عوامل تسببت في صعود "الأخضر"
من 5 إلى 50 جنيه.. قصة صراع الجنيه والدولار خلال 15 عاما

يظل الدولار هو أحد أبرز العوامل المؤثرة على الوضع الاقتصادي في مصر خلال السنوات السابقة خاصة منذ اندلاع ثورة يناير، مع تتابع السنوات كانت ومازالت الحكومة ترى أن توافر العملة الصعبة "الدولار" هو أبرز مؤشرات تحسن أدائها اقتصاديا ورمزا للاستقرار الاقتصادي.
ويظل الصراع بين الدولار والجنيه أشبه بالمسلسل الدرامي الذي بدأ منذ أربعينيات القرن الماضي حين كان يساوي الجنيه الواحد خمس دولارات، وصولا إلى تجاوز الدولار رسميا أكثر من 50 جنيها في السنوات الأخيرة قبيل صفقة رأس الحكمة في 2024 التي أنقذت حكومة مصطفى مدبولي حتى كسر الحاجز مؤخرا بوصوله إلى 48.6 جنيه.
في عام 2011، كان سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري يتراوح بين 5.80 إلى 6.00 جنيه مصري لكل دولار في بداية العام، ارتفع تدريجيًا إلى حوالي 6.05 جنيه.
وعقب ثورة 25 يناير 2011، بدأ سعر الدولار في الارتفاع تدريجيًا أمام الجنيه المصري بسبب، انخفاض احتياطي النقد الأجنبي، و تراجع السياحة والاستثمارات و زيادة الطلب على الدولار مقابل قلة المعروض.
والزيادة كانت تدريجية وليست حادة، لأن البنك المركزي المصري تدخل للحفاظ على استقرار السعر نسبيًا خلال تلك المرحلة.
وبدأت الأحداث السياسية تتداعى عقب ثورة يناير، ليتحرك السعر الرسمي من نحو 5.8 جنيه مقابل الدولار إلى نحو سبعة جنيهات في 2013.
وحافظ البنك المركزي على أسلوب التعويم المدار الذي يعني السماح بتحريك سعر الصرف بقرارات مركزية، ليدور سعر الدولار حلول 7.7 جنيه خلال عامي 2014 و2015، في حين ازدهرت السوق الموازية التي سجلت سعراً أعلى، مما فاقم نقص الدولار لدى المستوردين.
وفي مارس 2016 خفض البنك المركزي المصري سعر الدولار رسمياً إلى 8.85 جنيه، في خطوة اعتبرت آنذاك تمهيداً لتحريرٍ أوسع، وأعلن البنك المركزي في نوفمبر 2016 تعويم الجنيه في إطار برنامج إصلاح اقتصادي مرتبط بقرض من صندوق النقد الدولي، وخفض البنك المركزي قيمة الجنيه بنحو 32 % ليصل سعر الدولار إلى 13 جنيهاً، تبعه تراجع في السعر إلى نطاق 16 - 18 جنيها قبل أن يستقر في حدود 15 جنيها، و تسببت تلك الخطوة في تخفيف الضغوط على النقد الأجنبي، تزامناً مع ارتفاع التضخم وزيادة تكلفة المعيشة.
كما استقر سعر الدولار أمام الجنية طويلا في نطاق 15 جنيها أو أكثر قليلاً مقابل الدولار الواحد، مع تحسّن تدفقات النقد الأجنبي.
جائحة كورونا
وخلال عامي 2020 و2021، ورغم جائحة كورونا "كوفيد-19"، حافظ الجنيه على مستوى يدور حول 15.6 – 16.2 جنيه للدولار، لكن بعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية وتداعياتها العالمية، من ارتفاع تكلفة واردات القامة والطاقة، أخرج "الأموال الساخنة" من مصر، مما دفع إلى تخفيض جديد لقيمة الجنيه عام 2022، ليصل سعر الدولار في مارس إلى 18.2، قبل أن تعلن مصر انخفاضا آخر في أكتوبر من العام ذاته في إطار اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، ليقفز السعر الرسمي وقتها إلى نحو 23 - 24 جنيهاً للدولار.
و استمرت رحلة الهبوط، وفي يناير 2023 تراجع إلى ما دون 32 جنيه للدولار، قبل أن يرتد إلى ما حول 30 و31، وهذا المستوى حاول البنك المركزي المصري الحفاظ عليه لما يزيد على سنة، الأمر الذي دفع إلى أزمة في توفير النقد الأجنبي أدت إلى ازدهار (السوق السوداء) التي تجاوز سعر الدولار فيها في بعض الأحيان حاجز الـ70 جنيهاً.

لكن بعد نشاط السوق السوداء، فرضت الحكومة قيودا على التعامل بالنقد الأجنبي للأفراد والشركات، وتحت ضغط شحّ الدولار، والتزامات برنامج صندوق النقد الدولي، حرّر البنك المركزي المصري سعر الصرف معلناً اعتماد سعر صرف مرن، تزامناً مع رفع الفائدة 600 نقطة أساس دفعة واحدة.
هنا قفز الدولار مرة أخرى من نحو 30.85 إلى ما فوق 50 جنيهاً قبل أن يتراجع سعر الدولار قليلاً في اليوم نفسه إلى 49.4 جنيه.
وإثر هذه القرارات زادت قيمة قرض صندوق النقد الدولي إلى 8 مليارات دولار، لتتقلّص الضغوط على النقد الأجنبي، ويستمر استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار في حدود 48 و49 جنيهاً للدولار، ويتراجع التضخم.