و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

القانون الوحيد الثابت في حياة الناس، هو أن "كل شيئ يتغير إلا قانون التغير". في السياسة كما في الاقتصاد كما في الحياة على وجه العموم. وهذا هو ما يحكم أيضا العملية الانتخابية، كما لو كان مادة متفردة في دستور أعلى من القانون.

هذا القانون فعل فعلته كذلك بالشلايين. و"الشلايين" لمن لا يعرف الكلمة ودلالة المعنى، هو وصف يطلق على هؤلاء الذين كانوا يتخذون من المقاهي العامة والجلسات الخاصة، مسرحا للاستعراض في السيرة والمسيرة لكن من وما تطاله ألسنتهم. يمارسون القيل والقال. كفن أكثر منه كظاهرة.

ورغم حجز الشلايين لمقاعدهم على السوشيال ميديا؛ ومحاولاتهم اللحاق بركب التطور. لا تزال الشكوك تحيط بقدرتهم على ذلك بسبب وجودهم في مربعات الجهل والتخلف، حيث لا يعنيهم الحدث بقدر ما يعنيهم نجم الحدث.

في الانتخابات الحالية مثلا، وفي صعيد مصر خصوصا، حيث يعد هذا الوصف بصحبة أوصاف أخرى مثل "الشدافة والبطانة والحاشية" من الرموز المميزة في دواليب الحملات الانتخابية للمرشحين. لا تخلو حملة مرشح من "شلاي" واحد على الأقل. ودوره بالطبع هو أن ينقل كلاما عن قائل لم يصدر منه قول، أو يستقول أخر بما لا يقصد، بهدف النيل من مرشح منافس، أو دعم مرشحه.

و"الشلايين" في العموم، يلعبون دور المحللين السياسيين الاستراتيجين، وقد كانت لهم صولات وجولات، في الماضي القريب. إذ ساهمت أقاوليهم في زمن وجود الأخوان لا زمن حكمهم فقط، في أحداث فتن طائفية، وأخرى قبلية.
لكن المثير للدهشة، لم يعد هو قدرتهم على مجاراة التطور من عدمه. فقد سقط كثير منهم بعد صارت بضاعته راكده بفضل إتاحة المعرفة مجانا وبسهولة على الانترنت ووساىل التواصل.

بل صار المثير حقا، هو أنهم باتوا مثل المومياوات، في متحف الانتخابات. بعدما صارت الأحداث بأشخاصها ومضامينها تنقل ما يجري بالصوت والصورة فور وقوعها.

جنوب مصر

بالطبع لقد أثر ذلك كثيرا على أهمية الشلايين في الحملات الانتخابية. فإذا أطلقوا شائعة حول مرشح سرعان ما تتعرض للنفي، وإذا زرعوا فتنة قبلية عرقية أو جغرافية سرعان ما تجد من يطفئها من العقلاء بفضل الانتشار الواسع لوسائط نقل المعلومات عبر التواصل الاجتماعي.

في الانتخابات الحالية، التي تضم مرحلتها الأولى محافظات الصعيد، تنفجر الصفحات المعبرة عن الواقع هناك  بوسائط المعلومات المصورة لتنقل حقائق ومعلومات تكافح محاولات قدامي الشلايين في تغييب الحقائق  وتضليل الناخبين هناك.

كما توارت نسبيا الصفحات المجهولة، لأشخاص مجهولين لجهلهم أو لخوفهم أو ركود بضاعتهم بسبب موجات متتالية من المواجهة العلنية لأشخاص أو أوضاع فاسدة. بعدما صارت المواجهات العلنية قوية بالفعل تعبيرا عن الرأي والواقع هناك بفضل الوسائط التي أتاحتها وسائط التواصل الاجتماعي للانتشار، وقد صارت دالة على ما يجري بقوة المستند الرسمي

هذا التطور، يلاحظه قلائل من المعنيين برصد تغيير كبيرة يحدث على الأرض في جنوب مصر، وهو يعكس تحولا كبيرا في موجة تأثير جديدة قد تدفع التغير بقوة على اتجاهات عديدة في المجتمع الذي يئن من التراجع تحت الضغط الاقتصادي.
وقد تدفع بالشلايين أيضا، بعدما تراجع دورهم، وضعفت أدواتهم، وترنحت قدراتهم تحت الضربات المتتالية لمفردات ومظاهر التغيير المختلفة؛ إلى مطالبة المرشحين الجدد وهو يلوحون لهم بقوة المال، بإنشاء متحف يضمهم بين جنباته، بدلا من التشرذم على المقاهي.

هناك، حيث زبائنهم القدامي أيضا، يصمون أذانهم بينما يشاهدون ويستمعون إلى ما يلبي حاجاتاتهم المعرفية، وفضولهم عبر شاشات الموبايل. فيما صفحات الشلايين أنفسهم لا تعرض سوى بضاعة راكدة. خالية من دسم الرأي أو المنطق أو المعرفة. وقد تخلى عنهم الكثير من المرشحين. انتظارا للبت في وجاهة الاقتراح بإنشاء "متحف للشلايين".

تم نسخ الرابط