شكاوى من الروائح الكريهة
وزارة البيئة تتحرك: لجنة تحقيق عاجلة في أزمة شاطئ سيدي عبد الرحمن

على شاطئ سيدي عبد الرحمن، حيث يلتقي صفاء البحر بزرقة السماء، تحوّل الحلم السياحي إلى كابوس بيئي يهدد الجمال الطبيعي للمنطقة، بين وعود الاستثمار الضخمة وصيحات الاستغاثة من السكان، تتكشف فصول معركة شرسة بين التنمية والبيئة، وسط تساؤلات لا تهدأ هل ينتصر المال أم ينتصر الشاطئ؟
فقد تحركت لجنة من وزارة السياحه والبيئة لمراجعة تجاوزات شركة اعمار مصر في شاطئ سيدي عبد الرحمن، بعد شكاوى من تآكل الشواطئ وتعكير المياه بسبب بناء مارينا مراسي، رغم توقف أعمال التكريك مؤقتاً وتحسن طفيف في جودة المياه، لم تُحل المشكلة بشكل كامل، ولا تزال الروائح والمخلفات تؤثر على المنطقة. في الوقت نفسه، يستعد ملاك الوحدات الفندقية لدعوى قضائية ضد إعمار بسبب عدم الوفاء بالوعود التسويقية.
القصه تعود الي اكثر من ٣ سنوات حيث قامت شركة اعمار مصر ببناء مارينا ترتب عليها تعكير مياه واحد من افضل شواطيء مصر والعالم، ولم تجد اعمار حلا حتي هذا اليوم فرائحة الشاطىء والمخلفات وصلت الي مستوي صعب تحمله
يذكر ايضا ان عدد من سكان الفنادق التابعه لشركة اعمار يحضرون لاقامة دعوي قضائية لاستعادة كثير من الحقوق التي وعدتهم بها اعمار عند الشراء ولم تنفذها.
وكانت قد شهدت منطقة سيدي عبد الرحمن بالساحل الشمالي أزمة بيئية حادة بعد إنشاء شركة إعمار مصر عام 2020 ميناء دولي لليخوت يُعرف باسم "مراسي مارينا ونادي اليخوت" في منطقة سيدي عبد الرحمن بالساحل الشمالي، المشروع الذي تبلغ مساحته أكثر من 1.16 مليون متر مربع، كلّف حوالي 24.2 مليار جنيه (ما يعادل 783.2 مليون دولار).
أدت أعمال البناء، خاصة التكريك (حفر وتجريف قاع البحر)، إلى تآكل الشواطئ المجاورة وظهور طبقات صخرية بدلاً من الرمال الناعمة، بالإضافة إلى تعكير مياه البحر بسبب زيادة نسب العكارة عن المعدلات الطبيعية. هذا التأثير طال قرى سياحية مثل "الدبلوماسيين" و"ستيلا" الواقعة شرق ميناء مراسي.
منذ بدء تشغيل الميناء، توافدت شكاوى من سكان القرى السياحية المجاورة وخبراء بيئيين، مثل الدكتور صلاح حافظ (رئيس جهاز شؤون البيئة الأسبق)، الذي أشار إلى "نحر شديد" للشواطئ وتقدم البحر على حساب الرمال.
تنص المادة 91 من قانون الموارد المائية المصري (رقم 147 لسنة 2021) على حظر أي عمل يمس بخط المسار الطبيعي للشاطئ دون موافقة الوزارة وجهاز شؤون البيئة، كما تنص المادة 89 على وجوب إزالة التعديات وإعادة الشاطئ إلى حالته الأصلية على نفقة المخالف، ومع ذلك، استمرت أعمال إعمار دون وقف فعلي دائم.
حلول مؤقتة
تحركات لجنة السياحة والبيئة بتشكيل لجنة التحقيق،حيث أعلنت وزارة البيئة عن إيقاف أعمال التكريك في ميناء مراسي وتشكيل لجنة عاجلة للتحقيق في الآثار البيئية السلبية للمشروع، هذه اللجنة التي ضمت خبراء من جهاز شؤون البيئة بالإسكندرية والإدارة المركزية للمحميات الشمالية، أجرت معاينات ميدانية لمدة ثلاثة أيام.
أكدت اللجنة وجود عكارة في مياه البحر بنسب أعلى من المعدلات الطبيعية بسبب أعمال التكريك، كما تبين أن الشواطئ المجاورة عانت من تآكل شديد وظهور صخور، ومع استمرار متابعة اللجنة، عادت مستويات العكارة تدريجياً إلى طبيعتها بعد وقف الأعمال مؤقتاً.
وكانت الوزارة قد طلبت من إعمار تقديم دراسات بيئية جديدة ومخططات لحل المشكلة بشكل مستدام، مثل تغذية الشواطئ بالرمال المناسبة ومع ذلك، لم يتم الإعلان عن حلول نهائية حتى الآن، ولا تزال المشكلة قائمة وفقاً للتقارير الأخيرة.
مما أدى لتدخل هيئة حماية الشواطئ التابعة لوزارة الري، حيث كانت مسؤولة عن مراقبة الشواطئ، لكنها لم تتخذ إجراءات صارمة ضد إعمار في البداية، وقد دعت شخصيات مثل مدحت حنا (رئيس الهيئة سابقاً) إلى إعداد دراسة شاملة للساحل الشمالي بأكمله لتقييم الأثر البيئي.
وكان ملاك الوحدات الفندقية قد أقاموا دعاوى قضائية، حيث تصاعدت حالة من الغضب بين ملاك الوحدات الفندقية في فندق "فيدا" بمنطقة مراسي (تابع لإعمار مصر) بسبب منعهم من استخدام الشاطئ، الذي كان قد وُعدوا بحقهم فيه عند الشراء، حيث وصف الملاك هذا المنع بأنه "إخلال صارخ بالوعود التعاقدية والتسويقية".
حيث يُحضّر عدد من الملاك لتقديم شكاوى رسمية إلى جهاز حماية المستهلك، مع خطط لتحريك دعوى قضائية جماعية ضد إعمار مصر لاستعادة حقوقهم. كما يعتزمون تصعيد الأمر إلى الحكومة الإماراتية للمطالبة بحماية حقوقهم.
و في عام 2019 أُقيمت دعوى قضائية أخرى ضد إعمار مصر من قِبل رجل الأعمال وحيد رأفت، الذي طالب بأكثر من 400 فدان من أرض مشروع مراسي، نفت إعمار صحة الادعاء، مؤكدة عدم وجود أساس قانوني له.
استمرار المشكلة البيئية: رغم تدخل الوزارة وتوقف أعمال التكريك مؤقتاً، تشير التقارير إلى أن مشكلة تآكل الشواطئ وتعكير المياه لم تُحل بشكل نهائي. الروائح الكريهة والمخلفات الناتجة عن الأعمال لا تزال تؤثر على جودة الشاطئ، مما يجعل الوضع "صعب التحمل".
خبراء مثل هشام عز العرب (أحد ملاك قرية الدبلوماسيين) قد كتب على صفحته على موقع X أن الحل يتطلب إزالة التعديات أو إعادة الشاطئ إلى حالته الطبيعية، وهو ما لم يحدث بعد، كما عبر مجموعة من الملاك هناك عن استيائهم من تدمير شاطئ سيدي عبد الرحمن، معتبرين أن التعويضات المالية غير كافية وأن الحل الوحيد هو إزالة المنشآت المسببة للضرر.
إعمار ادّعت أنها أجرت دراسات الأثر البيئي المطلوبة، لكن الخبراء شككوا في دقتها أو كفايتها، كما أعلنت الشركة عن خطط لزيادة استثماراتها في مصر إلى 10 مليارات دولار بحلول 2024، مما يشير إلى استمرارها في التوسع رغم الخلافات، إعمار مصر، التي تُعد واحدة من كبرى شركات التطوير العقاري، تواجه تحديات في الحفاظ على سمعتها بسبب هذه الأزمة، خاصة مع تصاعد غضب العملاء والسكان.