و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

أثار شيوع مصطلح "هندسة الانتخابات" على الساحة السياسية مؤخرا، وانتشاره في أوساط عامة الشعب، عن تفسيرات مختلفة ارتبطت في ذهن الناخب بسوءات عديدة. وقد كانت بعض هذه السوءات فيما مضى مما يخفيه أو يخجل منه أطراف المربع الذهبي الحقيقي للعملية الانتخابية. وهم "المرشح والناخب والمنظم والمراقب". 
ولعل واحدة من أخطر هذه التفسيرات في ذهن العامة، هو جنوحهم لاعتبار "هندسة الانتخابات" هي الشكل الجديد والمتطور لمصطلحات مثل "تسويد" "وتزوير" و"تدوير"، والتي ارتبطت جميعها صراحة بالتلاعب في نتائج الانتخابات أو صحتها وسلامتها، أو حتى وصفها باسم "نزيهة" التي طالما اعتادت حكومات ما قبل الثورة إطلاقه على العملية الانتخابية فيما قبل عصر الاشراف القضائي الكامل. والذي لم يستمر طويلا. بعدما تلاعبت به أحلام "مهندس" أخر انتخابات قبل الثورة.
وفيما ظهر مصطلح "هندسة الانتخابات" بوضوح وكثافة في انتخابات مجلس الشيوخ الماضية، تداولا واستخداما، إلا أنه كشف في إصداره الأول آنذاك، عن سيطرة كاملة للعقول التي خططت، والأيادي التي نفذت، وقدراتها في تطبيق الخطة التي وضعتها وفق كافة السيناريوهات المحتملة، بطريقة تشبه صناعة العنكبوت للشبكة التي سيأوى إليها باعتبارها حاضنته. 

المرحلة الأولى

لكن فيما بعد ووفق مجريات ونتائج المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب 2025، فقد تبين أن من نسج الخطط ربما اطمأن للناتج قبل أن يهتم بالتنفيذ. فصار المنتج يعكس فشلا في التنفيذ يشير بوضوح إلى مشاكل في الاختيار والتوزيع وسوء استخدام لهندسة الانتخابات في مراحلها الأولى. حتى أنه ومن سخرية القدر، طالعنا من يتقدم ببلاغات قانونية ضد انتحال عدد كبير من المرشحين لصفة "مهندس".

والواقع أن انتخابات مجلس النواب2025، خصوصا في مرحلتها الأولى، تشير مجرياتها إلى كثير من المفارقات المهمة والمثيرة التي ستحتفظ بها ذاكرة الملايين من الناخبين، ليس فقط بسبب إلغاءها كليا وإعادتها في 19 دائرة، في 7 محافظات. كان نصيب محافظتين فقط منها هما سوهاج وقنا 11 دائرة إلغيت فيها الانتخابات من أصل12 دائرة بالمحاظتين، أي ما يكشف عن سوء استخدام للهندسة الانتخابية، تزيد نسبته عن النسبة المطلوبة للالتحاق بكليات ومعاهد الهندسة الأكاديمية في الجامعات المصرية، حتى الخاص منها والذي يتطلب مالا وفيرا يصعب تشبيهه بوفرة المال السياسي المستخدم في هذه الانتخابات.
فهل سيتستمر استخدام "الهندسة"  كمصطلح جديد، ليمتد ويشمل مساحات أوسع في الحياة السياسية في مصر مع وجود الذهنيات ذاتها، أم يمكن أن نشهد تغييرا في مستخدميه بحيث لا تفسد محاولات إحياء الحياة السياسية على أسس وقواعد وبمعايير وعقول واعية في المستقبل القريب، أو سيصعب إيجاد علاج للمصطلح الجديد من فرط سوء الاستخدام؟.. سنرى.

تم نسخ الرابط