
في أوبريت الليلة الكبيرة للشاعر صلاح جاهين وألحان سيد مكاوي، كان هناك مقطع غنائي يقول (أنا شجيع السيما... أبو شنب بريمة... اول ما قول "هالي هوب" واصرخ لي صرخة السبع يتكهرب ويبقى فرخه!
ذلك هو حال إسرائيل أمام الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، فلاهي تحترم القوانين الدولية وأعرافها، ولا تبالي بأحكام محكمة العدل الدولية أعتى المحاكم في الدنيا.. هي تقتل وتنتهك سيادة دول مثل لبنان أكثر من خمس مرات يومياً، وبات الشعب اللبناني يؤدي أكثر من 6 صلوات يومياً، خمس فرضها المولى عز وجل، والسادسة صلاة الجنازة التي فرضها الاحتلال بشكل يومي إسرائيل تغتصب سماء دولتين على أقل تقدير لقصف اليمن، رداً على الحصار البحري الذي فرضته صنعاء، باستهداف السفن المتوجهة لموانئ الاحتلال تضامنا مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
إسرائيل انتهكت شرف سوريا منذ سقوط نظام الأسد، في الثامن من ديسمبر 2024، وتكاد تكون قد احتلت محافظات الجنوب (القنيطرة، والسويداء، ودرعا، إلى جانب الجولان) وأبادت الجيش العربي السوري، وقضت على مقدراته العسكرية، حتى البحث العلمي والعسكري ومصلحة الأحوال المدنية التي هي ذاكرة الدولة قضي عليها أما فلسطين المنكوبة فحدث ولا حرج، لا تبكي ولا تضحك، تحجرت الدموع في المقل، وتصلبت الضحكة في الحناجر، وتوقف الوصف عن رصد الأحداث فالصورة الواقعية التي صاغها مخرج الواقعية المصرية الراحل صلاح أبو سيف، لا ترتقي لواقعية غزة والضفة الغربية.
إسرائيل اعتدت على حرمة سماء العراق والسعودية والأردن، ولا ندري هل هناك انتهاكات أخرى أم لا، فمثل تلك الانتهاكات لا يتم الحديث عنها حفاظاً على شرف السماء والسيادة، لتصل إلى طهران، لتغتال علماء وقادة عسكريين في غرف نومهم، واستهدفت المحطات النووية، وإن كانت إيران قد ردت الاغتصاب باغتصاب مماثل، وانتهاك بانتهاك.
كل تلك الانتهاكات، وعمليات اغتصاب السيادة تتم والأمم المتحدة والمنظمات الدولية تمصمص الشفاه، وتعلمت من الأنظمة العربية إصدار بيانات إدانة وشجب، وإلقاء خطب عنترية تشبه البمبه، لإثبات الوجود، وتهدئة شعوبها الساخطة على الجرائم الإسرائيلية الأمريكية فيما يقف ترامب حاملا الرق و"النتن ياهو" بالصاجات، مغنيين معاً "ورينا القوة.. يابني انته وهوه.. مين عنده مروة.. وعاملي فتوه.. يقدر بقداره ويفرقع بمبه"..
مع الآسف لا يوجد فتوة، والأمم المتحدة بلا مروة، والأنظمة العربية والإسلامية لا تملك البمبه، هي مثل شجيع السيما، الذي يتفاخر بقوته ثم يهرب عند الجد، لكنه في حالة الكلام لا مثيل له فهو ثائر جبار، ومعارض مغوار، أمام شاشات التلفاز، والاجتماعات الدولية وسماعات الراديو.
عموماً عثرت فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وألمانيا، وبعض دول أوروبا على حبوب الشجاعة لدى صاحب محل الأخلاق، وقررت اتخاذ موقف ضد شجيع الليلة الكبيرة، وقررت الاعتراف بدولة فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه، التي اغتصبت منه بفضل الأوروبيين.
لكن المهم هنا، أن الست الأمم المتحدة بجلالة قدرها، سمحت لفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وأمريكا، بغزو ليبيا لحماية حقوق الإنسان من الجبار العقيد معمر القذافي، ومن قبل قررت الست أيضاً السماح لأمريكا وبريطانيا بقيادة غزو العراق، لتدمير النووي العراقي، وإنقاذ الإنسانية العراقية وتحرير العراق من الظالم صدام حسين، وقد تم ذلك بموافقة جامعة الدول العربية، وبالتالي يصبح السؤال لماذا لا تفعل السيدة الفاضلة الأمم المتحدة وشقيقتها مجلس الأمن باتخاذ مثل ذلك القرار ضد إسرائيل في الضفة الغربية وغزة(؟) وما الذي يمنع (؟!) هل تحتاجون للسيد عمرو موسى ليتخذ القرار العربي كما فعل من قبل (؟!).
زعماء العالم الأوروبي
يا سادة.. قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، الذين يتزعمون العالم الأوروبي تلك الأيام، هم يتوضؤون بالماء المنزل من صنابير البيت الأبيض، ويؤدون صلاة التسامح أمام حائط المبكى، خلف أئمة الرحمة في واشنطن وتل أبيب، ويقيمون صلاة الاستخارة الصهيونية، تلك الدول التي أرسلت قواتها من قبل للعراق وليبيا برعاية الأمم المتحدة لتدميرهما بحجة حماية حقوق الإنسان، والحفاظ على أمن منطقة الشرق الأوسط، لماذا لا يتحركون ضد إسرائيل، وهم يحملون رسائل الغفران وصكوك المغفرة.. تلك الدول أيدت إسرائيل في بداية حرب الإبادة والتجويع للشعب الفلسطيني، بدعوى حق الدفاع عن النفس أمام المقاومة المطالبة بتحرير أرضها من الاحتلال، ما الذي حرك إنسانيتها الآن(؟) قطعاً ليست الإنسانية فأين كانت منذ 2023، هم تحركوا بسبب مظاهرات شعبوهم، المنددة بتأييدهم المطلق لإسرائيل، وأيضاً ممارسة ضغوط على ترامب فيما يخص أوكرانيا وتهديده بالانسحاب من مساندتها أمام روسيا، إذن دعم الشعب الفلسطيني مراوغة سياسية، بدليل أن رئيس الوزراء البريطاني قال إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية مرهون بوقف الحرب وتجويع الشعب الفلسطيني في غزة، ووقف الأعمال الاستيطانية بالضفة الغربية، وتسليم حماس للرهائن وسلاحها.. وكلا تلك الأمور لن تتم.
اليوم تقف الأمم المتحدة متصلبة الشرايين، مشلولة الحركة أمام دعم بابا العالم الولايات المتحدة الأمريكية وحراس جنة صهيون"فرنسا وألمانيا وبريطانيا" التي تؤيد إبادة الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، وتهجيره من أرضه إلى مصر، تلك العاصية المارقة التي ترفض ذلك، وترفض نصرة الإنسانية في غزة وتستقبل أهلها في سيناء، لذلك وجب تشويه صورتها وتضليل الحقيقة، بدعم لوجستي إسرائيلي أمريكي تركي إبراهيمي..
ويبقى العيب عيب الأنظمة العربية، خاصة الإبراهيمية منها، التي باعت العراق وليبيا لأمريكا وبريطانيا وتركيا، وسلمت سوريا لتنظيم إرهابي ولتركيا وإسرائيل وأمريكا، وها هي تتأمر على السودان لتسليمها لعصابة قطاع الطرق "الجنجويد" المعروفة إعلاميا بالدعم السريع، وبددت اليمن وأهله، وتتأمر على لبنان ومقاومته، ولا تترك فلسطين أيضاً، وتسعى خلف مصر.
وكما قال شاعر وملحن الصمود العربي زياد رحباني في أغنية "خلصوا الأغاني" التي كتبها ولحنها وأهداها للجنوب والمقاومة اللبنانية:
*خلصوا الأغاني هني ويغنوا ع الجنوب
خلصوا القصايد هني ويصفوا ع الجنوب
ولا الشهدا قِلّوا ولا الشهدا زادوا
وإذا واقف الجنوب واقف بولادو
خلصوا القضايا هني ويردوها ع الجنوب
كسروا المنابر هني ويعدّوا ع الجنوب*