
يوم الاربعاء الرابع من شهر يونيو ٢٠٢٥ وهو يوم التروية عند العرب والمسلمين، وأثناء ايام مقدسةً ، تقدمت الدول العشرة غير دائمة العضوية في مجلس الامن (الجزائر، الدنمارك، اليونان، غيانا، باكستان، بنما، جمهورية كوريا، سيراليون، سلوفينيا، الصومال) بمشروع قانون لوقف الحرب في غزة وصوتت لصالح مشروع القرار 14 دولة، وأسقطته الولايات المتحدة باستخدامها حق النقض "فيتو".
ان أمريكا لم تتمكن بعد من صرف الاموال التي انتزعتها من العرب ولكن هذا لم يشفع عندها لحفظ دماء المسلمين والعرب في غزة بطلب وقف الحرب الذي أيدته كل الدول الاعضاء في مجلس الأمن بما فيهم الدول اصحاب حق الفيتو ، إلا ان امريكا رفضت القرار واستخدمت حق الفيتو بل وابلغت إسرائيل لكي تترك لها حرية التطهير العرقي في فلسطين ، ولكن لو أعطينا أمريكا كل ما نملك من اموال فان ذلك لن يجعلها تشبع ولن يجعلها صديقة للعرب او تدافع عنهم او عن قضيتهم ، فهذه الدولة لا تعرف إلا القوة ، والقوة فقط التي تجعلها تحترم القضية العربية او ان نتنازل عن تاريخنا ومستقبلنا وثقافتنا واخيراً ديننا ، فان فعلنا ذلك فإنهم هنا فقط سيرضون لقوله سبحانه وتعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ، قل ان هدى الله هو الهدى ، ولئن اتّبعت اهوائهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من وليّ ولا نصير)
ثم جاء يوم الجمعة الثالث عشر من نفس الشهر ، وفاجأ الكيان العالم بتوجيه ضربة قوية وقاسمة لدولة ايران واغتال قادتها العسكريين وعلماءها النوويين ، ولم تمضي الا ساعات وخرج السياسيون الغربيون لاسيما رئيس الولايات المتحدة الاميركية ليعلنوا تفهمهم لاسباب التي دفعت الكيان لهذا العمل حفاظاً على امن الكيان واستقرار المنطقة ، وخرج علينا رئيس الولايات الأمريكية المتحدة الامريكية يطالب ايران بالتسليم دون قيد أو شرط والا التهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور ، وهذا الفعل قد يجر المنطقة كلها لحرب مدمرة لا تبقي ولا تذر بما يتبع ذلك من وقف الملاحة في خليج هرمز وخسائر لا حصر لها للدول التي دفعت الجزية
لا يمكن ان نفهم كل ما يحدث في هذه المنطقة بمعزل عن الاسباب التاريخيّة والجيوسياسية، بل والأسباب الدينية ، فمثلا صمويل هنتنجتون عالم السياسة الأمريكي صاحب صراع الحضارات والذي يؤكد ان الصراعات فيما بعد الحرب الباردة هي صراعات ثقافية وستكون الخلافات الدينية وليست الاقتصادية هي المحرك الرئيسي لهذه الحروب ، وان العرب والمسلمين لديهم بديل حضاري وثقافي جاهز ليقود العالم بدلاً من البديل الرأسمالي في رداء مسيحي ، وكان ذلك رداً على فرنسيس فوكوياما والذي تصور سيادة الديمقراطية الغربية فيما بعد الحرب الباردة ، واكد على ان المرء قد يحمل جنسيتين ولكن من المستحيل ان يحمل دينين، وقال الآيديولوجيا قابلة للتغير ولكن العرق غير قابل للتغير .
اصحاب الصوت العالي
ويجب ان نعترف ان المتعصبين الدينيين من الأديان السماوية الثلاث هم اصحاب الصوت العالي والذين يملكون القوة الكافية لاتخاذ قرار الحرب ، ويرغبون في إشعال الحرب ، فالصهاينة اليهود يرون ان زمان النبوءات قد حان وان ظهور الميسا المخلص جاء وقته ولن يظهر إلا ان تكون حرب يقتل فيها السامريّون غير اليهود وعندها يظهر المخلص الذي سيحاربون تحت رايته ويملكون العالم ، وكذلك يفكر صهاينة البروتستانت ويقولون لن يظهر إلا عند قيام حرب هيرمجدون والتي يسعون اليها ، والشيعة ينتظرون زمان الفرج وعودة المهدي محمد العسكري من الغيبة ، والوهابيين يقولون ان المهدي حقيقة لا خرافة ، واجتمع الفريقان على ان ظهوره في زمن الفتن والحرب الضروس حتى ان الدم يسيّل أنهارا من فوق جبل منى ، إذا اتفق المتعصبون من الأديان الثلاثة ويحاولون جر العالم الي هذه المواجهة ، وقد وافق ذلك هوا السياسيون لاسيما الغربيين منهم حتى يقضوا على اي مشروع فكري يصلح ان يحل محل المشروع الرأسمالي الغربي والذي ثبت فشله التام ، والذي ادى الي وجود هوة سحيقة بين قلة تمتلك موارد العالم وكثرة جائعة ومسخرة ، والذي اثبت فشله ايضاً بارتفاع حجم الدين العالمي والذي بلغ ثلاثمائة وثمانية عشر ترليون دولار في العام 2024 ، ولما كان هذا المشروع الرأسمالي برداء مسيحي غربي فان المشروع المقابل هو المشروع الإسلامي والذي يقدم حلول اقتصادية واجتماعية وسياسية متكاملة تختلف في جوهرها عن الحل الرأسمالي
والان والعالم على حافة الحرب العالمية يمتلك الغرب القوة والسلاح والرغبة في الدفاع عن معتقداته السياسية والاجتماعية ومن قبل ذلك الدينية ، وفي المقابل تمتلك ايران الرغبة وبعض القوة وباكستان لديها قوة نووية، فماذا نمتلك نحن العرب؟ لاشيء في انتظار المفرمة مهمشين ضعفانات قوة لدينا ولا رغبة ، فهل سيتخطانا التاريخ؟ الايام القادمة ستجيب عن هذا السؤال.