دعا السعودية لاحتواء السنة
حزب الله يدعو لإنشاء جبهة موحدة بين الأنظمة والمقاومة لمواجهة إسرائيل

فاجئ الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الأوساط السياسية العربية، بدعوته السعودية لفتح صفحة جديدة ليس مع الحزب فقط، وإنما مع المقاومة العربية، مؤكداً أن الخطر الإسرائيلي بعد قطر، لم يعد يستهدف المقاومة، بل والأنظمة العربية لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى، والذي يشمل فلسطين ولبنان ومصر والأردن والعراق وسوريا والسعودية واليمن و إيران، ثم تركيا وبقية المنطقة حتى تصبح إسرائيل العظمى، وبالتالي بات الجميع في مواجهة الخطر الإسرائيلي دول وأنظمة وشعوب ومقاومة، والطريق الوحيد هو التوحد لمواجهة العدو المشترك.
الشيخ نعيم وضع 6 أسس لفتح صفحة جديدة مع السعودية وهي حوار يعالج الإشكالات ويجيب على المخاوف ويؤمن المصالح.. الحوار مع السعودية يبنى على أن إسرائيل هي العدو وليست المقاومة.. وتجميد الخلافات الماضية على الأقل في هذه المرحلة الاستثنائية من أجل مواجهة ولجم إسرائيل. التأكيد أن سلاح المقاومة موجه ضد العدو الإسرائيلي وليس لبنان ولا السعودية ولا أي جهة في العالم.. وأن الضغط على المقاومة يعني ربحاً صافياً لإسرائيل، وغياب المقاومة يعني أن الدور سيأتي على الدول.. والمقاومة الفلسطينية جزء من المقاومة وتعتبر سداً منيعاً أمام التوسع الإسرائيلي.. داعيا القوى الإقليمية إلى النظر لإسرائيل، لا حزب الله، على أنها التهديد الرئيسي للشرق الأوسط.

تهديدات يمنية ومخاوف من إسرائيل
أثارت الدعوة الكثير من التفسيرات والتساؤلات.. المقربون من الحزب قالوا لـ "الصفحة الأولى" إن الشيخ نعيم وإن كان لا يمتلك الكاريزما مثل السيد حسن نصر الله، لكنه يمتلك عقلية سياسية يمكن وصفها بالدهاء السياسي، لذلك فإن الشيخ لم يطلق الدعوة إلا بعد أن وصلته رسائل إيجابية من السعودية، قبل ضربة قطر، إثر وصول الرياض، رسالة تهديد يمنية بفتح الجبهة مع السعودي بحال تمادى في الضغط على تنفيذ قرار سحب السلاح، فضلا عن التهديد باستهداف المنشآت النفطية والاقتصادية بسبب سعي السعودية وبريطانيا لعسكرة البحر الأحمر، لمواجهة العمليات العسكرية التي تنفذها اليمن دعماً للمقاومة في قطاع غزة، باستهداف السفن الإسرائيلية أو المتوجهة لإسرائيل، علماً بأن اليمن كانت قد ضربت سفينة محملة ببضائع لإسرائيل أمام ميناء ينبع السعودي، على كلٍ ـ والحديث لازال للمصادر التي رفضت الكشف عن هويتها لأسباب سياسية وأمنيةـ السعودية تريد تهدئة الجبهة اليمنية ضدها، خاصة في ظل الوضع الراهن، واستخدام المقاومة ضمن أوراق ضغط لمواجهة الأطماع التوسعية الإسرائيلية، والتي أعلنها نتنياهو بكل وضوح إنشاء إسرائيل الكبرى والسعودية جزء منها، لذلك وقعت اتفاقية دفاع مشترك مع باكستان، وتسعى لتصفية الأجواء مع إيران، التي تريد تخفيف الضغط الداخلي والدولي ضد حزب الله والمقاومة اللبنانية والفلسطينية في لبنان.

في المقابل يؤكد المعارضون للحزب أن السعودية لا تتعامل إلا مع دول، وهي متمسكة بدعم الرئيس اللبناني جوزاف عون، ورئيس الوزراء نواف سلام، والتأكيد أن السلاح يجب أن يكون حصريًا بيد الدولة، وقد أبلغت المملكة بيروت بأن حصرية السلاح أولاً ثم عودة المستثمرين وإعادة الإعمار، وترى المصادر أن نعيم قاسم قد أخفق في طرحه لأن السعودية، الدولة الخامسة عشر اقتصادياً على مستوى العالم، وهي دولة استراتيجية، ستتعامل مع حزب صنفته منظمة إرهابية(؟!)

وفي ذلك السياق يذكر أن مجلس الوزراء السعودي، ومن خلال بيان له في مارس 2016، أكد دعمه لقرار دول مجلس التعاون الخليجي (الأربعاء 2 مارس 2026) باعتبار حزب الله بقياداته وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه منظمة إرهابية، رداً على ما يقوم به في كل من سوريا واليمن والعراق.. وفسر ذلك القرار بأن جاء ردا على كلمة للسيد حسن نصر الله أتهم فيها السعودية بسعيها إلى "إثارة الفتنة" بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط. ووجه لها اتهامات بإدارة هجمات بسيارات مفخخة في لبنان، وأنها تدفع لبنان إلى مرحلة جديدة من الصراع السياسي والإعلامي.. وكانت السعودية قد أوقفت مساعدات قيمتها 3 مليارات دولار للجيش اللبناني، لعدم إصدار حكومة لبنان بيانات إدانة للهجوم على بعثتين دبلوماسيتين سعوديتين في إيران.. ومنذ ذلك الحين نشأ الصراع، وحاولت السعودية من خلال حلفائها في لبنان لمواجهة نفوذ حزب الله.
الهدف الطائفة السنية
ترجع المصادر المعارضة لحزب الله، دعوة الشيخ نعيم قاسم للسعودية على أنها محاولة لاستقطاب المسلمين السنة، خاصة الذين تحالفوا معه، ثم تخلوا عنه مؤخراً، بعد توقفه عن تمويلهم، فاتجهوا لطرف أخر بسعر أغلى، وهؤلاء ليسوا حلفاء.. وهو مالم تنفيه المصادر المقربة من الحزب، وقالت "بحال حصل تفاهم سعودي مع الحزب فإن ذلك سيخفف من أعباء الضغط الداخلي كثيراً، وخصوصا أن الشارع السني اللبناني الذي ليس مع سلاح المقاومة سيتغير وهو الشارع الأخطر، مما يحدث تحولاً في الأزمة فتصبح إسلامية، وكل الزخم لباقي الأحزاب يصبح بلا قيمة، لأن المسلمين يمثلون ثلثي لبنان.. كما أن السعودي له تأثير قوي ويملك الشارع السني بأمواله، وبالتالي يخفف التوافق الضغط السعودي على الحكومة بضرورة الإسراع في سحب السلاح"..

ومن جانب أخر، كشفت مصادر قريبة لحزب الله وحركة أمل (أي الثنائي الشيعي) أن رئيس مجلس النواب نبيه بري، طلب من رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني عندما زار لبنان (يوم الأربعاء 13 أغسطس 2025) البحث مع السعوديين إمكانية فتح حوار بين الرياض وحزب الله، وهو ما حدث خلال زيارته للرياض (يوم الثلاثاء 16 سبتمبر 2025) ولقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وكانت الأجواء إيجابية، لذلك أطلق الشيخ نعيم دعوته.. وكان لاريجاني قد تحدث خلال زيارته للرياض عن إجراء مشاورات بشأن التعاون الإقليمي، ومناقشة التدابير التي يمكن اتخاذها لتحقيق الاستقرار في المنطقة، ولفت إلى وجود تغيير في المنظور والاستراتيجية لدى الدول العربية بعد الهجوم على قطر، وأن مختلف دول المنطقة التي اعتقدت أن إيران هي من يمنع الاستقرار في المنطقة، باتت تدرك من يمنع استقرار المنطقة، مؤكداً أن السعودية أصبح لديها رؤية أكثر وضوحاً، وهو ما يعزز نجاح لاريجاني في مهمته.

الرسالة الإيجابية التي تلقاها الحزب من لاريجاني عن طريق نبيه بري، تزامنت مع تأكيد مستشار وزير الخارجية السعودية للشأن اللبناني الأمير يزيد بن فرحان، لنبيه بري بأن السعودية لا تسعى لإقصاء الشيعة، وهي تريد حضورهم ضمن الدولة.. وتأكيده لزواره خلال زيارته الحالية لبيروت، أن الدم الشيعي كالدم السعودي، والسعودية لا يمكن أن تدفع باتجاه تصادم لبناني، وأن كلام الشيخ قاسم يستوجب مزيداً من التشاور والتقييم قبل الخوض فيه، مؤكداً أهمية العلاقة مع رئيس مجلس النواب (وزعيم حركة أمل الشيعية) والتي وصفها بالممتازة، مشيداً بمواقفه التي وصفها بالبناءة وتحمل رؤية وطنية تصب في خدمة لبنان واستقراره، وأشارت المصادر إلى وجود توجه سعودي بدعوة بري لزيارة المملكة.. ووفقاً للمصادر فإنها تتوقع فتح حوار مع الرياض يفضي لوحد الأنظمة والمقاومة لمواجهة إسرائيل وأطماعها التوسعية.


