بكرة أبيها تودع شهيدات لقمة العيش في المنوفية، ولم تكن جنازات متفرقة، بل موكبا جنائزيا طويلا، وأهالي يعتصر الألم قلوبهم، ففي الصفوف الأمامية، خطيب رويدا يحمل نعشها، والد هدير يضع يده على قلبه، يتألم في صمت، والأمهات في حالة انهيار واغماء، والرجال يبكون كالأطفال، وبات الحزن كغيمة سوداء تخيم فوق كل بيت مكلوم في كفر السنابسة. 

وخلف كل ضحية من ضحايا حادث التصادم في المنوفية تبقى قصة دمية، حول حياة واحلام الفتيات الـ 19 اللاتي خرجن للعمل للحصول على راتب يومي 130 جنيه فارتقين الى السماء لتدفن معهن أحلامهم التي عشن من أجلها.  

هدير عبد الباسط قنديل غادرت منزلها بمحافظة المنوفية، بعد أن أصرت على الذهاب للعمل بدلا من والدتها في قطف العنب بإحدى المزارع، قائلة:"إنتِ ريّحي النهاردة، وأنا هساعد نفسي عارفة إن مصاريفي كتير."

هدير، طالبة بمعهد التمريض، تبلغ من العمر 19 عاما، اختارت أن تعمل باليومية مقابل 130 جنيهًا، لتخفف العبء عن أسرتها وتدخر لمصاريف دراستها.

كانت تدرك معنى المسؤولية، وتحلم بمستقبل أفضل، ورغم صغر سنها، حملت على كتفيها هموم بيتٍ كامل، لكن القدر أفجع أمها بموتها ضمن 19 فتاة لم يتجاوزن الـ 20 من عمرهن. 

من الهندسة لجني العنب

أما شيماء خليل، طالبة الهندسة المتفوقة، رفضت إضاعة الوقت خلال الصيف في منزلها بقرية كفر السنابسة بمركز منوف بمحافظة المنوفية، لكنها أصرت على العمل لمواصلة دراستها والتكفل بمصاريفها فاختارت أن تنزل للعمل في مزارع العنب كإحدى عاملات اليومية، مقابل 130 جنيهًا، لتُساعد نفسها في مصاريف الدراسة، وتخفف الحمل عن أهلها.

وبكلمات موجعة قالت والدة شيماء خليل باكية: "خرجت رايحة تشتغل في جمع العنب.. كانت بتعتمد على نفسها وتحب تساعدنا، مكنتش بتحب تتكلف حد في حاجة."

وأضافت: "كانت بتحب الناس تناديها بالبشمهندسة.. كانت متدينة، دمها خفيف، ودايمًا مبتسمة. كنت فخورة بيها وبتعبها ، فجأة بلغوني إنها ماتت في حادث تصادم على الطريق الإقليمي."

عروس الجنة 

أما آية زغلول، كانت العروس التي تترقب يوم زفافها وتعد له على قدر استطاعتها، طامحة في بداية حياة بسيطة مع من اختارته شريكا لدربها.

آية كانت مخطوبة منذ شهور، خرجت صبيحة الجمعة إلى عملها كعاملة يومية في إحدى مزارع العنب، بأجر لا يتجاوز 130 جنيهًا، لمساعدة أهلها في متطلبات الزواج، وتخفيف الحمل عن أسرتها ذات الدخل المحدود.

ولم تفارق الابتسامة وجهها، وكانت تقول دائما لوالديها: "أنا كويسة، وربنا كبير.. هيعوضنا خير"، في محاولة طمأنتهم، ومصرة على ألا تكون عبئًا عليهم، لكنها خرجت صبيحة يوم الجمعة لتعود وتزف في كفنها بدلا من فستان الفرح ، ووالدها الذي كان يحلم أن يزفها بيده، حملها إلى مثواها الأخير، مرتجف اليدين مكسور القلب، لتتحول فرحة الأسرة إلى مأتم، وبيت العروس إلى سرادق عزاء.

لم تكن آية زغلول هي العروس الوحيدة التي تترقب زفافها، فهناك أيضا رويدا خالد الفتاة التي أنهت دراستها للتو، وبدأت تعمل لتساعد أسرتها في تكاليف زواجها، وتحقق حلم الفستان الأبيض الذي كانت تستعد لارتدائه بعد أسبوعين فقط، ولكن القدر اختار لها الكفن الأبيض بدلا من فستان الزفاف.

"بتروح تشتغل وتساعد في مصاريف تجهيز نفسها، وفرحتها قربت"، هكذا وصفها جيرانها، مؤكدين أنها أنهت مرحلة الدبلوم قبل أيام قليلة، وخرجت للعمل مع قريناتها لمساعدة أسرتها.

رويدا كانت مخطوبة لشاب يدعى أحمد حسن، يعمل مصورا من نفس القرية، وصفها جيرانها بأنها "آية في الجمال والأدب"، ولها أخت متزوجة وشقيق واحد فقط، وكانت على وشك أن تبدأ فصلًا جديدًا من حياتها، لكن الحادث المأساوي أوقف الزمن عند تلك النقطة.

وقالت والدة رويدا : إنها طلبت من والدها مرافقة صبايا القرية للخروج للعمل حتى توفر المال وشراء احتياجاتها قبل أن يحل وقت عرسها.

وتابعت : بالفعل وافق الأب ولم يرفض لفلذة كبده طلبها وكانت تتحصل على  يومية قدرها  130 جنيه من خلال العمل وتقوم بتوفير القليل لشراء بعض متطلبات جهاز العرس لكن القدر اختار لها الموت . 

أسماء المتوفيات:

  • شروق خالد كفر السنابسة 17 سنة
  • هدير عبد الباسط خليل كفر السنابسة 21سنة
  • شيماء محمود عبد الهادي كفر السنابسة 20 سنة
  • تقي محمد احمد الجوهري كفر السنابسة 20سنة
  • جنى محيي فوزي كفر السنابسة 19 سنة
  • هنا مشرف علام كفر السنابسة 14سنة
  • مروة أشرف انسان كفر السنابسة 18 سنة
  • السائق ادهم محمد 22 سنة
  • آية زغلول مصطفى كفر السنابسة 21سنة
  • مياده يحي فتحي كفر السنابسة 17 سنة
  • شيماء يحيى فوزي خليل كفر السنابسة 17 سنة
  • روايد خالد ابرهيم حسن كفر السنابسة 19 سنة
  • ملك عربي فوزي كفر السنابسة 18 سنة
  • سمر خالد مصطفي كفر السنابسة 18 سنة
  • إسراء صباح عبد الوهاب كفر السنابسة 17 سنة
  • أسماء خالد مصطفي قنديل كفر السنابسة 17 سنة
  • شيماء رمضان عبد الحميد كفر السنابسة 23 سنة

شيخ الأزهر ينعى فتيات كفر السنابسة

نعى فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ببالغ الحزن والأسى، فتيات قرية كفر السنابسة التابعة لمركز منوف بمحافظة المنوفية، اللائي لقين ربهنَّ في حادثٍ أليمٍ أدمى قلوبنا، وقع صباح اليوم على الطريق الدائري الإقليمي، وأسفر عن وفاة 18 فتاة وسائقًا، وإصابة أخريات.

وأعرب فضيلته عن خالص تعازيه لأهالي القرية وأسر بناتنا اللائي ارتقين في هذا الحادث الأليم، وخالص عزائه لأسرة السائق، داعيًا لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون تكرار هذه الحوادث، سائلًا المولى -عز وجل- أن يتغمَّدهم جميعًا بواسع رحمته ومغفرته، وأن يُلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان، ويمنَّ على المصابات بالشفاء العاجل، وأن يحفظ مصر وأهلها من كل مكروه وسوء. ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.

وفي سياق متصل بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، نعى الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، ببالغ الحزن والأسى ضحايا حادث التصادم الأليم الذي وقع على الطريق الإقليمي، وأسفر عن عدد من الوفيات والمصابين.

وتقدّم الوزير باسمه، ونيابة عن جميع أبناء الأوقاف، بخالص العزاء والمواساة لأسر الضحايا، سائلاً الله تعالى أن يرحم المتوفين رحمة واسعة، وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان، وأن يرزق المصابين الشفاء العاجل.

تم نسخ الرابط