في عام تتسارع فيه خطوات الإصلاح الإداري وتتشابك فيه خيوط التحول الرقمي مع طموحات الدولة، برز قطاع الشهر العقاري والتوثيق كأحد أبرز الشواهد على قدرة المؤسسات على إعادة صياغة ذاتها، والتحول من جهاز بيروقراطي تقليدي إلى منصة حديثة تُجسّد معنى الخدمة العامة في أبهى صورها، لقد كان عام (2025) عامًا استثنائيًا، ليس فقط بما حمله من إنجازات، بل بما مثّله من نقلة نوعية في مسيرة هذا القطاع الحيوي الذي طالما ارتبط بحياة المواطنين اليومية وحماية ممتلكاتهم.
فلقد نجحت وزارة العدل خلال عام (2025) في إنهاء ملفات إدارية وقانونية ظلت معلقة لسنوات، حيث تم استكمال أعمال تطوير ورفع كفاءة مأموريات أنشئت منذ أربعينات القرن الماضي، وافتتاح وتشغيل مأموريات ومكاتب بالمدن العمرانية الجديدة، بعد أن كان تنفيذها رهينًا بالبيروقراطية وتباطؤ الإدارة.
كما أُغلق ملف صرف مستحقات نهاية الخدمة للمحالين على المعاش عن السنوات الخمس الأخيرة، في خطوة تعكس الالتزام بالحقوق المالية للعاملين المحالين علي المعاش، وحققت الوزارة في هذا العام إنجازا كبيرا حيث صُرفت مستحقات نهاية الخدمة للعاملين المحالين للمعاش عن الفترة من 2020 حتى 2025، في خطوة تحمل معنى الوفاء لمن خدموا المؤسسة، كما ارتفع مستوى رضا المواطنين عن الخدمات المقدمة بفضل نظام الشباك الواحد الذي قلّص زمن إنجاز المعاملات بنسبة كبيرة ، فيما أسهم افتتاح عشرات الفروع الجديدة وربطها بشبكة موحدة في تخفيف الضغط عن المكاتب المركزية، وافتتاح مكاتب المجتمعات العمرانية الجديدة، ومكاتب تملك الأجانب، بينما جاءت السيارات المتنقلة لتؤكد أن الخدمة حق يصل إلى المواطنين في القرى والمناطق النائية، لا امتيازًا يقتصر على وقت محدد، أو إجازة أو مقصورة على المدن الكبرى.
كما تم نقل عدد من العاملين بالقطاع لوظائف القانون ، لسد العجز ودعم المكاتب والفروع الجديدة ، من بعض الباحثين في وظائف المجموعة النوعية لوظائف التنمية الإدارية والمجموعة النوعية لوظائف التمويل والمحاسبة، وهذا الملف ظل حبيس الأدراج لأكثر من عامين، متنقلاً بين أروقة الوزارة والمصلحة ، فإن حسمه لم يأتِ إلا عبر اللجوء إلى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، التي انتهت بجواز نقل جميع باحثي التنمية الإدارية والتمويل والمحاسبة إلى وظائف القانون مع الإحتفاظ بالأقدمية ، غير أن هذا الحسم بدأ أقرب إلى معالجة شكلية منه إلى تطبيق جوهري للقانون، إذ اقتصر التنفيذ على أعداد محدودة من باحثي التنمية الإدارية من المنقولين من جهات حكومية خلال الأعوام الأخيرة، وانتُقيت أسماء بعينها، في إشارة إلى أن النصوص القانونية والفتاوى لم تُطبق بكامل اتساعها، بل جرى التعامل معها بانتقائية تُرضي الحاجة الآنية دون أن تحقق العدالة الكاملة، ومع ذلك، فإن إنهاء هذا الملف المعلق ساهم في دعم مكاتب التوثيق بالعاصمة وشمال وجنوب القاهرة والجيزة، وأخري، وإن كان أثره محدودًا مقارنة بما كان مأمولًا.
التحول الرقمي كان العنوان الأبرز لعام 2025 ؛ فقد اكتمل مشروع الربط الشبكي الموحد بين جميع المكاتب والفروع، وتحولت الملفات الورقية إلى ذاكرة رقمية تحفظ الحقوق وتُيسر الإجراءات، محمية ببنية تحتية قوية للأمن السيبراني، المواطن لم يعد أسير الطوابير والملفات، بل شريك في تجربة رقمية متكاملة، فيما أُطلقت برامج تدريبية متخصصة لرفع كفاءة الموظفين، وأُدخل نظام حديث لتقييم الأداء يربط الإنجاز بالتحفيز، ورُفع بدل العلاج ليواكب تكاليف الرعاية الصحية، في رسالة واضحة أن صحة الموظف جزء لا يتجزأ من جودة الخدمة، وينتظر في تطبيقه في بداية العام الجديد، مع ملفات أخري ينتظر تحقيقها متمثله في تعميم مكافآت الفترة المسائية الثانية اسوة بديوان عام المصلحة، وكذلك بدل المصيف الذي يتمايز به المحاكم وقطاعات وهيئات قضائية مناظرة..
هذه الجهود لم تبقَ مجرد قرارات إدارية، بل تجسدت في نتائج ملموسة؛ فقد ارتفع مستوى رضا المواطنين، وتعززت بيئة الإستثمار في المجتمعات العمرانية الجديدة، وارتفعت الروح المعنوية للعاملين ليصبح القطاع أكثر حيوية وقدرة على مواجهة تحديات المستقبل.
بهذا تكون الوزارة قد أنهت ملفات عالقة، وأعادت ترتيب أولوياتها، مؤكدة أن الإصلاح المؤسسي لا يقتصر على التوسع الجغرافي والرقمنة، بل يشمل أيضًا تسوية القضايا القانونية والإدارية التي تعيق التطوير، بما يرسخ بيئة عمل أكثر انضباطًا فاعلية، وأن ما تحقق في عام 2025 هو أكثر من إنجازات متفرقة؛ إنه قصة نجاح تُروى بلغة الأرقام والحقائق، وتُكتب بروح الإرادة والعزيمة، قصة قطاع قرر أن يخرج من عباءة الماضي، وأن يخطو بثقة نحو المستقبل، ليؤكد أن الإستثمار في الإنسان والتكنولوجيا هو السبيل الأمثل لبناء مؤسسات حديثة، وأن المواطن ليس مجرد متلقٍ للخدمة، بل شريك في رحلة الإصلاح، وهكذا يظل الشهر العقاري والتوثيق شاهدًا حيًا على أن التغيير ممكن، وقادر أيضا في العام الجديد 2026على النجاح في ملف تسجيل الملكية في المدن القديمة، وان ينتقل من البيروقراطية الي منصة المستقبل ، وأن الإرادة حين تقترن بالرؤية تتحول إلى واقع يلمسه الجميع، و تؤكد أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من الإنسان وينتهي عنده








