و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

خبراء يوضحون تداعيات التشعيل

بعد افتتاح سد النهضة.. أول تحرك مصري لحماية الحقوق المائية بنهر النيل

موقع الصفحة الأولى

تم افتتاح سد النهضة الإثيوبي اليوم، الذي يفتح الباب أمام إثيوبيا لتوليد الطاقة الكهرومائية ومضاعفة انتاجها من الطاقة، لكنه في ذات الوقت يشكل تداعيات سلبية على مصر والسودان حول آثار السد السلبية على تدفق مياه نهر النيل إليهما.

سد النهضة ، الذي تم افتتاحه اليوم، استغرق بناؤه 14 عاما، ويعتبر سد النهضة أكبر سد في أفريقيا، يبلغ عرضه 1800 متر، وارتفاعه 175 مترا، ويمكنه حجز ما يصل إلى 74 مليار متر مكعب من المياه في خزان يغطي مساحة أكبر من مساحة مدينة لندن.

سد النهضة بني على روافد نهر النيل الرئيسية، ويولد طاقة كهرومائية متجددة منذ أوائل عام 2022، إذ بدأ التشغيل الأولي للسد قبل نحو ثلاثة أعوام بتشغيل التوربين الأول لتوليد الطاقة الكهربائية، ومن ثم تم تشغيل توربين ثانٍ بعد أشهر قليلة.

وخلال الشهر الماضي قال الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مع الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني،: "لسنا ضد التنمية لدى أشقائنا، ولكننا نتحدث عن 85 مليار متر مكعب من المياه، أي ما يعادل 4% فقط، تصلنا نحن والسودان من الإجمالي البالغ 1600 مليار متر مكعب من كميات الأمطار التي تسقط على حوض النيل، وليس لدينا موارد مياه أخرى. ولا يتصور أحد أننا يمكن أن نتخلى عن حصتنا أو جزء منها، وإلا فإننا نتخلى عن حياتنا".

أضاف: "المصريون لديهم قلق شديد من مسألة المياه، وهذا الملف جزء من حملة الضغوط على مصر لتحقيق أهداف أخرى. ولن نسمح أبدا المساس بالمياه التي يعيش عليها 105 ملايين مصري، وحوالي 10 ملايين من الضيوف (اللاجئين)".

من جانبه يرى الباحث الألماني في في جامعة هايدلبرج توبياس زومبراجل أن عقبات التوصل إلى اتفاق بين دول حوض النيل، أن تقرر دول المنبع ومنها إثيوبيا استهلاك المزيد من مياه النهر، وهو ما لا ترغب فيه مصر، وستحاول منع إثيوبيا من استهلاك كميات إضافية من المياه. ومن جانب آخر، لن توافق إثيوبيا على أي اقتراح سيقيد استخداماتها المستقبلية لمياه نهر النيل. 

من جانبه، قال وزير الخارجية بدر عبد العاطي، في تصريحات سابقة، إن الحقوق المائية لمصر خط أحمر، مشيراً إلى توقف المفاوضات مع إثيوبيا بسبب المراوغة والتفاوض بسوء نية من الطرف الآخر، حيث ظلت مصر تتفاوض لأكثر من 13 عاماً دون التوصل إلى شيء، وتم استغلال هذه المفاوضات في فرض أمر واقع على الأرض من خلال بناء هذا السد.

من جهته، رفض وزير الري هاني سويلم بشكل قاطع سياسة إثيوبيا في فرض الأمر الواقع من خلال إجراءات أحادية تتعلق بنهر النيل. وقال في يوليو الماضي: "إثيوبيا دأبت على الترويج لاكتمال بناء السد -غير الشرعي والمخالف للقانون الدولي- رغم عدم التوصل إلى اتفاق ملزم مع دولتي المصب".

رد فعل مصر 

وفي أول رد فعل من جانب مصر عن افتتاح سد النهضة، وجّهت مصر ممثلة في وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبدالعاطي، اليوم الثلاثاء، خطابًا إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إثر التطورات الأخيرة في النيل الأزرق وتنظيم إثيوبيا لفعالية للإعلان عن انتهاء وتشغيل سدها المخالف للقانون الدولي، بحسب بيان صادر عن الخارجية المصرية.

وأكدت مصر في الخطاب، أنها لن تسمح للمساعي الاثيوبية للهيمنة على إدارة الموارد المائية بصورة أحادية، وتحتفظ بحقها في اتخاذ كل التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن المصالح الوجودية لشعبها.

وأشار وزير الخارجية المصري، في الخطاب، إلى أنه رغم كل المساعي الواهية لمنح السد الإثيوبي غطاء زائفًا من القبول والشرعية فإن السد يظل إجراء أحاديًا مخالفًا للقانون والأعراف الدولية ولا ينتج عنه أية تبعات من شأنها التأثير على النظام القانوني الحاكم لحوض النيل الشرقي طبقًا للقانون الدولي، فضلًا عما تمثله التصرفات الإثيوبية الأخيرة من خرق جديد يضاف إلى قائمة طويلة من الانتهاكات الإثيوبية للقانون الدولي، بما في ذلك البيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر 2021.

ونوه "عبدالعاطي" بأن مصر لديها موقف ثابت في رفض جميع الإجراءات الأحادية الإثيوبية في نهر النيل وعدم الاعتداد بها أو القبول بتبعاتها على المصالح الوجودية لشعوب دولتي المصب مصر والسودان.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية تميم خلاف لوكالة "رويترز"، إن القاهرة ستواصل مراقبة التطوّرات على النيل الأزرق عن كثب، وممارسة حقها في اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة للدفاع عن مصالح الشعب المصري وحمايتها. 

بينما يرى الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيلوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن منسوب سد النهضة وصل إلى السعة القصوى عند منسوب 640 م، إجمالى 64 مليار م3، ونظرا لعدم قدرة التوربينات على إمرار الايراد اليومى الخالى 400 مليون م3 مع عدم فتح بوابات المفيض العلوى، فكان فيض المياه من أعلى مفيض  الممر الأوسط (بدون بوابات)، وبالتالى كمية الايراد اليومى موزعة بين التوربينات والممر الأوسط، قد لايستمر كثيرا مرور المياه من الممر الأوسط بعد أن تمت تجربته، ويتم فتح بوابه أو إثنين مع التوربينات. 

وأضاف شراقي: فى جميع الأحوال مياه سد النهصة بدأت منذ أيام فى الوصول إلى السد العالى دون النظر عن طريقة خروجها من السد سواء توربينات أو بوابات مفيض أو من أعلى السد، مؤكدا أن الإيراد لمصر كامل هذا العام. 

ويرى السفير صلاح حليمة عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن مصر أمامها 3 خيارات للتحرك مع انتهاء بناء السد، وهي تعزيز الضغط على أديس أبابا لدفعها نحو التوقيع على اتفاق قانوني ملزم بشأن تشغيل السد، والقبول بتدخل وسيط دولي قد يكون الولايات المتحدة للتوصل إلى حل، أو الاتجاه إلى مجلس الأمن لإصدار قرارات إدانة لإثيوبيا وفقاً للفصلين السادس والسابع

وأوضح أن "الفصل السادس" من ميثاق الأمم المتحدة بـالتسوية السلمية للمنازعات، ويلزم الدول بالبحث عن حلول سلمية مثل التفاوض والوساطة، ويسمح بـتوصيات فقط دون إكراه، وفي المقابل يمنح "الفصل السابع" مجلس الأمن سلطة اتخاذ إجراءات قسرية، عسكرية وغير عسكرية، لحفظ السلم والأمن الدوليين.

وأوضح حليمة أن القاهرة رحبت بمبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتوصل إلى تسوية سياسية، شريطة ألا يكون ذلك في مقابل تدفعه في قضايا أخرى، وفي تلك الحالة ستكون الوساطة مرفوضة، وفق حليمة.

وأشار إلى أن الاتجاه لـ"مجلس الأمن" قد يكون بغية طرح ما تسببه عملية تشغيل السد دون اتفاق قانوني من أخطار جسيمة على دولتي المصب، وإرغام إثيوبيا نحو التوقيع على الاتفاق.

تم نسخ الرابط