و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

الانتماء  ليس شعورًا عابرًا ولا مصطلحًا يُستدعى عند الحاجة؛ بل هو التزام غير معلن، يتجذر في أعماق العلاقة بين الإنسان وبيئته، بين القائد وفريقه، بين المؤسسة وأفرادها. هو شعور يُبنى بالعمل لا بالكلمات، ويترسخ بالثقة لا بالوعود، ويُصان بالدعم الحقيقي لا بالمجاملات الموسمية.

فمن طبيعة الإنسان أن يبحث عن مكان يشعر فيه بوجوده، بقيمته، وأن يكون جزءًا من منظومة تُقدّره وتمنحه مساحة للنمو والعطاء. وعندما يجد هذا التقدير، يزدهر عطاؤه، تتضاعف طاقته، ويتحول الانتماء إلى وقود مستمر للإنجاز. أما حين يغيب هذا التقدير، فإن الحماس يذبل، والولاء يتآكل، والانتماء يخبو… دون ضجيج المعضلة لا تكمن دومًا في ضعف انتماء الفرد، بل كثيرًا ما تكون في غياب الرؤية الحاضنة، وضعف التقدير، وافتقار البيئة إلى التحفيز والدعم. فالفرد بطبعه يُعطي حين يشعر أن ما يقدمه يُحتفى به، وأنه ليس مجرد رقم في منظومة بيروقراطية.

بقدرته على بناء جسور من الثقة والاحترام

وفي عالم المؤسسات، لا يُقاس نجاح القائد بصرامة قراراته أو صلابة مواقفه، بل بقدرته على بناء جسور من الثقة والاحترام بينه وبين فريقه. القائد الحقيقي لا يحيط نفسه بحواجز التراتب الإداري، بل ينزل إلى الميدان، يستمع، يتفاعل، يُلهم، ويمنح الثقة. فالفريق الذي لا يشعر أفراده بالانتماء مهدد دومًا بالتراجع والتفكك والانطفاء الانتماء لا يُفرض بسلطة المنصب، ولا يُشترى بالشعارات الرنانة، هو علاقة تُبنى بالثقة، وتُغذّى بالاحترام، وتُثبتها المواقف. فالقادة العظماء لا يصنعون المجد منفردين، بل يقودون فرقًا تؤمن بهم، وتفخر بالسير معهم.

وفي المحصلة، الانتماء ليس علاقة من طرف واحد، بل تفاعل مستمر يبدأ من القمة، ويمتد إلى كل فرد في الفريق. هو طاقة لا تنضب حين تجد البيئة الحاضنة والدعم الحقيقي. وعندما يشعر الإنسان بأنه مقدَّر ومحترم، يتحول انتماؤه إلى قوة دافعة لا تعرف التراجع.

تم نسخ الرابط