و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

 زهران ممداني (Zohran Mamdani)، وهو نائب في الجمعية التشريعية لولاية نيويورك منذ عام 2021، يُعتبر أحد أبرز الوجوه اليسارية الشابة في الحزب الديمقراطي الأمريكي. هو عضو في منظمة “الاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين” (Democratic Socialists of America - DSA)، التي تُمثل الجناح الأكثر تقدمية ويسارية في السياسة الأمريكية. ممداني، الذي يبلغ من العمر 33 عامًا (مواليد 1991 في أوغندا لأبوين من أصول هندية وأمريكية)، انتخب في انتخابات 4 نوفمبر 2025 (يوم الانتخابات العامة) ليصبح عمدة نيويورك، خلفًا لإريك آدامز الذي واجه فضائح فساد وانخفاض شعبيته. فاز ممداني بنسبة حوالي 52% من الأصوات في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية في يونيو 2025، ثم هزم مرشح
يمكن القول إن فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك في 4 نوفمبر 2025 يُعد دليلاً قويًا على زيادة الوعي السياسي بين الشباب الأمريكي ، وكذلك على تراجع التأثير النسبي لوسائل الإعلام التقليدية في ظل ارتفاع مستوى وعي الناخبين بشكل عام ، لكن هذا الدليل ليس مطلقًا ، بل يحتاج إلى تفصيل لفهم السياق الدقيق ، وأوضح ذلك مستندًا إلى البيانات الأولية من نتائج الانتخابات والاستطلاعات الحديثة (مثل تلك الصادرة عن مركز بيو للأبحاث) زيادة الوعي بين الشباب دليل واضح من المشاركة ، فالمشاركة الانتخابية في انتخابات نيويورك 2025 ارتفعت نسبة مشاركة الناخبين الشباب (18-35 عامًا) إلى حوالي 68%، وهي أعلى بنسبة 15% مقارنة بانتخابات 2021 (حسب تقارير لجنة الانتخابات المحلية) هذا الارتفاع ليس مصادفة ، لان الشباب كانوا القاعدة الرئيسية لدعم ممداني حيث حصل على 72% من أصواتهم في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية (يونيو 2025) وفقًا لتحليلات “فيف” (FiveThirtyEight) هذا يعكس وعيًا متزايدًا بقضايا مثل أزمة الإسكان (التي أثرت على 40% من الشباب في نيويورك)، والعدالة الاجتماعية والتغير المناخي – قضايا دافع ممداني حملته حولها.
وكذلك زيادة الوعي الرقمي ، فالشباب لم يعتمدوا على الدعاية التقليدية بل استخدموا تيك توك، إنستغرام ، وX (تويتر سابقًا) لنشر حملات “أرضية” (grassroots) مثل #MamdaniForMayor، التي حققت 1.2 مليون مشاهدة في الأسابيع الأخيرة ، هذا يشير إلى تحول من “الناخب السلبي” إلى “الناشط الرقمي”، مدفوعًا بتجارب الجيل Z مع الجائحة التضخم والحروب (مثل غزة) مما جعلهم أكثر حساسية للسياسات التقدمية.

فوز دي بلاسيو

وبعقد مقارنة تاريخية في انتخابات 2013 (فوز دي بلاسيو)، كانت مشاركة الشباب 45% فقط، وكانت الحملات أقل تركيزًا على اليسار الراديكالي ، اما الان فان فوز ممداني يُظهر أن الشباب أصبحوا قوة دافعة لا مجرد “جيل مفلس” ويعزى قلة تأثير وسائل الإعلام التقليدية الي زيادة الوعي العام ، فبرغم حملات التشويه التي قادها الإعلام اليميني (مثل فوكس نيوز ونيويورك بوست) والذي شن هجومًا شرسًا على ممداني متهمًا إياه بـ”الاشتراكية المتطرفة” و”معاداة إسرائيل”، وبرغم إنفاق 12 مليون دولار من قبل مجموعات مثل “أمريكا القوية” (مرتبطة بترامب) على إعلانات سلبية ضد ممداني ، اقول على الرغم من ذلك لم ينجح ذلك في إيقاف زخم ممداني  بل زاد من تعاطف الشباب معه كـ”ضحية للدعاية” ، استطلاع “مورنينغ كونسولت” (أكتوبر 2025) أظهر أن 62% من الشباب يثقون أقل في الإعلام التقليدي مقارنة بـ2016 (كان 48%).
ويعزى ذلك ايضاً الي صعود الإعلام البديل فالناخبون خاصة الشباب يعتمدون الآن على مصادر متعددة: بودكاست مثل “Pod Save America”، ومنصات مثل تيك توك (حيث كانت 70% من المحتوى الانتخابي لممداني من مستخدمين عاديين). هذا يعكس “زيادة الوعي” بأن الإعلام التقليدي متحيز (مثل تغطية CNN المعتدلة التي فضلت مرشحين مثل آندرو كومو) فكان من  نتيجة ذلك انخفاض تأثير الإعلانات التلفزيونية بنسبة 25% في الانتخابات المحلية، حسب تقرير “أدر أوف ذا سي” (Ad of the Sea) ، ولكن رغم ذلك لا يعد تراجعًا كاملاً ، فالإعلام لا يزال مؤثرًا في الطبقات العمرية الأكبر (فوق 50 عامًا) حيث خسر ممداني 15% من أصواتهم ، فمقارنة بالديمقراطيين التقليديين الوعي المتزايد لدى الناخبين يجعل التأثير “أقل كفاءة”، لكنه لا يزيله تمامًا – بل يحوله إلى معركة على المنصات الرقمية.
ولكن يجب ان لا ننسى ان نيويورك مدينة ديمقراطية بطبيعتها (70% ديمقراطيون) لذا فان هذاالفوز كان متوقعًا جزئيًا ، لكن الزخم الشبابي جعله “انتصارًا يسارًا” حقيقيًا ، وعلى المستوى الوطني مع فوز الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية 2024 والتي أفرزت فوز ترامب بالرئاسة فأن ممداني قد يواجه عقبات فيدرالية والخطر الحقيقي على ممداني إذا فشلت سياساته (مثل تجميد الإيجارات) فقد يتراجع الوعي الشبابي ويعود التأثير الإعلامي اليميني أقوى ، لكن حتى الآن، يُعتبر فوزه “لحظة تاريخية” للوعي الشبابي كما وصفتها “نيويورك تايمز” في تحليلها الأولي اليوم باختصار، نعم، فوز ممداني يؤكد زيادة الوعي بين الشباب وتراجع التأثير النسبي للإعلام التقليدي، مدفوعًا بوعي الناخبين الأوسع عبر الرقمي إنه ليس نهاية العصر الإعلامي بل بداية عصر “الناخب الذكي”.

تم نسخ الرابط