
بعد تنصيب محمد مرسي رئيسًا للجمهورية في 30 يونيو 2012، كشفت ممارسات جماعة الإخوان عن مخطط التمكين لاختطاف مصر لصالح مشاريع الاستعمار، فمنذ اللحظة الأولى، بدأت تحركات الجماعة لتنفيذ أجندتها، وهو ما دعا الشعب المصري لاتخاذ قرار المواجهة لتصحيح المسار.
ومع نهاية عام 2012، كانت الأوضاع في مصر تزداد سوءا على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حتى أصدر محمد مرسي إعلانًا دستوريًا في نوفمبر 2012، يمنح نفسه سلطات واسعة، بما في ذلك الحصانة من الرقابة القضائية على قراراته.
أثار الإعلان غضب المعارضة التي رأت فيه محاولة للسيطرة على مؤسسات الدولة، وهو الإعلان الذى جاء بالتزامن مع مشروع الدستور الجديد الذي كان حاول الإخوان تمريره بشتي السبل.
وأمام هذا الصلف الإخواني تجمع مئات المعارضين أمام قصر الاتحادية مقر إقامة محمد مرسي، فى اعتصام سلمي احتجاجا على ممارسات الجماعة التى حشدت جمعا من منتسبيها لمهاجمة المعتصمين وسحلهم.
وفي 5 ديسمبر 2012، اندلعت اشتباكات عنيفة أمام قصر الاتحادية بين أنصار جماعة الإخوان والمعارضين الذين رفعوا لافتات الاحتجاجا بينما رفع أنصار مرسي الأسلحة النارية وهو ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا.
أسفرت هذه الاشتباكات عن سقوط عشرات 10قتلى ومئات المصابين، فى واحدة من أبشع المجازر التى ارتكبها مكتب الإرشاد الذى أدار هذه المرحلة بالكامل.
الغريب أن جماعة الإخوان لم تنفي التورط فى هذه المجزة وإنما بررتها بأن الاشتباكات كانت نتيجة استفزازات من قبل المعارضة، وزعموا أن «البلطجية» هم من بدأوا العنف.
أسفرت المجزرة عن تصعيد حاد في الأزمة السياسية في مصر، وزادت من مشاعر الغضب في الشارع المصري تجاه مرسي والإخوان، واعتبرها المراقبون بداية النهاية لحكم الجماعة ومكتب الإرشاد.
شكك المصريون في قدرة محمد مرسي على الحفاظ على الاستقرار في البلاد، وأصبح هناك قناعة راسخة بأن النظام الإخواني لا يتوانى عن استخدام القوة لتثبيت سلطته.
كانت مجزرة الاتحادية واحدة من اللحظات الفارقة في فترة حكم مرسي، وهي اللحظة التى بدأ فيها تنظيم الحراك الشعبي لإسقاط محمد مرسي وجماعته، وتشكيل البيئة التي أدت إلى ثورة 30 يونيو 2013، التي أسقطت مرسي وجماعة الإخوان المسلمين من الحكم.
محمد مرسي
بعد مجزرة الاتحادية ، تعمق الغضب في الشارع المصري ضد محمد مرسي وجماعة الإخوان، واتسعت الاحتجاجات ضد الجماعة لتشمل كل فئات الشعب المصري، بما في ذلك القوى الليبرالية، اليسارية، والشبابية الذين شاركوا في الثورة ضد مبارك.
نظمت المعارضة صفوفها وشكلت جبهة الإنقاذ الوطني، لإسقاط مرسي وإلغاء الدستور، وفي يناير 2013، نظم المصريون مظاهرات كبيرة في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، كانت بمثابة تصعيد جديد ضد حكم مرسي وجماعة الإخوان، مطالبة بإسقاط الرئيس وحل البرلمان الذي كان يهيمن عليه الإخوان.
وفي مارس 2013، حاول محمد مرسي تهدئة الأوضاع من خلال إجراء حوار وطني مع المعارضة، لكنه فشل في إقناعهم، فقد كان هناك شعور عام في البلاد أن الإخوان لا يسعون إلى الحوار بجدية، بل فقط لإحكام قبضتهم على السلطة.
وفي مايو 2013، قام مرسي بتشكيل مؤتمر الأمن القومي الذي جمع بين العديد من الشخصيات السياسية، بهدف إلى تخفيف التوترات بين مختلف القوى، لكنه لم يحقق أى نتائج بسبب استئثار جماعة الإخوان بالسلطة، واستمرار هيمنة مكتب الإرشاد – دون وجه حق - على شئون البلاد..
في يونيو 2013، كانت النهاية مع تصاعد الاحتجاجات ضد جماعة الإخوان وممثلها داخل قصر الاتحادية، وهي الاحتجاجات التى اكتسبت قوتها من تصريحات الفريق عبد الفتاح السيسي «وزير الدفاع آنذاك» والتى أكد فيها أن الجيش سيقف مع مطالب الشعب.
وفي 30 يونيو 2013، انطلقت أضخم مظاهرات عرفها التاريخ في شوارع مصر تطالب بإقالة مرسي وتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، كانت الجماهير قد فقدت الثقة في مرسي وجماعة الإخوان، ولم يعد أمامها إلا المطالبة بإسقاط النظام.
وأمام إصرار الشعب على مطالبة، وفي 3 يوليو 2013، تدخل الجيش المصري بقيادة الفريق عبد الفتاح السيسي، لحماية المتظاهرين وإعلان عزل مرسي، وحل البرلمان، وتعليق العمل بالدستور.