الهيئة فقدت الاستقلال
إبطال حكم جنايات في قضية اختلاس بسبب رأي سابق للقاضي رئيس الهيئة
أبطلت محكمة جنايات مستأنف الإسكندرية حكما ابتدائيا، بعدما تبين لها أن رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم المستأنف، قد أبدى رأيًا سابقًا في الدعوى، والذي كان بتأييد قرار النائب العام بمنع المتهمين من التصرف في أموالهم، وذلك أثناء مرحلة التحقيق، وهو ما يعني أن هيئة المحكمة فقدت صفة الاستقلال المطلوبة لإصدار حكم سليم؛ فكان الإلغاء وإحالة الأوراق لمحكمة أول درجة بذات الموضوع بهيئة أخرى هو الجزاء المناسب، وذلك في الاستئناف رقم 431 لسنة 2025، بتاريخ 28 أغسطس 2025.
وتتلخص وقائع الدعوى الأصلية، رقم 17540 لسنة 2023 جنايات سيدي جابر، والمقيدة برقم 1187 لسنة 2024 كلي شرق، في أن النيابة العامة أقامت دعواها ضد المتهمين لارتكاب جنايات تتعلق بالاعتداء على مال البنك (اختلاس/تسهيل استيلاء/ تزوير واستعمال محررات مزورة)، والمتعلقة بتسليم أصول بوالص شحن لعمليات استيرادية دون استيفاء قيمتها، وما ترتب على ذلك من إضرار بأموال الجهة الموظف لديها المتهم الأول وهو (البنك الخليجي المصري)، وقيمة البضائع والمبالغ موضوع التحقيق مبينة بالأوراق بملايين دولارات وفقاً للتحقيقات.
وصدر حكم أول درجة في جلسة 15 يوليو 2024، بإدانة المتهمين والحكم عليهما بالسجن المشدد 5 سنوات، وغرامة مالية، وإلزام برد مبالغ بالعملة الأجنبية، وعزل المتهم الأول من وظيفته، وإحالة المطالبة المدنية للمحكمة المدنية المختصة.
الحكم الابتدائي
واستأنف المتهمان حكم الـ جنايات الابتدائي، وحضرا الجلسة المحددة، وقدما دفاعهما وحوافظ مستندات، كما استعرضت المحكمة دفوع الدفاع ومذكرات النيابة وأوراق القضية، وتمثلت الدفوع الجوهرية أمام الاستئناف في انتفاء الركن المعنوي والاتفاق الجنائي، وعدم توافر ركن مادي لاستلام مبالغ مالية، والخطأ في نسب التهم وهي الاشتراك في التزوير، إضافة إلى دفوع شكلية بوجود قرار سابق بتحفظ ومنع تصرف صدر عن جهات التحقيق والمحكمة ذاتها.
وتبيّن لمحكمة الاستئناف أن المستشار رئيس الهيئة التي نظرت الاستئناف في قضية الـ جنايات، كان قد أبدى رأيًا سابقًا عند نظر محكمة أول درجة في شأن تأييد قرار النائب العام بمنع المتهمين من التصرف في أموالهم، وهو القرار الذي اتخذ أثناء مرحلة التحقيق، وهذا الرأي يُعد عملًا من أعمال التحقيق التي ورد أن القاضي يمتنع عن الحكم إذا قام بها طبقا لنص المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية وما يرتبط بها من قواعد عدم التحيز واستقلال القاضي.
كما أن تقدير القاضي السابق بتوافر أدلة كافية على جدية الاتهام قد أثر في تكوين عقيدته حول القضية، فصار من غير المستوفى شرط الحياد الذي يجب أن يتحلى به من يفصل في الدعوى جزائيا، ولذلك، فقدت الهيئة صلاحية الحكم لصدور القرار بوجود انطباع مسبق لرئيسها؛ وكان الواجب إلغاء الحكم المستأنف وإعادة المحاكمة أمام محكمة أول درجة بهيئة أخرى غير التي صدر عنها التأثر السابق.
وقضت المحكمة بجلسة 28 أغسطس 2025، بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإبطاله، وإعادة الأوراق إلى محكمة أول درجة لنظر الدعوى بهيئة أخرى، وإبقاء الأمر فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي للمتهمين على ذمة القضية، وإبقاء الفصل في المصاريف.







