و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

ما تسيبوا القمر يتهنى

خسوف القمر .. حواديت من التراث الشعبي على دقات الطبول وقرع الأوانى

موقع الصفحة الأولى

شهد سكان معظم دول العالم، خسوف القمر بالعين المجردة على مدى ساعات الليل، فيما يعرف علميا بظاهرة القمر الدموي، حيث تصطف الأجرام الثلاثة «الشمس والأرض والقمر» بينما يمر القمر عبر الجزء الداخلي من ظل الأرض المعروف باسم الظل ويقع هذا الخسوف قبل حوالي يومين من وصول القمر إلى نقطة الحضيض «أقرب مسافة له من الأرض» ما يجعل حجمه الظاهري عند ذروة الخسوف أكبر بنحو 3.2% مقارنة بالمتوسط. 
ولأن التفسير العلمي لم يكن موجودا قبل قرنين من الزمان، ارتبطت ظاهرة خسوف القمر بعدة أساطير في أذهان الشعوب منذ قديم الأزل، بين كونه مخنوقا  أوأسيرًا أو غاضبا أو تعرض للهجوم من قبل بعض الأرواح الشريرة، لكن اشتركت معظم الشعوب فى ضرورة دق الطبول أو قرع الصفيح لتحرير القمر وإعادة الحياه له.

لدى المصريين تفسير عفوي لظاهرة الخسوف، إذ يعتقدون أن القمر حبيس تغير لونه إلى الأحمر نتاج الغضب، وتعددت الروايات حول ارتباط أسطورة القمر الحبيس بالحضارة الفرعونية حيث الإلهين الخصمين«حور» و«ست»، التي تحكي أن حور كلما أراد أن يهوي بخصمه قذف به إلى الأرض وأمسك رقبته حتى يتغير لونه للأحمر.
الظاهرة التي اعتبرها عوام المصريين نذير شؤم، جعلتهم يطلقون الأهازيج اعتقادا منهم بأنها ستساعد في تحرير القمر، إذ يخرج الأطفال بالطبول لينشدوا بعض الأهازيج الشعبية مثل: «يا بنات حور الجنة ما تسيبوا القمر يتهنى» أو « يا سى محمد يا عمر فك خنقة القمر» وهو الهتاف الذى يستنجد به العامة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن ورائه سيدنا عمر بن الخطاب.
و أصبحت الظاهرة الفلكية المعروفة بـ خسوف القمر مناسبة اجتماعية، يخرج فيها الرجال والنساء والأطفال، وهم يطرقون فوق الصبول أو الأواني النحاسية، لإبعاد تلك الأرواح الشريرة .

القمر المخنوق

وبحسب علماء المصريات، فإن الفلكيين في مصر الفرعونية، عرفوا الدورة القمرية العظيمة «ساروس»، وذكروا ظاهرة خسوف القمر أو القمر الدموي، ووثقوها على جدران المعابد، لافتين إلى أن تحول القمر للون الأحمر هو دم ناجم عن قتل أوزيريس على يد أخيه الشرير ست.
وفى الحضارة البابلية، اعتقد العراقيون أن خسوف القمر أو القمر المخنوق يعد هجومًا من قبل شياطين أو أرواح شريرة، تابعة لإله الظلام والموت، على القمر لحجب ضوئه، مما يستلزم تقديم القرابين، والتضرع بالصلاة، حتى ينتصر القمر ويظهر مضيئًا مرة أخرى.
وتقترب الأسطورة الصينية كثيرًا من الأسطورة المصرية، حيث يعتقد الصينيون أن الخسوف يعتبر هجومًا من قبل بعض الحيوانات المفترسة على معبودهم «القمر» الذي يتخذ من اللون الأحمر لونًا للغضب والدفاع عن النفس، في مواجهة أعداءه.
فكان بعضهم يعتقد قديمًا أن التنين السماوي يهاجم القمر محاولًا إلتهامه، لذا يخرج بعضهم للقرع بالطبول والأجراس لترهيب التنين وإجباره على إخراج القمر من جوفه. 
وفى أمريكا الجنوبية، يعتقد شعب الإنكا الذى ينتشر فى معظم دول القارة أن نمرًا هاجم القمر محاولُا التهامه، لذا فإن ظاهرة الخسوف هي نذير رعب، لأنه في حال تغلب النمر على القمر وتمكن من التهامه، سينزل على الأرض ليلتهم أهلها؛ ولذلك كانوا يخرجون للطرقات يقرعون الطبول ويضربون الكلاب من أجل دفعها للنباح والعواء من لإخافة هذا النمر وإبعاده عن القمر.

أما قبائل «باتاماليبا» في توجو وبنين بأفريقيا فقد أخذوا ظاهرة خسوف القمر بإيجابية، واعتقدا أنه صراع ينشأ كل فترة بين الشمس والقمر، بسبب عداء قديم بينهما، وهو ما يستدعى نبذ الخلافات والعداوات بين القبائل.

تم نسخ الرابط