و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

بـها 120 كيلوجرام من أسلاك فضة مطلية بالذهب

في العام الهجري الجديد..رحلة 1000 عام لتاريخ كسوة الكعبة من مصر للسعودية

موقع الصفحة الأولى

رحلة تمتد لأكثر من ألف عام في تاريخ "كسوة الكعبة"، التي تم تغيريها اليوم مع بداية العام الهجري الجديد في مكة المكرمة، لكن العديد لا يعلم تاريخ كسوة الكعبة ودور مصر في صناعتها منذ قديم الأزل . 
بدأت صناعة كسوة الكعبة من مصر وخروجها إلى الأراضي المقدسة عبر العصور بدءًا من عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مرورا بالعصر الفاطمى، الأيوبى، المملوكى، و العثمانى، واستمر ذلك إلى أن قامت دولة السعودية وتوقف إحضار الكسوة من مصر وذلك في ستينات القرن الماضي.


وقال مجدي شاكر كبير الأثريين بوزارة الآثار: "لم تكن علاقة مصر بصناعة كسوة الكعبة المشرفة أمرا حديثا، بل يرجع ذلك إلى عهد ثانى الخلفاء الراشدين سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه الذى كان يوصى أن تصنع كسوة الكعبة بالقماش المصرى المعروف بالقباطى الذى اشتهرت بتصنيعه مدينة الفيوم وينسب اسمه إلى أقباط مصر، وكان المصريون ماهرين فى نسج أفضل وأفخر الثياب والأقمشة، وذلك حسب ما جاء على موقع الهيئة الوطنية للإعلام.
ويذكر المؤرخ "أبو الوليد الأزرقى" أن سيدنا عمر بن الخطاب كسا الكعبة المشرفة بالقباطى من بيت المال، وكان يكتب إلى والى مصر عمرو بن العاص لطلبه، ويذكر المقريزى أن أحد مؤرخى مكة وهو "الفاكهى" رأى كسوة الكعبة من القباطى المصرى، وقد كتب عليها إنها صنعت بأمر الخليفة المهدى فى ورش تنيس على يد والى مصر، ورأى نفس الرجل كسوة من القباطى صنعت فى مصر بأمر الخليفة العباسى هارون الرشيد فى ورش مدينة تونة بمصر، حيث كانت الكتابات المسجلة على الكسوة عادة ما توضح مكان الصنع والتاريخ، وذلك بداية من العصر العباسى.


القتال على كسوة الكعبة 
 

فى الدولة الفاطمية اهتم الحكام بإرسال كسوة الكعبة كل عام من مصر، وكانت الكسوة بيضاء اللون، وفى الدولة المملوكية، تحديدا فى عهد السلطان الظاهر بيبرس استمرت الكسوة ترسل من مصر، حيث كان المماليك يرون أن هذا شرف لا يجب أن ينازعهم فيه أحد، حتى ولو وصل الأمر إلى القتال، فقد أراد ملك اليمن "المجاهد" فى عام 751 هجرية أن ينزع كسوة الكعبة المصرية ليكسوها كسوة من اليمن، ولما علم بذلك أمير مكة أخبر المصريين فقبضوا عليه، وأرسل فى الأغلال إلى القاهرة.


كانت هناك أيضا محاولات لنيل شرف كساء الكعبة من قبل الفرس والعراق، لكن سلاطين المماليك لم يسمحوا لأى أحد أن ينازعهم فى هذا، وللمحافظة على هذا الشرف أوقف الملك الصالح إسماعيل بن عبد الملك الناصر محمد بن قلاوون ملك مصر فى عام 751 هجرية وقفا خاصا لكسوة الكعبة الخارجية السوداء مرة كل سنة، وهذا الوقف كان عبارة عن قريتين من قرى القليوبية هما باسوس وأبو الغيط، وكان يتحصل من هذا الوقف على ٨٩٠٠ درهم سنويا، وظل هذا هو النظام القائم إلى عهد السلطان العثمانى سليمان القانونى، واستمرت مصر فى نيل شرف كساء الكعبة بعد سقوط دولة المماليك وخضوعها للدولة العثمانية، فقد اهتم السلطان سليم الأول بتصنيع كسوة الكعبة وزركشتها وكذلك كسوة الحجرة النبوية، وكسوة مقام إبراهيم الخليل.


وفى عهد السلطان سليمان القانونى أضاف إلى الوقف المخصص لكسوة الكعبة سبع قرى أخرى ليصبح عدد القرى الموقوفة لكسوة الكعبة تسع قرى وذلك للوفاء بالتزامات الكسوة، وظلت كسوة الكعبة ترسل بانتظام من مصر بصورة سنوية يحملها أمير الحج معه فى قافلة الحج المصرى، وفى عهد محمد على باشا توقفت مصر عن إرسال الكسوة بعد الصدام الذى حدث بين الوهابيين فى الأراضى الحجازية وقافلة الحج المصرية فى عام 1222هجرية الموافق عام 1807م، ولكن أعادت مصر إرسال الكسوة فى العام 1228هجرية.

مكونات كسوة الكعبة

وتتكون كسوة الكعبة حديثا من 47 قطعة من الحرير الأسود المنقوش، مطرزة بـ 68 آية قرآنية بخيوط الفضة المطلية بالذهب عيار 24، ويبلغ وزن كسوة الكعبة الإجمالي نحو 1415 كيلوجراماً، فيما تبلغ كمية أسلاك الفضة المطلية بالذهب على كسوة الكعبة 120 كيلوجراماً، و60 كيلوجراماً من الفضة الخالصة، و825 كيلوجراماً من الحرير و410 كيلو جرامات من القطن الخام.
 

وبدأت مراسم تغيير الكسوة من خلال رفع الكسوة الجديدة إلى سطح الكعبة المشرفة، بعد فك المذهبات، وفك الصمديات والقناديل والحُليّ المثبتة في الكسوة وإنزال ستارة باب الكعبة المشرفة البالغ طولها 6.35 أمتار وعرضها 3.33 أمتار، استعداداً لإنزال الكسوة القديمة، وإكسائها بالكسوة الجديدة، جرياً على العادة السنوية وسط منظومة متكاملة من الخدمات التي تراعي في مخرجاتها أعلى المعايير العالمية.


وتعد كسوة الكعبة المشرفة تحفة فريدة من نوعها، يقوم بصنعها «مجمع الملك عبد العزيز» بمكة المكرمة في ظل الرعاية والاهتمام الكبيرين من حكومة المملكة العربية السعودية بتطويع كل الإمكانات المتاحة.
ويكسو جدران البيت العتيق، الذي تتوق إليه أفئدة نحو ملياري مسلم حول العالم، رداء من الحرير الطبيعي الخالص، من أفضل الخامات في العالم، منقوشة عليه آيات من القرآن الكريم وتسبيحات مُطرزة بخيوط من الذهب والفضة، إذ تستخدم الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين، أفخر خامات الأقمشة وأجودها في صناعة الكسوة، حيث تنتقي 7 خامات تتمثل في قماش الحرير الأخضر السادة (خلف الستارة)، وقماش الحرير الأسود المنقوش، وقماش الحرير الأسود السادة، وقماش البطانة القطني (السكري) لثوب الكعبة، وقماش الحرير الأحمر السادة، إضافة إلى القماش الأبيض القطني. فيما يستخدم قماش الحرير الأخضر المنقوش للكسوة الداخلية للكعبة المشرفة وكسوة الحجرة النبوية.
 

تم نسخ الرابط