النقابة تؤكد هروب الاستثمار الطبي
بعد واقعة عبير الأباصيري.. خناقة «الصحة» والمرضى حول مجانية العلاج بالمستشفيات

حالة من النشاط المكثف تعيشها وزارة الصحة، بعد واقعة وفاة الإعلامية عبير الأباصيري، حيث صدر قرار بإغلاق مستشفى بمدينة نصر، كما تم إحالة طاقم استقبال خاص بمستشفى حكومي الى التحقيق بسبب عطل الأجهزة وتكدس المرضى.
نشاط وزارة الصحة تأتي عقب موجة من الغضب والنقاشات الحادة حول واقع الرعاية الطبية في أقسام الطوارئ بالمستشفيات المصرية، بعد أن توفيت الإعلامية عبير الأباصيري إثر إصابتها بجلطة دماغية، وسط اتهامات بالتقصير الطبي داخل مستشفى حكومي بالجيزة.
منصات التواصل الاجتماعي أظهرت أن الأباصيري (54 سنة)، نقلت ، إلى مستشفى الهرم التخصصي وهي في حالة حرجة، حيث تم تشخيص حالتها بإصابتها بجلطة، إلا أنه طلب منها ومن مرافقها دفع مبلغ 1400 جنيه لإذابة الجلطة وبداية العلاج، ولأن المبلغ لم يكن متوافراً، ظلت لساعات في قسم الاستقبال دون تدخل طبي عاجل، قبل أن تدخل في غيبوبة انتهت بوفاتها. وفق روايات سوشيالية.
وأمام تصاعد حدة الغضب، قالت وزارة الصحة والسكان، في بيان لها ، إنها تابعت باهتمام بالغ ما تم تداوله مؤخراً عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن وجود تقصير مزعوم في التعامل مع الحالة الصحية للإعلامية بمستشفى الهرم التخصصي، مع ادعاءات بتأخير تقديم الخدمة الطبية لحين دفع مبلغ مالي، مما أدى إلى وفاتها.
وبناء على التحقيق في الواقعة، اتضح أن المريضة وصلت إلى قسم الطوارئ بمستشفى الهرم التخصصي، وكانت تعاني من اضطراب في الوعي، ونقص في نسبة الأكسجين، وهبوط حاد في الدورة الدموية، وفور وصولها، تم وضعها على جهاز الأكسجين، وأجريت لها الفحوصات الطبية اللازمة، بما في ذلك أشعة مقطعية على المخ والصدر، والتي أظهرت عدم وجود جلطة بالمخ، كما تم وضعها على جهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي (CPAP) لدعم التنفس، ومع استمرار تدهور حالتها، تم نقلها إلى جهاز تنفس صناعي مع إعطائها أدوية داعمة للدورة الدموية.
وحول الادعاءات المتعلقة بالمطالبات المالية، أكدت الوزارة أن جميع الخدمات الطبية المقدمة للمريضة كانت مجانية بالكامل، لكونها حالة طارئة، ولم يتم تحصيل أي رسوم مقابل الخدمات الطبية، وفيما يتعلق بمبلغ الـ1400 جنيه، فهي قيمة أفلام الأشعة التي طلب مرافق المريضة أخذها واختار المرافق، تصويرها بدلاً من طباعتها، ومن ثمّ لم يتم دفع أي مبالغ مالية.
وبمراجعة موقف الحالة مع المستشفى الخاص الذي نُقلت إليه، تبين أن المريضة تعرضت لتوقف في القلب في أثناء النقل بسيارة الإسعاف الحكومية المجهزة بجهاز تنفس صناعي، وقام الطبيب المرافق بإنعاش القلب فوراً، واستكملت إجراءات الإنعاش فور وصولها إلى العناية المركزة بالمستشفى الخاص في الساعة 3:00 فجراً، ورغم الجهود الطبية المبذولة، توفيت المريضة لاحقاً، ولم يتم تحصيل أي مبالغ مالية من الأسرة بناءً على التنسيق مع جهة عملها.
وأكدت الوزارة التزامها بتقديم الرعاية الطبية اللازمة لجميع المرضى، خصوصاً في الحالات الطارئة، داعية وسائل الإعلام إلى التحري الدقيق قبل نشر المعلومات.
ومع تداول الواقعة، أجرى الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء وزير الصحة والسكان، زيارة غير مُعلنة إلى مستشفى الهرم التخصصي، حيث تفقّد أقسام المستشفى المختلفة ووقف على أبرز التحديات التي تواجه سير العمل.

وشدد على أن طلب دفع رسوم من أي مستشفى بوصفه شرطاً لتلقي العلاج الطارئ، يعد انتهاكاً صارخاً لحق المواطن القانوني، مناشداً من يتعرض لهذا الموقف بعدم التردد في الاتصال فوراً بالخط الساخن للوزارة (105) لتقديم بيانات المستشفى وتفاصيل الواقعة، وسيتم التعامل بكل جدية وسرعة مع الشكوى، وفي حال ثبوت المخالفة، ستتخذ وزارة الصحة والسكان إجراءات قاسية وحازمة فورية.
وأوضح الوزير أن الإجراءات المشار إليها تشمل الإغلاق الفوري دون إنذار مسبق للمستشفيات الخاصة، وإحالة المتسبب للتحقيق الفوري في المستشفيات الحكومية مع اتخاذ جميع الإجراءات العقابية اللازمة.
وقال عبد الغفار: "حق المواطن في العلاج الطارئ مقدس، ووزارة الصحة تقف بكل قوة لحماية هذا الحق، وثق أننا معك لضمان عدالة صحية لكل مواطن".
تكذيب الوزير
لكن هذا البيان تعرض لانتقادات من متابعين عبر "السوشيال ميديا" قالوا إن "مجانية العلاج في أقسام الطوارئ غير مفعلة تماماً خصوصاً المستشفيات الخاصة"، وانتقدوا أسلوب العلاج بأقسام الطوارئ وعدم التعامل السريع مع الحالات الحرجة، وطالبوا بتحسين البنية التحتية لأقسام الطوارئ وتسهيل إجراءات العلاج وتدريب الكوادر الطبية.
إلى ذلك، انتقدت نقابة الأطباء قرار وزارة الصحة الأخير، واصفة إياه بـ"غير المنطقي»، لا سيما فيما يتعلق بإجبار المستشفيات الخاصة على تقديم خدمات مجانية لبعض الحالات.
وأكد الأمين العام المساعد للنقابة، الدكتور خالد أمين، أن القرار لم يتم التنسيق فيه مع النقابة، مشيراً إلى أنه "يأتي ضد فكرة الاستثمار في القطاع الطبي".
وقال أمين: كيف يُجبر مستثمر على تقديم خدمة مجانية دون وجود جهة محددة تتحمل تكلفة هذه الخدمة؟، مشيرا إلى أن هذا التوجه قد يؤدي إلى عزوف المستثمرين عن قطاع الرعاية الصحية، خصوصاً في ظل عدم وجود آليات واضحة تضمن استرداد تكلفة الخدمة، مما يهدد استمرارية هذه المؤسسات.
كما شكك أمين في قدرة المستشفيات الحكومية على استيعاب جميع حالات الطوارئ وتقديم الخدمات لجميع المرضى، مؤكداً أنها غير مستعدة بشكل كامل.
وأضاف: نحن بحاجة إلى آليات حقيقية لضمان استمرارية الخدمة الصحية للمواطن، وعدم خلق فوضى تؤدي إلى نتائج عكسية.