و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

المحمية تحولت لما يشبه «ميدان التحرير»

جريمة في «بيت الدلافين».. فوضى القوارب تهدد مرسى علم بكارثة بيئية واقتصادية

موقع الصفحة الأولى

تشهد منطقة «صمداي» فى مرسى علم، المعروفة على الخريطة العالمية باسم «بيت الدلافين»، كارثة بيئية متصاعدة تهدد أحد أغنى تجمعات الدلافين الدوارة حول العالم، وهو  ما حذر من تداعياته تقرير لمؤسسة ماريفيفو الإيطالية لحماية البحر والبيئة ومكافحة التلوث والصيد غير المشروع.
وبينما تجذب هذه الدلافين البحرية آلاف السياح، تحولت فوضى القوارب السياحية والمطاردات المتهورة إلى كابوس بيئي يهدد بقاءها.
وتتزايد التحذيرات من تحول مرسى علم إلى مسرح لـ «مجزرة بيئية» بسبب القوارب السريعة، حيث رصد نشطاء بيئيون حالات نفوق متكررة لدلافين صغيرة وكبيرة تحمل آثار جروح عميقة ناتجة عن الاصطدام بمراوح المراكب. 
وتكمن المشكلة الأكبر في مطاردة بعض سائقي القوارب للدلافين بشكل مباشر لإجبارها على التفاعل مع السياح، مما يسبب لها إجهاداً قاتلاً ويدمر سلوكياتها الطبيعية في الراحة والتكاثر.
وبحسب تقارير بيئية، لا يقتصر الخطر على الإصابات الجسدية للدلافين فى مرسى علم فحسب، بل يمتد إلى التلوث السمعي، حيث تعتمد الدلافين على نظام «السونار» أو تحديد الموقع بالصدى للتواصل والصيد، وبالتالي فإن الضوضاء المستمرة والعالية الصادرة عن عشرات المحركات في وقت واحد داخل محمية صمداي تعطل هذا النظام الحيوي، مما يدفع الدلافين للهروب من مناطق الراحة والتغذية الآمنة بحثاً عن الهدوء، الأمر الذي يهدد استقرار مجتمع الدلافين بأكمله في المنطقة.
وبعد ضغوط بيئية وشكاوى متكررة من منظمات المجتمع المدني، بدأت وزارة البيئة في اتخاذ خطوات، لكنها توصف بـ «غير الكافية» حتى الآن، حيث أكدت وزارة البيئة عبر قطاع المحميات الطبيعية تشديد الرقابة وتطبيق بروتوكول لتنظيم الأنشطة البحرية داخل محمية صمداي وشعاب ساتايا، يعتمد على تحديد سرعات معينة للقوارب، ومنع المطاردة، والحفاظ على مسافات آمنة عند رصد الدلافين.

القانون البيئي

وتؤكد الأجهزة المعنية في البحر الأحمر على وجود تعليمات صارمة بتطبيق القانون البيئي على المخالفين، من خلال زيادة عدد المفتشين البيئيين والمراقبين في مناطق تجمعات الدلافين، وفرض غرامات مالية كبيرة تصل إلى آلاف الجنيهات، وفي بعض الحالات، سحب تراخيص مزاولة النشاط السياحي البحري ممن يثبت تورطهم في ممارسات تنتهك حرمة المحمية البيئية وتضر بالدلافين.
ورغم هذه الإجراءات، طالب خبراء البيئة والمختصون في الحياة البحرية بمزيد من الحزم، واقترح البعض ضرورة إنشاء مناطق عازلة محددة يُمنع دخول القوارب إليها منعاً باتاً لضمان راحة الدلافين، خاصة في أوقات التكاثر والراحة النهارية.
كما دعا خبراء البيئة إلى رفع الوعي لدى شركات السياحة فى مرسى علم بضرورة التحول من نهج مطاردة الدلافين إلى نهج «المشاهدة المسؤولة» للحفاظ على هذه الثروة الطبيعية الفريدة.
على جانب آخر، حذر منسق العلاقات الدولية في مؤسسة ماريفيفو الإيطالية لحماية البحر والبيئة ومكافحة التلوث والصيد غير المشروع، بيير باولو سيليست، فى ختام الاجتماع الرابع والعشرين للأطراف المتعاقدة في اتفاقية برشلونة وبروتوكولاتها الذي استضافته مصر مؤخرا، إن ما يواجهه بيت الدلافين فى مرسى علم هو خطر مزدوج وأزمة بيئية عالمية تتجلى في تداعيات الاحتباس الحراري وابيضاض الشعاب المرجانية التي تقوّض التنوع البيولوجي، يقابلها ضغط محلي متزايد يتمثل في التدفق العشوائي للقوارب والأنشطة السياحية، ما يضع الدلافين والنظام البيئي برمته على حافة الانهيار.
وأشار إلى تقرير بيئي للمؤسسة رصد تحول بيت الدلافين فى مرسى علم إلى ساحة فوضوية، حيث عشرات القوارب والزوارق المطاطية تحاصر الحيوانات يوميًا وسط ضجيج محركات لا ينقطع وسياح يطاردون حلم السباحة معها.
وأضاف التقرير أن المنطقة تحولت من محمية طبيعية إلى ما يشبه «ميدان التحرير» في أوقات الذروة، ما يمنع الدلافين من الراحة أو التكاثر، مشيرا غلى أن الأمر تجاوز حدود البيئة ليصل إلى الاقتصاد، حيث يعيش المجتمع المحلي على وجود الدلافين فى المنطقة كأساس للجذب السياحي، وإذا استمر هذا الضغط، ستغادر الحيوانات بحثًا عن الهدوء، وحينها سينهار الاقتصاد السياحي بالمنطقة.

تم نسخ الرابط