خطأ تحول إلى فاجعة
بالمستندات.. ننشر حيثيات الحكم بالسجن 10 سنوات على المتهمين بانفجار خط الغاز

أيدت محكمة جنح مستأنف 6 أكتوبر بسجن 6 متهمين في قضية انفجار خط الغاز على طريق الواحات، والذي تسبب في مصرع 8 أشخاص وإصابة 17 آخرين، وذلك بعد حكم أول درجة بالسجن 10 سنوات لكل منهم، وذلك في القضية رقم 8535 لسنة 2025 جنح مستأنف أكتوبر، المقيدة برقم 4648 لسنة 2025 جنح أول أكتوبر.
وصدر حكم محكمة جنح مستأنف 6 أكتوبر، الدائرة الثانية، برئاسة المستشار أحمد هشام محمد، وعضوية المستشار مصطفى منصور غيضان، والمستشار كريم الجندي، وأمانة سر محمود عبد الرحيم.
وكانت محكمة جنح أكتوبر، قضت بحبس المتهمين 10 سنوات لكل منهم، بعد إدانتهم بارتكاب عدة مخالفات جسيمة، منها القتل الخطأ، والإصابة الخطأ، والإهمال الفني، ومخالفة الضوابط المنظمة لأعمال الحفر قرب شبكات الغاز الطبيعي.
وقالت محكمة جنح مستأنف 6 أكتوبر، في حكمها: ما أثقل الخطأ حين يتحول إلى فاجعة، وما أفظع التقصير حين تكون كلفته أرواحا بريئة، قضت دون ذنب، ودفعت ثمنا باهظا لإهمال قاتل من مهندس كان يفترض أن يكون عين الأمان، لا يد الخراب.
وأضافت: اقترف المتهمين خطأ لا يغتفر لا عن جهل تام، بل عن تخاذل مهني وتفريط مشين في أقدس واجبات مهنتهم فخانوا الأمانة التي أقسموا عليها، وتجاهلوا أبسط قواعد الأصول الفنية التي تعلموها، أو كان يجب أن يعلموها، واختاروا أن يغضوا الطرف عن مواضع الخطر، فتركوها تنمو في صمت حتى انفجرت في وجوه الأبرياء.
وأكدت المحكمة أن المهندس الفني ليس موظفا عابرا، بل هو الحارس على سلامة الأرواح والمنشآت، فإذا غابت عنه الدقة، وحكمه الاستهتار، وارتضى أن يجري عمله كيفما اتفق صار وجوده خطرا على المجتمع، لا عونا له.
والمأساة هنا ليست مجرد حادث أو واقعة مؤسفة، بل جرمة مكتملة الأركان ضحاياها بشر لهم أسماء ووجوه وأحلام، قطعت حياتهم فجأة بلا إنذار، بسبب لحظة إعمال لم يكن لها أن تمر لولا استخفاف هؤلاء المتهمين بمسؤوليتهم.
ومن ماتوا لم يكونوا أطرافا في تنفيذ أو تخطيط ولا كانوا على دراية بما يدور من عبث خلف الجدران، بل كانوا ضحايا للثقة الزائفة فيمن ارتدى عباءة الخبرة، وهو لا يستحقها.
ولفتت محكمة جنح مستأنف 6 أكتوبر، إلى أنها وهي تزن هذا الملف بميزان العدل لا تنظر إلى أرقام أو تقارير فنية فحسب، بل ترى نعوشا تحركت في صمت، وترى أمهات فقدن أبناءهن، وأطفالا باتوا بلا آباء، وكل ذلك لأن المهندس أخطأ، ولم يكن يحق له أن يخطئ
إن هذه الواقعة، بما تحمله من مرارة يجب أن تكون علامة فاصلة ورسالة صارمة لكل من يتعامل مع مهنته بخفة أو استخفاف، لأن الخطأ المهني في موضع المسؤولية قد يكون حكما بالإعدام على الأبرياء.
حكم المحكمة
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة حضوريا لجميع المتهمين: بقبول الإستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين مصروفات الدعويين الجنائية والمدنية.
وكانت النيابة العامة، أحالت المتهمين في قضية انفجار خط الغاز على طريق الواحات إلى محكمة جنح أكتوبر، بعد اتهامهم بالتسبب، بالإهمال، في وفاة 8 مواطنين، وإصابة 16 آخرين، واحتراق 11 مركبة، ومخالفة أحكام قانون الغاز الطبيعي، خلال تنفيذهم أعمال تطوير بطريق الواحات.
وباشرت النيابة العامة تحقيقاتها بعد تلقيها بلاغا بانفجار خط الغاز في الطريق، وشكلت فريقا انتقل لمعاينة موقع الحادث وحصر التلفيات، إضافة إلى زيارة 8 مستشفيات لسماع أقوال المصابين، مع تكليف لجانا فنية من الجهات المختصة، شملت هيئة الطرق والكباري، والشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي، ومصلحة الأدلة الجنائية، لمراجعة الإجراءات الفنية المتبعة في المشروع.
واتهمت النيابة العامة المتهمين في قضية انفجار خط الغاز على طريق الواحات بالإهمال الجسيم، بعد تنفيذ أعمال الحفر دون الحصول على التصاريح اللازمة أو اتخاذ تدابير السلامة، إضافة إلى غياب الإشراف الفني من مكتب الاستشارات، واستخدام معدات ثقيلة دون إجراء الجسات اليدوية اللازمة، وعدم إخطار شركة الغاز قبل مباشرة الأعمال.
وقالت النيابة إن حادث انفجار خط الغاز على طريق الواحات كان نتيجة مباشرة للإهمال الجسيم، كما نفت وجود أي تسرب سابق على يوم الواقعة، وفق ما أثبتته التقارير الفنية وسجلات الضخ.
وشددت النيابة العامة على التزامها بمحاسبة كل من يثبت تورطه في الإهمال الذي يهدد أرواح المواطنين، وحرصها الدائم على تحقيق العدالة وإنزال العقوبات الرادعة بحق المتسببين في مثل تلك الحوادث.