فى رسالة صريحة للعالم
بيان قمة الدوحة يؤكد وحدة الصف العربى الإسلامي و«السيسي» يحذر الشعب الإسرائيلى

اختتمت القمة العربية - الإسلامية الطارئة بالعاصمة القطرية الدوحة أعمالها مساء الإثنين، باعتماد البيان الختامي الذي وافق عليه الحضور من الرؤساء والقادة ورؤساء الحكومات والوزراء.
وأعلن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني خلال رئاسته نهاية الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الإسلامية الاستثنائية، ختام القمة بموافقة المشاركين بها على البيان الختامي.
وأشاد رئيس الوزراء القطرى، بالجهود التي بذلها المشاركون في إعداد البيان الختامي والذي وافق عليه الحضور، موجها الشكر لكل الرؤساء والقادة والزعماء ورؤساء الحكومات والوزراء الذين شاركوا في أعمال القمة التي انطلقت اليوم بالدوحة، معربا عن أمله في أن تنعم المنطقة والأمة العربية والإسلامية بالأمن والاستقرار.
وشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الإثنين، في أعمال القمة العربية الإسلامية الطارئة، التي عُقدت في العاصمة القطرية الدوحة، لبحث الهجوم الإسرائيلي على دولة قطر الشقيقة.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي فى كلمته أمام القمة: أود بداية؛ أن أعبر عن خالص التقدير، لأخي الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني"، ودولة قطر الشقيقة، على استضافة هذه القمة المهمة، والتي تنعقد في توقيت بالغ الدقة، وفي ظل تحديات جسام تواجهها المنطقة، التي تسعى إسرائيل لتحويلها إلى ساحة مستباحة للاعتداءات، بما يهدد الاستقرار في المنطقة بأسرها، ويشكل إخلالًا خطيرًا بالسلم والأمن الدوليين، وبالقواعد المستقرة للنظام الدولي.
وأضاف: كما أود أن أنقل إلى قيادة قطر وشعبها الشقيق؛ تضامن مصر الكامل، وتضافرها مع أشقائها، في مواجهة العدوان الإسرائيلي الآثم، الذي شهدته الأجواء والأراضي القطرية، والذي يمثل انتهاكًا جسيمًا، لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويعد سابقة خطيرة، وتهديدًا للأمن القومي العربي والإسلامي.
وتابع الرئيس السيسي : دعوني أؤكد هنا بوضوح؛ أن هذا العدوان إنما يعكس بجلاء، أن الممارسات الإسرائيلية تجاوزت أي منطق سياسي أو عسكري، وتخطت كافة الخطوط الحمراء، وأن أعرب عن الإدانة، بأشد وأقسى العبارات لهذا العدوان الإسرائيلي، على سيادة وأمن دولة عربية، تضطلع بدور محوري في جهود الوساطة مع مصر والولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء الحرب والمعاناة غير المسبوقة، التي يمر بها الشعب الفلسطيني الشقيق.
زعزعة استقرار المنطقة
كما حذر الرئيس من أن ما نشهده من سلوك إسرائيلي منفلت، ومزعزع للاستقرار الإقليمي، من شأنه توسيع رقعة الصراع، ودفع المنطقة نحو دوامة خطيرة من التصعيد، وهو ما لا يمكن القبول به، أو السكوت عنه.
وأشار إلى أنه بينما تدعو مصر المجتمع الدولي، إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، لضمان عدم تكرار هذه الاعتداءات، وإنهاء الحرب الإسرائيلية الغاشمة، بما يقتضيه ذلك؛ من محاسبة ضرورية للمسئولين، عن الانتهاكات الصارخة، ووضع حد لحالة "الإفلات من العقاب"، التي باتت سائدة أمام الممارسـات الإسرائيلية، فإنه بات واضحًا؛ أن النهج العدواني الذي يتبناه الجانب الإسرائيلي، إنما يحمل في طياته نية مبيتة، لإفشال كافة فرص تحقيق التهدئة، والتوصل إلى اتفاق يضمن الوقف الدائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، كما أن هذا التوجه؛ يشي بغياب أي إرادة سياسية لدى إسرائيل، للتحرك الجدي في اتجاه إحلال السلام بالمنطقة.
أوضح أن الانفلات الإسرائيلي والغطرسة الآخذة في التضخم، تتطلب منا كقادة للعالمين العربي والإسلامي، العمل معًا نحو إرساء أسس ومبادئ، تعبر عن رؤيتنا ومصالحنا المشتركة، ولعل اعتماد مجلس الجامعة العربية، في دورته الوزارية الأخيرة، القرار المعنون: "الرؤية المشتركة للأمن والتعاون في المنطقة"، يمثل نواة يمكن البناء عليها، وصولًا إلى توافق عربي وإسلامي، على إطار حاكم للأمن والتعاون الإقليميين، ووضع الآليات التنفيذية اللازمة، للتعامل مع الظرف الدقيق الذي نعيشه، على نحو يحول دون الهيمنة الإقليمية لأي طرف، أو فرض ترتيبات أمنية أحادية، تنتقص من أمن الدول العربية والإسلامية واستقرارها.
وتابع السيسي: على إسرائيل أن تستوعب، أن أمنها وسلامتها، لن يتحققا بسياسات القوة والاعتداء، بل بالالتزام بالقانون الدولي، واحترام سيادة الدول العربية والإسلامية، وأن سيادة تلك الدول، لا يمكن أن تمس تحت أي ذريعة، وهذه مبادئ غير قابلة للمساومة، ومن ثم؛ على العالم كله، إدراك أن سياسات إسرائيل، تقوض فرص السلام بالمنطقة، وتضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية، والأعراف المستقرة والقيم الإنسانية، وأن استمرار هذا السلوك، لن يجلب سوى المزيد من التوتر، وعدم الاستقرار للمنطقة بأسرها، على نحو سيكون له تبعات خطيرة على الأمن الدولي.
رسالة لشعب إسرائيل
وقال: ولشعب إسرائيل أقول إن ما يجرى حاليًا يقوض مستقبل السلام، ويهدد أمنكم، وأمن جميع شعوب المنطقة، ويضع العراقيل أمام أي فرص لأية اتفاقيات سلام جديدة، بل ويجهض اتفاقات السلام القائمة مع دول المنطقة، وحينها ستكون العواقب وخيمة؛ وذلك بعودة المنطقة إلى أجواء الصراع، وضياع ما تحقق من جهود تاريخية لبناء السلام، ومكاسب تحققت من ورائه، وهو ثمن سندفعه جميعًا بلا استثناء، فلا تسمحوا بأن تذهب جهود أسلافنا من أجل السلام سدى، ويكون الندم حينها بلا جدوى.
وشدد على رفض مصر الكامل، لاستهداف المدنيين، وسياسة العقاب الجماعي والتجويع، التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو ما أدى إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين الأبرياء، على مدار العامين الماضيين.
كما شدد على أن الحلول العسكرية، وإجهاض جهود الوساطة، والاستمرار عوضا عن ذلك، في محاولة فرض الأمر الواقع بالقوة الغاشمة، لن يحقق الأمن لأي طرف.
وفي هذا السياق؛ ستواصل مصر دعمها الثابت، لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وتمسكه بهويته وحقوقه المشروعة، طبقًا للقانون الدولي، والتصدي لمحاولة المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواء عبر الأنشطة الاستيطانية، أو ضم الأرض، أو عن طريق التهجير، أو غيرها من صور اقتلاع الفلسطينيين من أرضـهم، عبر استخدام عناوين ومبررات، لا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال.
كما تؤكد مصر مجددًا؛ رفضها الكامل، لأي مقترحات من شأنها تهجير الفلسطينيين من أرضهم، فمثل هذه الأطروحات، ليس لها أساس قانوني أو أخلاقي، ولن تؤدي سوى إلى توسيع رقعة الصراع، وهو أمر من شأنه زعزعة استقرار المنطقة بأكملها.
وتابع الرئيس: لقد آن الأوان، للتعامل بجدية وحسم مع القضية الفلسطينية، باعتبارها مفتاح الاستقرار في المنطقة، إن الحل العادل والشامل، للقضية المركزية للعالمين العربى والإسلامى، يقوم على إنهاء الاحتلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وشدد على تطلع مصر، إلى أن يمثل مؤتمر حل الدولتين، الذي سيعقد يوم 22 سبتمبر الجاري، على هامش الشق رفيع المستوى، لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، محطة مفصلية، على طريق تحقيق حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية، خاصة من خلال الاعتراف بدولة فلسطين، مجددًا الدعوة للاعتراف الفوري بدولة فلسطين، من جانب جميع الدول التي لم تقدم على هذه الخطوة بعد، باعتبار ذلك السبيل الوحيد، من أجل الحفاظ على حل الدولتين.
البيان الختامى للقمة
وأضاف الرئيس السيسي: إننا أمام لحظة فارقة، تستلزم أن تكون وحدتنا نقطة ارتكاز أساسية، للتعامل مع التحديات التي تواجه منطقتنا، بما يضمن عدم الانزلاق إلى مزيد من الفوضى والصراعات، والحيلولة دون فرض ترتيبات إقليمية، تتعارض مع مصالحنا ورؤيتنا المشتركة، إن رسالتنا اليوم واضحة؛ فلن نقبل بالاعتداء على سيادة دولنا، ولن نسمح بإفشال جهود السلام، وسنقف جميعًا صفًا واحدًا، دفاعًا عن الحقوق العربية والإسلامية، وفى مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، والعيش بحرية وكرامة وأمن.
واختتم الرئيس كلمته قائلًا: ختامًا يجب أن تغير مواقفنا من نظرة العدو نحونا، ليرى أن أي دولة عربية؛ مساحتها ممتدة من المحيط إلى الخليج، ومظلتها متسعة لكل الدول الإسلامية، والدول المحبة للسلام، وهذه النظرة كي تتغير، فهي تتطلب قرارات وتوصيات قوية، والعمل على تنفيذها بإخلاص ونية صادقة، حتى يرتدع كل باغ، ويتحسب أي مغامر، فقد أصبح لزامًا علينا في هذا الظرف التاريخي الدقيق، إنشاء آلية عربية إسلامية للتنسيق والتعاون، تمكننا جميعًا من مواجهة التحديات الكبرى، الأمنية والسياسية والاقتصادية، التي تحيط بنا، حيث إن إقامة مثل هذه الآلية الآن، يمثل السبيل لتعزيز جبهتنا، وقدرتنا على التصدي للتحديات الراهنة، واتخاذ ما يلزم من خطوات، لحماية أمننا ورعاية مصالحنا المشتركة، ومصر كعهدها دائمًا؛ تمد يدها لكل جهد صادق، يحقق سلامًا عادلًا، ويدعم أمن واستقرار العالمين العربي والإسلامي.
وأشاد البيان الختامى للقمة العربية الاسلامية، بموقف قطر الحضاري في تعاملها مع الاعتداء الغادر، لافتا إلى أن العدوان على مكان محايد للوساطة يقوض عمليات صنع السلام الدولية، كما أشاد بدور الدوحة البناء والمقدر في الوساطة ودعم إرساء الأمن.
وأعلن البيان عن تضامن الدول العربية والاسلامية المطلق مع قطر والوقوف معها في ما تتخذه من خطوات للرد، وإدانة هجوم إسرائيل الجبان غير الشرعي، مؤكدا أن العدوان الغاشم على الدوحة يقوض أي فرص لتحقيق سلام بالمنطقة.
كما اعربت القمة عن دعم جهود الوسطاء مصر وقطر والولايات المتحدة لوقف العدوان بغزة، والتأكيد على إدانة أي محاولات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين بأي ذريعة.
والتأكيد كذلك على الوقوف ضد مخططات إسرائيل لفرض واقع جديد بالمنطقة، والرفض المطلق لتهديد إسرائيل المتكرر بإمكانية استهداف قطر مجددا، فضلا عن الرفض القاطع لمحاولات تبرير العدوان الإسرائيلي تحت أي ذريعة.