انتقادات لغياب البعد التاريخي
استبدال الليرة السورية وخبير يكشف مصير الديون والأسعار بعد حذف الصفرين
في خطوة أثارت الجدل، تم الإعلان عن ولادة الليرة السورية الجديدة بشكل مختلف ومغاير تماما، بعد أن حذف منها صفران، في خطوة نقدية وسياسية كبرى تأتي بعد عام كامل على سقوط نظام بشار الأسد، تحمل في طياتها ملامح قطيعة تامة مع الماضي.
يشكل استبدال الليرة السورية بالعملة الجديدة محطة فارقة في مسار التحولات النقدية والاقتصادية التي تمر بها سوريا بعد سنوات من الاضطراب المالي والتضخم المتسارع.
وحول أبعاد تلك الخطوة في استبدال الليرة السورية، يرى الباحث الاقتصادي السوري يحيى السيد عمر، أنها تحمل بعدين متلازمين، أحدهما رمزي يعيد صياغة الانطباع العام عن الدولة الجديدة وهويتها الاقتصادية، وآخر عملي يسعى إلى التخفيف من الأعباء المتراكمة على المواطنين والأسواق نتيجة تدهور القيمة الشرائية وتعقّد التعاملات النقدية.
أكد عمر في منشور له على “فيسبوك”، أن هذا الإجراء لا يقتصر على تغيير الشكل الخارجي للأوراق النقدية بقدر ما يعكس تحولا في الهوية الاقتصادية للبلاد بعد مرحلة سياسية ومالية مضطربة، مشيرًا إلى أن إزالة الرموز المرتبطة بالنظام السابق من عملة الليرة السورية يمنحها دلالة تتجاوز حدود الشكل، لتلامس الجانب النفسي لدى المواطن، بينما يهدف الجانب العملي إلى معالجة تراكمات التضخم الذي جعل المعاملات اليومية تتطلب كميات كبيرة من الأوراق النقدية.

ويرى أن التحول إلى فئات أقل رقما وأكثر قابلية للتداول يسهم في تخفيف الأعباء اللوجستية عن الأفراد والأسواق، ويجعل عمليات البيع والشراء أكثر سلاسة بعد سنوات من التعقيد النقدي.
وأوضح أن نجاح خطة الاستبدال لا يتوقف على الإعلان الرسمي فحسب، بل يرتبط بقدرة الدولة على إدارة هذه المرحلة بمرونة مدروسة لا تضيف أعباء جديدة على المواطنين.
الفترة الانتقالية
وخلال فترة التداول المتزامن للعملتين القديمة والجديدة لـ الليرة السورية، والتي قد تمتد لثلاثة أشهر، توقع عمر أن تشهد الأسواق اضطرابات سعرية متعددة الأسباب، منها سوء فهم القيم الجديدة، أو استغلال بعض التجار للفجوة المعرفية لدى المواطنين، أو محاولة خلق مساحات للربح غير المشروع.
وفي هذا السياق، يرى أن إصدار نشرات تسعير مزدوجة للسلع الأساسية بالعملتين، وربطها برقابة فعالة على الأسواق، سيكون خطوة مهمة لضبط الأسعار ومنع الانفلات، بما يحافظ على الحد الأدنى من الاستقرار الاستهلاكي في مرحلة حساسة.
أضاف عمر أن هناك تحديات قانونية مرتبطة بالعقود والديون والالتزامات المالية المحررة بالعملة القديمة، الأمر الذي يتطلب توضيحات رسمية تضمن عدم المساس بالقيمة الحقيقية للعقود.
أكد أن التغيير يجب أن يبقى شكليا في الأداة النقدية لا في الحقوق والالتزامات، حتى لا تتحول المرحلة الانتقالية إلى مصدر نزاعات مالية أو ثغرات قانونية قد تستغل ضد المواطنين أو المؤسسات.
ولفت إلى احتمال ظهور أسعار صرف متعددة خلال المرحلة الأولى، حيث قد يتواجد سعران رسميان وسعران في السوق الموازية للعملتين القديمة والجديدة، مما يخلق حالة رباعية في التداول النقدي من شأنها إرباك المشهد وزيادة فرص المضاربة وتراجع الثقة.

ويرى عمر أن توحيد سعر الصرف وضبط السوق عبر قنوات مرخصة خطوة مركزية تستهدف الحد من الفجوات السعرية، والسيطرة على حركة الصرافة غير النظامية، وبناء بيئة نقدية أكثر استقرارًا تساعد الدولة لاحقًا في الانتقال نحو إصلاحات أعمق.
وختم عمر بالقول إن تغيير العملة ليس نهاية الطريق بل بدايته، وإن نجاح هذه العملية يعتمد على قدرة الدولة على تأمين بيئة نقدية منضبطة، وأسواق مراقبة بمهنية، ورسائل واضحة تطمئن المواطن بأن التغيير ليس غطاء شكليا بل خطوة ضمن مسار إصلاحي حقيقي.
انتقاد شكل العملة
على صعيد اخر، انتقد عدد من المغردون السورين عبر السوشيال ميديا، اختيار المصممون رموزًا من الطبيعة السورية الوردة الشامية، التوت، البرتقال، القمح، القطن، الزيتون، إلى جانب الفراشة والعصفور والحصان، وعناصر من الحياة البرية، مع تجنب صور الأشخاص والمعالم والآثار التاريخية التي تتميز بها سوريا العتيقة.

وقال أحد المغردين السوريين: التصاميم كما تظهر في الفئات المختلفة في الليرة السورية ركزت حصريا على عناصر الطبيعة والبيئة الزراعية، بما تحمله من معاني الخصوبة والاستمرارية والهدوء، لكنها أغفلت الإحالة إلى التاريخ، والمدن، والمعالم، والذاكرة الجمعية التي شكلت وجدان السوريين عبر قرون.
وأضاف أن الاكتفاء بالرمز الطبيعي، دون حضور للأثر أو العمران أو الشاهد الحضاري، يقدم صورة جزئية عن البلاد، تختزلها في مواردها لا في تاريخها وتراكمها الثقافي.








