على عكس كل الاولياء
سر احتفال المصريين بمولد الإمام الحسين مرتين كل عام

يحتفل اليوم الآلاف من محبي آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بالليلة الختامية لمولد الإمام الحسين رضي الله عنه، في مشهد مهيب تعلو فيه أصوات الذكر والمدائح، يجتمعون فيه على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته.
وشهد شوارع القاهرة الفاطمية المحيطة بمسجد الإمام الحسين توافد الزائرين من مختلف المحافظات، لإحياء ذكرى استقرار رأس سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصر، وسط أجواء روحانية تغمرها المحبة.
وعلى عكس كل آل البيت وأولياء الله الصالحين، يحتفل المصريون مرتين سنويا بمولد الإمام الحسين بن علي، رضوان الله عليهم؛ المرة الأولى فى شهر شعبان، وذلك بمناسبة مولده الشريف الذى يحل فى اليوم الثالث من شهر شعبان من عام 4 للهجرة فى المدينة المنورة.
أما المرة الثانية؛ فيكون الاحتفال فى الأسبوع الأخير من شهر ربيع الآخر وهى المناسبة التى يعرفها أتباع الطرق الصوفية بـ «المولد الثانى»، وهى ذكرى وصول الرأس الشريف لـ الإمام الحسين ابن بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من مدينة عسقلان إلى القاهرة .
وحول اختلاف الروايات التاريخية بشأن مكان دفن رأس الإمام الحسين، يقول الدكتور عبدالحليم العزمي، الأمين العام للاتحاد العالمي للطرق الصوفية، فى موسوعة سيرة أهل البيت، إن المؤرخين اختلفوا في مكان استقرار رأس الإمام الحسين رضي الله عنه.
منهم من قال أنه رُد إلى المدينة ودفن بجوار روضة السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، أو أنه رد إلى كربلاء ودفن بجوار جسده الشريف، أو أنه بقي في دمشق، أو أنه دفن بمسجد الرقة على الفرات، وأخيرًا الرأي القائل بأن الخلفاء الفاطميين نقلوه من باب الفراديس إلى عسقلان، ثم نقلوه إلى القاهرة ليدفن داخل مسجده الحالي.
ويضيف العزمي إن الرأي بوجود الرأس في المدينة ينقصه الدليل المادي الذي ذكره المسعودي، عندما قال: «الحمد لله مميت الأمم، ومحيي الأمم، هذا قبر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، سيدة نساء العالمين، والحسن بن علي بن أبي طالب، وعلي بن الحسين بن علي، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد رضوان الله عليهم أجمعين»، فلو كان الرأس في البقيع معهم ما أغفل اسم سيد الشهداء الإمام الحسين.
وردا على الشيعة الذين قالوا بأن الرأس مدفون مع الجسد بكربلاء، يقول العزمي بأنه من المستبعد عقلاً أن يعيد يزيد بن معاوية الرأس إلى كربلاء، وهو يعلم أنها معقل المنتمين للإمام الحسين، هذا بجانب أنه عندما أمر الخليفة المتوكل النويريج بهدم القبر عام 236هـ، هدموه حتى موضع اللحد ولم يرو أثرا للرأس.
المؤرخين وعلماء الآثار
وتقول عالمة الآثار الإسلامية الدكتورة سعاد ماهر: إن أقرب الآراء أن رأس الإمام الحسين وضع أول الأمر في خزائن السلاح بدمشق، ثم دفن في عسقلان على البحر، وحين استولى الفرنجة على عسقلان تقدم الصالح طلائع ابن رزيك، وزير الفاطميين بمصر، فدفع ثلاثين ألف درهم، واسترد الرأس الشريف، ونقله إلى مصر، حيث جاء الرأس في ثلة من الجند، واستقبله الخليفة الفاطمي هو وعسكره حفاة عند الصالحية، كما يقول الإمام الشعراني في طبقات الأولياء.
وتشير عدد من المراجع إلى أن 13 مؤرخا أكدوا وجود الرأس الشريف في مصر، وعلى رأسهم المؤرخ ابن الأورق في كتابه «تاريخ آمد»، الذى أكد دخول الرأس الشريف في عهده، حيث حضر وشارك بنفسه ضمن جمهور المصريين في استقبال رأس الحسين رضوان الله عليه..
ويُجمع كتاب السيرة على أن جسد الإمام الحسين رضى الله عنه دفن مكان مقتله في كربلاء، أما الرأس الشريف فقد طافوا به حتى استقر بمدينة عسقلان على ساحل البحر المتوسط بفلسطين، قريبًا من مواني مصر وبيت المقدس.
واتفق كلا من؛ ابن ميسر، والقلقشندي، وعلي ابن أبي بكر الشهير بالسايح الهروي، وابن إياس، وسبط ابن الجوزي، على دفن الرأس الشريف للإمام الحسين فى مصر.
ويقول المقريزي: إن رأس الإمام الحسين رضى الله عنه نقلت من عسقلان إلى القاهرة في 8 جمادى الآخرة عام 548هـ، وبقيت عامًا مدفونة في قصر الزمرد حتى أنشئت له خصيصًا قبة هي المشهد الحالي بمسجده الشهير، وكان ذلك عام 549هـ.