و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

معارك أكتوبر والنصر العظيم

معركة المنصورة الجوية .. قصة أطول معارك الطيران فى التاريخ الحديث

موقع الصفحة الأولى

تعتبر معركة المنصورة الجوية، التي دارت يوم 14 أكتوبر 1973، واحدة من أهم المعارك الجوية فى الطريق الحديث، وثان أغلى الانتصارات التي حققتها القوات الجوية المصرية، على العدو الإسرائيلي بعد الضربة الجوية، يوم السادس من أكتوبر. 
وبحسب المصادر العسكرية، ففي يوم 14 أكتوبر قرر العدو الإسرائيلي تنفيذ غارة واسعة النطاق ضد عدد من القواعد الجوية المصرية بهدف تدمير الطائرات على الأرض والقضاء على قدرات مصر الجوية. وتركزت الغارة بشكل أساسي على قاعدة المنصورة الجوية، والتي كانت تحتضن عددا كبيرا من الطائرات المقاتلة المصرية.
بدأت المعركة الجوية عندما قامت القوات الجوية الإسرائيلية بإرسال 160 طائرة مقاتلة من طراز «فانتوم» و«سكاي هوك» إلى سماء منطقة الدلتا وردت القوات الجوية المصرية بقوة، حيث أقلعت نحو 60 طائرة مقاتلة من طراز «ميج-21» من قواعد متعددة للدفاع عن قاعدة المنصورة. 
امتدت المعركة لنحو 53 دقيقة، وهي مدة طويلة بالنسبة لتاريخ المعارك الجوية الحديثة، حيث كانت هذه المواجهات عادة تنتهي خلال دقائق قليلة. خلال المعركة، كان الطيارون المصريون يعتمدون بشكل كبير على السرعة والمرونة التي تميز طائرات «ميج-21»، مقارنة بالطائرات الإسرائيلية الثقيلة التي كانت تحمل ذخائر أكبر.
وخلال المعركة تمكنت القوات الجوية المصرية بشكل واضح، من السيطرة على الموقف وكبدت العدو خسائر فادحة في الطائرات، إذ أسقطت نحو 17 إلى 20 طائرة إسرائيلية، بينما لم تفقد مصر سوى طائرتين.
أدى هذا الانتصار إلى تعزيز الروح المعنوية للقوات المصرية، وأظهر قدرة الدفاعات الجوية المصرية على مواجهة أقوى الأسلحة الجوية الإسرائيلية.
وأصبحت معركة المنصورة الجوية رمزًا للصمود المصري في وجه التفوق التكنولوجي والجوي الإسرائيلي، وساهمت بشكل كبير في إحباط خطة إسرائيلية لشلّ القدرات الجوية المصرية، مما مكّن القوات المصرية من الاستمرار في العمليات الهجومية والدفاعية على الجبهات الأخرى. كما أظهرت المعركة قدرة الطيارين المصريين على التفوق في مواجهات مع عدو متفوق عددياً ومجهز بأحدث التقنيات. بالإضافة إلى ذلك، شكلت هذه المعركة نقطة تحول في الحرب الجوية، حيث أدركت إسرائيل أن التفوق الجوي لن يكون سهلًا كما كان في حروب سابقة، خاصة بعد الخسائر التي تكبدتها.

عن معركة المنصورة الجوية، يقول الخبير الاستراتيجي اللواء سمير فرج: أثناء فترة دراستي في كلية كمبرلي الملكية بإنجلترا عام 1975، والتي كان من ضمن برنامجها الدراسي، زيارة كلية أركان حرب الجوية في براكنل، لمدة أسبوع، وفي أول أيام تلك الزيارة، تجمع في القاعة أكثر من 250 ضابط، من أكثر من 60 دولة، من كل أنحاء العالم، لمناقشة فنون القتال، وسبل التعاون بين القوات البرية والقوات الجوية، ودارت المحاضرة الأولى حول نشأة وتطوير القوات الجوية، عبر التاريخ، بدءاً من الطائرات المروحية، ثم النفاثات، وصولاً إلى أنواع الطائرات الأسرع من الصوت، فضلاً عن تطور الإمكانات الملاحية للطائرات، والنظم الفنية الحديثة في علم الطيران، حتى أنظمة المحاكاة الجديدة لتدريب الطيارين.

مستوى التدريب

ولما حان موعد المحاضرة الثانية، كانت المفاجأة أن تم عرض أحدث معركة جوية في التاريخ الحديث، فإذا بي أمام عرض، على شاشة المحاضرة، لمعركة المنصورة الجوية بين القوات الجوية المصرية، والقوات الجوية الإسرائيلية، استعرض خلالها المحاضر تفاصيل القتال الذي دار في هذه المعركة لمدة 53 دقيقة، وتابع عمليات إقلاع الطائرات الإسرائيلية والمصرية من المطارات المختلفة، خاصة أن طرفي هذه المعركة الجوية استخدما، لأول مرة، أسلحة الحرب الإلكترونية الحديثة، من حيث التشويش على طائرات الخصم لكل طرف، والإجراءات المضادة لكل طرف للتغلب على عمليات التشويش، وهو ما لم يكن متعارف عليه قبل تلك المعركة.
ويضيف اللواء سمير فرج: عندما تطرق المحاضر لإمكانات طائرات كل طرف، ظهر التفوق العددي، والنوعي، للطائرات الإسرائيلية، أمام الطائرات المصرية، وهو ما علق عليه المحاضر بقوله أن ما حدث في معركة المنصورة الجوية يؤكد لنا، كضباط طيارين، أن التدريب في وقت السلم، سواء على فن قيادة الطائرات الحربية، أو التخطيط، أو إدارة العملية، هو ما حقق النصر لمصر، ومكّن طياري قواتها من التغلب على الضعف النسبي لإمكانات الطائرة الميج، أمام الفانتوم وسكاي هوك. كما أشاد المحاضر بمستوى تدريب إدارة العملية، خاصة في التنسيق والمزامنة بين الطائرات المصرية ووسائل الدفاع الجوي المصري، فلم تسقط طائرة مصرية بنيران صديقة، رغم حائط الصواريخ التابع للدفاع الجوي المصري، الذي كان سبباً في إرباك القوات الجوية للعدو الإسرائيلي منذ اندلاع حرب أكتوبر 1973، وحيّد قدراتها.
كما تطرق المحاضر لارتفاع مستوى تدريب الأطقم الأرضية المصرية، المعنية بتوجيه الطائرات، مدللاً على ذلك بتكتيكات المخطط ومدير عملية المنصورة، على الأرض، الذي كان يدفع بالمقاتلات المصرية، بالتزامن مع استهلاك الطائرات الإسرائيلية لمعظم وقودها، فتندفع خلفها الطائرات المصرية، لتدميرها، يقيناً من أنه لم يتبق لها من الوقود، إلا ما يسمح لها بالعودة للقواعد الإسرائيلية، دون القدرة على الاشتباك. كما أشاد المحاضر بقدرة الأطقم الفنية المصرية، على أرض المطارات المصرية الحربية، فيما يخص سرعة إعادة تموين الطائرات بالوقود بعد عودتها من المهمة، وتطبيق الكشف السريع للصيانة، ثم إعادة تذخير الطائرات بالذخائر المطلوبة، وهو ما كان له الفضل في سرعة عودة الطائرات المصرية إلى سماء المعركة.

تم نسخ الرابط