جوهانسبرج احتجزتهم 9 ساعات في الطائرة
تهجير قسري.. تفاصيل رحلة غامضة نقلت مئات الفلسطينيين من غزة لجنوب أفريقيا
رحلة غامضة وصلت إلى جنوب أفريقيا وعلى متنها أكثر من 150 فلسطينيا من غزة أثارت تساؤلات واسعة حول ظروف مغادرتهم وطبيعة التنسيق الذي سبق انتقالهم، وسط مخاوف حقوقية من أن تكون العملية جزءًا من مخطط لتهجير سكان القطاع قسرا.
وحاولت وسائل إعلام إسرائيلية استغلال الحادثة لتصوير جنوب أفريقيا بأنها تمارس "النفاق" و"ازدواجية المعايير"، في وقت تقود فيه حملة دولية لمحاكمة إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية.
صورت وسائل إعلام إسرائيلية الحادثة على أنها نفاق من جنوب أفريقيا، التي تقود حملة لمحاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية، متجاهلة أن التأخير كان إجراء مؤقتا لحين التحقق من الملابسات.
وانتشرت عناوين مثل "السلطات ترفض السماح لهم بالنزول من الطائرة" في صحيفة هآرتس، مصحوبة بتعليقات ساخرة من القراء تتهم جنوب أفريقيا بالنفاق، حيث كتب أحدهم "هذه هي جنوب أفريقيا نفسها التي ضدنا ومع الغزيين؟ العالم كله يرى النفاق".
في المقابل، كشفت التحقيقات أن الرحلة التي أقلت الفلسطينيين من قطاع غزة نظمتها مؤسسة مشبوهة، مما أثار مخاوف من عمليات تهجير غير معلنة.
وقد صرح رئيس جنوب أفريقيا، أمس الجمعة، بأن أجهزة الاستخبارات في جنوب أفريقيا تجري تحقيقا لمعرفة من يقف وراء طائرة مستأجرة هبطت في جوهانسبرج وعلى متنها أكثر من 150 فلسطينيًا من غزة التي مزقتها الحرب، والذين لم تكن بحوزتهم وثائق سفر سليمة، واحتجزوا على متنها على المدرج لنحو 12 ساعة نتيجة لذلك.
وأكدت سلطات الحدود في جنوب أفريقيا أن هذه الرحلة هي الثانية من نوعها خلال أقل من شهر، وأن التدخل الرئاسي كان حاسما لإنهاء الأزمة ومنح إعفاء إنساني للمسافرين.
السلطات الجنوب أفريقية رفضت في البداية السماح لهم بالنزول من الطائرة، إلى حين التحقق من ظروف وصولهم، بسبب عدم وجود أختام خروج في جوازات سفرهم، وعدم تقدمهم بطلبات لجوء.
وقد وصف أحد الناشطين، الوضع بأنه كان مأساويا، إذ ظل الركاب، وبينهم أطفال ونساء حوامل، عالقين داخل الطائرة لأكثر من 9 ساعات.

سجل المسافرون الفلسطينيون من قطاع غزة للسفر عبر منصة إلكترونية لمؤسسة تُدعى "المجد أوروبا"، وهي جهة غير مسجلة، قامت بجمع مبالغ مالية تراوحت بين 1500 و5000 دولار من كل شخص.
تهجير مقنع
وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن منظمة تُدعى "المجد" ومقرها القدس تقف وراء العملية.
أُبلغ المسافرون بموعد المغادرة من غزة قبل ساعات قليلة، وطُلب منهم حمل حقائب ظهر صغيرة، لكن عند عبورهم معبر كرم أبو سالم مُنعوا حتى من هذه الحقائب، وأُتيح لهم فقط حمل الهواتف وجوازات السفر وبعض المال.
ونقل المسافرون من معبر كرم أبو سالم بحافلات إسرائيلية إلى مطار رامون، ثم وضعوا على طائرة غير معلمة دون معرفة وجهتها، ودون أن تختم لهم السلطات الإسرائيلية ختم خروج.
هبطت الطائرة أولا في نيروبي بكينيا، قبل نقلهم إلى طائرة مستأجرة متجهة إلى جوهانسبرغ.
وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن المغادرة تمت بعد حصول تل أبيب على إذن من دولة ثالثة لاستيعابهم، دون الكشف عن اسمها.
وتشير تقارير إلى أن المنظمة، التي تأسست عام 2010، تعمل على تهجير الفلسطينيين بذريعة "المساعدة الإنسانية".

وفي تصريح رسمي لوسائل الإعلام، قالت ممي موجوتسي، نائبة مفوض الاتصالات والتسويق في سلطة إدارة الحدود، إن المسافرين في الرحلة الأخيرة مُنعوا من الدخول في البداية، لكن الرئاسة منحتهم إعفاء بعد التحقق والتدخل.
وأضافت "بحلول وقت القبول، كان 23 من أصل 160 مسافرا قد غادروا بالفعل من جنوب أفريقيا إلى وجهاتهم النهائية. لذلك، تمت معالجة طلبات 137 راكبا فقط لدخول البلاد تحت رعاية مؤسسة وقف الواقفين".
رد السفارة في جوهانسبرج
السفارة الفلسطينية في جنوب أفريقيا أصدرت بيانا أوضحت فيه أن الفلسطينيين وصلوا دون أي إشعار أو تنسيق مسبق، وأن منظمة مضللة وغير مسجلة استغلت الظروف الإنسانية المأساوية لأهالي قطاع غزة، وجمعت الأموال منهم، وسهلت سفرهم بطريقة غير مسؤولة، ثم حاولت التنصل من أي مسؤولية عند ظهور التعقيدات.

وأكدت السفارة أنها عملت منذ اللحظة الأولى بالتنسيق مع السلطات الجنوب أفريقية لحل الأزمة، وأعربت عن تقديرها العميق للقرار الإنساني بمنح تأشيرات دخول لمدة 90 يوما، وحثت أبناء الشعب الفلسطيني على توخي الحذر في التعامل مع مثل هذه المنظمات أو أي وسطاء غير رسميين.






