بنية تحتية متدهورة ومناهج عقيمة
نائبة برلمانية تطالب بالتحقيق في تراجع مصر للمركز102 على مؤشر جاهزية التعليم

طالبت النائبة الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب، بالتحقيق في تراجع مصر مؤشر جاهزية التعليم للمستقبل لعام 2025، وبتوضيح عاجل من رئاسة مجلس الوزراء حول ذلك التراجع الخطير والمخزي، لافتة إلى تدهور البنية التحتية في المدارس، والنقص الكبير في تأهيل المعلمين، والمناهج العقيمة التي لا تواكب متطلبات العصر.
وقالت عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، لـ الصفحة الأولى، إن صدور نتائج مؤشر جاهزية التعليم للمستقبل لعام 2025، والذي جاءت فيه مصر في المرتبة 102 من بين 177 دولة، كشف عن تراجع مخيب للأمال، لا يمكن اختزاله في أنه مجرد ترتيب ضمن قائمة دولية، بل يمثل انعكاس مباشر لحال منظومة التعليم في مصر، وتأكيد على غياب رؤية شاملة حقيقية تتعامل مع هذا الملف باعتباره أولوية وطنية قصوى.
وتساءلت "عبد الناصر": كيف يمكن لدولة بحجم وتاريخ وتأثير مصر، أن تتأخر بهذا الشكل في مؤشر يقيس مدى استعداد الدول لمستقبل التعليم، بينما تتفوق علينا دول مثل الهند في المركز 59 وأندونيسيا في المركز 68 وغينيا في المركز 96، وكينيا في المركز 74؟ وكيف نتحدث عن بناء الجمهورية الجديدة، ونحن لا نملك حتى الآن منظومة تعليم تليق بمستقبل هذا الوطن؟
وواصلت عضو مجلس النواب: لا يوجد مبرر واحد مقنع لهذا التراجع، فهناك دول تعاني من أزمات سياسية واقتصادية وأمنية استطاعت أن تتقدم علينا لأن لديها رؤية واضحة، وخططًا قابلة للتنفيذ، وإرادة سياسية حقيقية تضع التعليم في قلب معادلة التنمية، ونحن للأسف، لا زلنا نراوح مكاننا، نُطلق شعارات دون مضمون، ونُعلن نوايا دون خطط واضحة، ولا نمتلك الحد الأدنى من أدوات التنفيذ الجاد.
مشاكل التعليم
وحذرت مها عبد الناصر من أن مصر مازالت تعاني من تدهور البنية التحتية في المدارس، ومن نقص كبير في تأهيل المعلمين، ومن مناهج عقيمة لا تواكب متطلبات العصر، ولا تصنع طالبًا قادرًا على التفكير النقدي أو الإبداع أو التفاعل مع أدوات العالم الرقمي، ولذلك فإن الفجوة الرقمية بيننا وبين غيرنا أصبحت صادمة، والانفصال الكامل بين التعليم وسوق العمل لا زال قائمًا، في ظل غياب أي إصلاح هيكلي حقيقي للمنظومة.
وطالبت عضو مجلس النواب، باعتبار التعليم المشروع القومي الأول لمصر، ووضع خطة وطنية شاملة ومعلنة بجدول زمني واضح، لتطوير التعليم على أسس علمية حديثة، مع ضرورة تطبيق الدستور فيما يتعلق بالنسبة المُخصصة من الموازنة العامة للتعليم، والتحقيق بجدية وشفافية في أسباب ذلك التراجع المخزي.
كما تساءلت "عبد الناصر" عن دور المجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار، الذي تم إنشاؤه بموجب القانون رقم 163 لسنة 2024، والذي نصّ صراحة على أن ذلك المجلس هو الكيان المنوط به وضع رؤية شاملة ومنسقة لتطوير التعليم والبحث العلمي والابتكار في مصر، بما يتوافق مع الأهداف العليا للدولة؟ حيث جاء في نصوص مواد القانون أن المجلس هو المسؤول عن صياغة السياسات العامة للتعليم بكافة مراحله، وربطها بالبحث العلمي والاقتصاد الوطني، وضمان تكاملها لتحقيق التنمية الشاملة.
ولفتت إلى أنه حتى هذه اللحظة، لم تُعلن أي خطة واضحة من قِبل هذا المجلس، ولم تظهر خارطة طريق معلنة أو مؤشرات أداء تُحاسب الدولة على أساسها، فمتى تُعلن هذه الخطة؟ ومتى نرى أثرًا ملموسًا لهذا الكيان الجديد على أرض الواقع؟ وهل هناك التزام زمني لتقديم استراتيجية وطنية تُخرج التعليم من أزمته البنيوية إلى مسار إصلاحي حقيقي؟!
وأكدت النائبة أنه إذا كنا نريد مستقبلًا حقيقيًا لهذا البلد، فلا طريق لذلك سوى التعليم، وإذا كنا نطمح إلى دولة متقدمة قادرة على المنافسة، فلا بد أن نبدأ من بناء عقل الإنسان المصري، فلا يمكن الحديث عن أي إصلاح في الدولة دون إصلاح جذري في التعليم، ولا يمكن لأمة أن تنهض إن لم تجعل من التعليم قضية أمن قومي، واستثمارًا طويل الأجل، لا بندًا ثانويًا على هامش الخطط والموازنات.
وطالبت أيضا بتوضيح عاجل من جانب رئاسة مجلس الوزراء حول ذلك التراجع الخطير، وبيان ما إذا كانت هناك خطة إصلاح حقيقية على الأرض، أم الاكتفاء فقط بالتصريحات الإعلامية، مع وضع التعليم في صدارة أجندة الدولة، ليس فقط بالكلام، بل بالفعل، والتمويل، والمساءلة، والتنفيذ، فلا نهضة بدون تعليم، ولا تعليم بدون إرادة، ولا إرادة حقيقية إلا حين يصبح التعليم هو المشروع القومي الأول لمصر، كما يليق بها وكما ينتظر المواطن المصري.