و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

معارك أكتوبر والنصر العظيم

معركة كبريت.. ملحمة الصمود الأسطوري لأبطال الكتيبة 306 على البحيرات المرة

موقع الصفحة الأولى

اعتبر المؤرخون العسكريون معركة كبريت ملحمة تفوق حدود العسكرية وقوانينها بطولة وفداءً بفضل المقدم إبراهيم عبدالتواب أحد شهداء حرب أكتوبر عام 1973 الذى صمد هو ووحدته 134 يومًا دون طعام، رافعا شعار «لا تراجع ولا استسلام»، فى وجه العدو الإسرائيلي.
فى 6 أكتوبر عام 1973 أسندت للكتيبه 306 مهمة اقتحام البحيرات المُرة الصغرى ثم التحرك شرقًا حتى طريق الممرات للاستيلاء على المدخل الغربى لممر متلا، الذى جعله العدو أحد حصونه فى سيناء ومركزًا لعملياته على المحور الأوسط بسيناء، ومع بداية الحرب فى الساعة الثانية بعد الظهر بدأت الكتيبة 603 التى كان يقودها المقدم إبراهيم عبدالتواب فى اقتحام البحيرة المُرة الصغرى تحت تغطية نيران المدفعية والقصف الجوى لـ القوات المسلحة المصرية.
وتم عبور الكتيبة بنجاح فى فترة زمنية وجيزة، وبَعد ذلك بدأ تنفيذ الشق الثانى من المهمة وهو السيطرة على مَمر متلا؛ وذلك حتى يتمكن سلاح المهندسين العسكريين المصريين من مَد الكبارى والمَعديات بين ضفتَى القناة وعبور المدرعات ومنع العدو من تعزيز قواته، وفى هذا الوقت وقبل عبور القوات من على الكبارى والمَعديات بنصف ساعة وردت للقيادة العامة معلومات مفادها تجميع العدو لقواته تجاه كبريت للقيام بعملية نوعية لاختراق عمق القوات المصرية وفصل الجيش الثانى الميدانى عن الجيش الثالث الميدانى.

كانت مهمة الكتيبة خلال حرب أكتوبر المجيدة، هى اقتحام البحيرات المرة الصغرى تحت تغطية من نيران المدفعية والقصف الجوى للطائرات المصرية، ثم التحرك شرقــًا على  طريق الطاسة ثم طريق الممرات لتهاجم وتستولى على المدخل الغربى لممر متلا.

البحيرات المرة

وبالفعل فى الموعد المحدد ومع صيحات الله أكبر التى انطلقت من حناجر رجال القوات المسلحة تبث الرعب فى قلوب الأعداء، انطلقت كتيبة البطل لتقتحم البحيرات المرة الصغرى بنجاح تام وفى فترة زمنية صغيرة للغاية، بفضل التوجيه المميز للقائد الشهيد إبراهيم عبد التواب ، حتى وصلت الكتيبة إلى البر الشرقى للبحيرات وبدأت تنفيذ الشق الثانى من المهمة وهو السيطرة على ممر متلا ، ورغم العقبات التى واجهت كتيبة البطل وشراسة العدو المصاب بالذهول ، إلا أن إيمان الرجال بنصر الله ورغبتهم فى استعادة كرامة الوطن حولتهم إلى أسود مرعبة فرت من أمامها مدرعات العدو ودباباته .
استمرت مهمة الكتيبة فى تلك المنطقة وكبدوا العدو الإسرائيلى خسائر هائلة فى الأرواح والمعدات ، حتى 9 أكتوبر 1973، حيث صدرت الأوامر بمهاجمة النقطة الحصينة شرق كبريت والاستيلاء عليها. 
وفى يوم 9 أكتوبر 1973 تحركت كتيبة البطل  إبراهيم عبد التواب نحو نقطة كبريت الحصينة ، حيث اعتمدت خطة الشهيد على استغلال نيران المدفعية والدبابات لاقتحام النقطة الحصينة من اتجاهى الشرق والجنوب بقوة سرية مشاة ، فى نفس الوقت الذى تقوم باقى وحدات الكتيبة بعملية عزل وحصار من جميع الجهات لمنع تدخل احتياطى العدو الإسرائيلي.
ورغم قصف طيران العدو، واشتباك وحداته المدرعة فى قتال ضار مع كتيبة البطل على بعد حوالى 3 كيلو متر من النقطة الحصينة، إلا أن عزم القائد ورجاله كان أقوى من أى عقبات، وسرعان ما انهارت قوات العدو وانسحبت مذعورة خلف التبات القريبة، وانطلق خلفها رجال الكتيبة الأبطال ونجحوا فى تدمير الدبابات عن آخرها ونجحت خطة اقتحام النقطة الحصينة وتم تطهيرها وتفتيش جميع الدشم والملاجئ، وارتفع علم مصر خفاقا عاليا فوق هذا الموقع وتعالت صيحات الله أكبر وللأهمية البالغة لهذا الموقع ، حيث كان مقرًا لإحدى قيادات العدو الإسرائيلى الفرعية وملتقى الطرق العرضية شرق القناة ، ويمكن من خلاله السيطرة على كافة التحركات شرق وغرب منطقة كبريت، بالإضافة إلى أنه يعتبر نقطة الاتصال بين الجيشين الثانى والثالث المصريين.
لهذه الأسباب فقد كان تخلى العدو الإسرائيلى عن هذا الموقع شيئا صعبا للغاية إن لم يكن مستحيلاً، لذا فقد بدأت قوات العدو فى محاولات مستميتة ومتكررة لاستعادة السيطرة على الموقع، حتى أن الهجمات الجوية كانت تستمر لساعات متواصلة، بالإضافة إلى هجمات الدبابات والمشاة .
ورغم كل هذا لم تسفر محاولات العدو عن أى تقدم، وظل الموقع صامدًا، ونتيجة للفشل الذى مُنيت به هجمات العدو المتوالية ، لم يكن أمام قادة إسرائيل إلا فرض الحصار حول الموقع على أمل عزل الكتيبة عن الجيش المصرى ومنع الإمداد عنها، واستمر هذا الحصار مدة 134 يوما ، نُسجت خلالها ملحمة نادرة من الصمود والتماسك بين أفراد الكتيبة المصرية بقيادة الشهيد إبراهيم عبد التواب  ومنذ اليوم الأول للحصار جلس العقيد  إبراهيم عبد التواب وحوله رجاله  ضباطا وجنودا يوضح موقف الكتيبة والإجراءات الواجب اتباعها، وتعاهد الرجال على أنه لا تفريط فى الموقع حتى آخر طلقة وآخر نفس يتردد فى الصدور.

تم نسخ الرابط